خطة التطوير الشخصي ج 3، الصديقات |
بواسطة مريم الهاجري • #العدد 50 • عرض في المتصفح |
اتزانك النفسي.. يرسم خريطة حياتك
|
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
حيَّ الله متابعيّ الأكارم.. نستكمل معكم اليوم قصة الصديقات الجزء 3، وهنا تجدون الجزء الأول والجزء الثاني لمن فاته شيء منهما. |
🌸 🌸 🌸 |
في حديثها كانت إيمان مطمئنةً، تُحدّثُ نُهى بكل فأل.. حتى اندمجت معها نُهى.. وكأنما تشاهد قصتها، قبل.. وبعد سنين! |
بكل هدوء وابتسامة رضا قالت إيمان: حبيبتي نُهى.. لو قلتُ لكِ استعيدي شريط حياتك.. |
تأوهت نُهى.. أتعلمين يا إيمان.. أشعرُ بالحسرة.. لأنني في هذا العمر لم أُقدّم شيئًا لا لي ولا لغيري.. صمتتْ.. ثم تابعتْ وإيمان منصتة باهتمام.. أشعر بأني فاشلة.. حقيقةً أنا فاشلة.. حينما استمع لإنجازات من حولي.. وأنا لا أُنجز.. بل لم أُنجز شيئًا!! |
قالت إيمان: لا تكوني قاسيةً هكذا.. |
غالبتْ نُهى دموعها: حدثيني إذًا فيما نجحتُ؟! |
قالت إيمان: إدراكك لمشكلتك هذا بحد ذاته باكورة نجاح، إنهاء أعمالك اليومية إنجاز، أداء فرائض رب العالمين التي كتبها عليك هذا أهم إنجاز، وما إلى ذلك.. الإنجاز موجود ولكنه بحاجة لعينٍ تراه.. وليس هذا حديثنا اليوم؛ إن شئتِ تحدثنا عنه فيما بعد. |
وبماذا ستُغيثيني اليوم؟ قالت نُهى باسمة. |
أولًا: يجب أن نعلم أن الله قد أحاطنا بنعمه، والموفق من أحسن استغلالها.. قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، وعلينا أن نسعى جاهدين لأن نكون نحن الموفقون. |
ثانيًا: لنتبصّر في كل جانب من جوانب حياتنا، كل جانبٍ على حدةٍ، وسأذكرها لك.. وعليك التفكّر فيها وإحسان العمل بها ولها: |
1. الجانب الروحي والعقلي: |
دعيني أسألك: |
أ. كيف علاقتك مع الله؟.. هنا ارتسم الحزن على وجه نُهى.. |
أردفت إيمان: دعيني أفصّل أكثر.. كيف حالك مع الصلاة؟ هل تصلينها في وقتها؟ متممةً سُننها وخشوعها أم... وصمتتْ هُنيهة، ثم تابعت: كيف حالك مع سائر العبادات، هل تحرصين عليها؟ الصدقة، الدعاء، احتساب الأجر في مساعدة الآخرين، قراءة القرآن، الأذكار وبالأخص أذكار الصلاة وأذكار الصباح والمساء! |
ب: ثقافتك واطّلاعك: هل ترضين أن تكوني مع الرعاع؟! أم تكوني مُلمّة بكثير من الأمور التي تترتب عليها أمور حياتك وعلاقاتك، فيمَ تقرئين؟ وأين تصرفين وقتك الثمين، في مشاهدة ماذا؟! في كتب تزكية وتطوير النفس، في كتب العبادات والأخلاق، في كتب الاقتصاد والاجتماع وما شابهها؟أم أن جُلَّ وقتك في الطبخ والروايات والرياضات التي لا تزيدك لا دنيا ولا دين..لا بُد أن يكون لديك متابعة وقراءة لما هو مفيد، لا بُد من ذلك لإثراء عقلك وروحك. |
ج: هل لك لحظات حانية بالتأمل في النعم من حولك، والتفكر في بديع صنع رب العالمين؟ إن تأمل النعم يؤدي لرؤيتها وشكر الله عليها.. إن رؤيتها تؤدي إلى المحافظة على بقاءها، وشكرها؛ وشكرها يؤدي لازديادها {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}. أيضًا مما يُثري عقلك متابعة المصادر الموثوقة للأخبار، وانتقاء المعلومات، فمشاهدة كل غثٍّ من المعلومات والأخبار يسبب ربكة نفسية ومعلوماتية أنت في غنى عنها. |
د: اهتمي بتطوير مهاراