الأثر الخفي في تحسين جودة حياتك

بواسطة مريم الهاجري #العدد 53 عرض في المتصفح
(نحن نبحث عن السعادة.. نريد أن نستشعرها.. نريد أن نمتنَّ) مريم الهاجري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أهلًا وسهلًا بمشتركي عمق الكرام.

لو قلت لكم أن عدد اليوم سيكون مختلفًا ☺️ هل تحبون الاختلاف، أم أنكم من النمطيين؟ بالنسبة لي أنا نمطية وأحب الثبات! ولكن الاختلاف يعني لي تجربة جديدة.. ماذا عنكم.. من أي الفريقين أنتم؟

صورة لطيور محلقة في غابة من بنترست

صورة لطيور محلقة في غابة من بنترست

الجمعة الماضي اقتربت من المزرعة صباحًا.. يااه.. ما أجمل أجواء فبراير.. لو كانت كل السنة فبراير 😍 تناغم عجيب بين أجواء الصباح وزقزقة العصافير.. هل يليق ان أقول أنها كانت مزعجة 🙃 كان عددها كثيرًا، وكلها تغني، ولك أن تتخيل تلك السمفونيه العجيبة! ومع ذلك استغربت أنها لم تزعجني.. في الحقيقة أني سعدتُ بها.. وطبعًا لن أقول أنني ممتنة لها، أو أنها صنعتْ يومي! فهي طيور لم تقصد إفادتي قطعًا. وإنما كان امتناني لله الذي سخرها لتسعدني، ويسّر لي أن أسعد، واستشعار نعمة السعادة، ونعمة تسخير هذه الطيور لي.

الامتنان بابٌ عظيم من أبواب السعادة والتوازن النفسي؛ وهو بالأصل أن ترى نعمة الله عليك في تهيئة أو تسخير (شخص ما، أمر ما، شيء ما، أو ظرف ما، حيوان أو طير) لينفعك ويُسعدك، أو يُبعد عنك خطرًا، أو يُزيل عنك أذى، قصد لذلك أم لم يقصد. فكل شيء بقَدَرِ الله، ولو تأملنا في يومنا لعجزنا عن إحصاء نعم الله علينا، أبسطها هذا الورق الذي أكتب عليه الآن، وهذا البريد الذي تقرأه، وقلمي الذي خطَّ، وعقلي الذي فكر، والطابعة التي طبعت لي الخريطة الذهنية للموضوع، واللحظات قبل شهر حينما أعددت تلك الخريطة... أرأيت.. كم سطرًا كتبت لنَعُدَّ جزءً من نعمةٍ واحدة؟!

والآن أنا سعيدة مبتسمة لمجرد تذكري هذه النعم 🤩

توقف عن القراءة الآن وجرّب مثلي:

عيناك اللتان تقرآن، والوقت الذي تقرأ فيه الآن، وأصبعك الذي يُحرك الشاشة، وعقلك الذي يفهم،  والجهاز الذي تملك، والبريد الذي وصلتك عليه النشرة وووو

ما هي مشاعرك الآن..

هل أنت ممتن لرب العالمين الذي سخرني لكتابة هذه الكلمات التي ذكّرَتكَ أن تشكره؟

نسمع كثيرًا عن الامتنان.. واليوم سأكتب لك عنه بأبسط تعبير بعيدًا عن تعقيدات الكتب والمواقع.. فالبساطة حلوة. وبحول الله سنتناول:

  1. مفهوم الامتنان
  2. فوائد الامتنان
  3. كيف تمارس الامتنان

مفهوم الامتنان

الامتنان هو الاعتراف بالنعم التي تحيط بنا، وتحفُّنا، ورؤيتها واستشعار وجودها، وشكر الله عليها، إذ بالشكر تدوم النعم.

فالنجاة من موت محقق، أو تغير جذري في الحياة كزواج، أو ولادة، أو وظيفة، أو إرث يُنسي ما قبله من أيام، كل هذه نعم تستوجب الشكر.. وهي واضحة لمن هداه الله لرؤيتها.

ولكن شربة ما، القدرة على النوم، أو على الكلام، أو حتى على المشي، وكذا استنشاق الهواء بلا أجهزةٍ مساعدة، رؤية الأجواء الحلوة، تناول الوجبات بسرعة، هذه نعم صغيرة.. هل استشعرناها في كل مرة! 

رؤية النعم الصغيرة وتقديرها وحمد الله عليها مثلها مثل الكبيرة هو ما يصنع الفرق.

فوائد الامتنان

الفوائد النفسية:.. 

1. شكرُ الله عبادة؛ ومن عَبَدَ الله حتمًا سيشعر بالسعادة، هذا كل ما في الأمر.. تريد أن تكون سعيدًا، تأمل نعم الله الصغيرة والكبيرة واشكر الله عليها.

2. ممارسة الامتنان باستمرار يقلل التوتر ويساعد على الاستشفاء من الاكتئاب؛ لأنك تنصرف عن التركيز على المساوئ التي تعيشها أو تتوهمها، إلى التركيز على المسرات الصغيرة والكبيرة.

الفوائد الاجتماعية

حينما تستشعر النعم، وتؤدي الشكر، وتمتنّ لمن أسدى إليك معروفًا أو خدمةً، فأنت تَخلقُ بيئةٍ إيجابية بامتياز، وقد يشارك الآخرون أجواءك، ويتأثرون بك؛ فالأشخاص صانعو البيئات الإيجابية محبوبون، ولديهم القدرة على جذب الآخرين وتكوين العلاقات الصحية.. إنهم ينشرون السعلدة.

ممارسة الامتنان

ربما أعجبك ما قرأته آنفًا.. وربما تعرف عن الامتنان أكثر مما كتبت لك.. وربما يدور في ذهنك هذا السؤال الذي يسأله الكثير غيرك: كيف لنا أن نُمارس الامتنان ونشعر بالسعادة؟ 

الأمر سهل، يتطلب منك أن تقرر، ثم تفعل! ولا ينفع أن تقرر فقط 🤚 قد تقول: أنك ما سألت إلا أنك قررت..

حسنًا.. لنبدأ الخطوات العملية إذًا:

تأمل فيما حولك.. حدّث نفسك عن كل النعم، أكبرها وأبسطها.. ثم اكتبها، جرّب أن تكتب يومياتك، ستجد أن فيها نعمًا شتى، وأمور ربما لم تلحظها قبل أن تكتبها. وإن كنت لا تملك الوقت لكتابة يومياتك كل يوم فلتكتفي بكتابة 10 عناصر تحت عنوان: (حققت النجاح اليوم لأني:) ولا يُسافر بك الخيال بعيدًا مصورًا لك النجاح أنه: إنهاء مسودة بحث، أو تسليم مشروع، أو مضاربة في الأسهم! لا.. وإن كانت هذه كلها نجاحات ملموسة إلا أن الموضوع أبسط مما تتصور. نحن نبحث عن السعادة.. نريد أن نستشعرها.. نريد أن نمتنَّ.. اكتب:

(حققت النجاح اليوم لأني:

  1. رددتُ أذكار الاستيقاظ فجرًا.
  2. صليت الفجر في وقتها.
  3. رتبتُ غرفتي.
  4. ابتسمت لأسرتي.. فأضفيت لمحات من السعادة على وجوههم الناعسة.
  5. أديتُ تماريني.
  6. أنجزت نصف عملي المجدول قبل الظهيرة.
  7. اتصلتُ بأمي (لأُسمعها صوتي الشجي 😉 والحقيقة لأَسمعَ صوتها العذب فيمسح كل آثار التعب).
  8. أنا سعيدة لأني أنهيت أهم أعمال هذا الشهر.
  9. إلخ.....)

طبعًا هذه قائمة إنجازات خيالية.. ولكن لكي تتضح الصورة.

ولأن الإنسان مدني بطبعه، فالامتنان للآخرين يُسعدك أنت، ويُشعرك بالتوازن النفسي قبل الآخرين.. إنه يخلق أجواءً من الألفة أنت بحاجتها. وابتسامة الآخرين لك فيها نوع من الرضا الذي يُعزّزُ تقديرك الذاتي لنفسك، وفي نفس الوقت يُضفي نفس الشعور على أرواحهم! إنه يُسعدهم، ويُشعرهم بتقديرك لما يقومون به، إنه يُحبّبك إليهم، فأنت حينما تُقدّرهم تكون بمثابة مصدر السعادة لهم.

جرّب أن تُمارس الامتنان هذا الأسبوع وشاركني تجربتك.. وإن كنت ممن ينعمون بنعمة الامتنان.. فتجربتك ستثريني.. وتثري مشتركي نشرتي.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لطلب خدمات الاستشارة والتدريب أو الكتابة
مشاركة
عـمـــــــــق

عـمـــــــــق

على سبيل الفضول والبحث والطموح كل اثنين ستشرق "عمــق" بها شيئًا من قناعاتي وقراءاتي وعاداتي كي نرتقي معًا

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من عـمـــــــــق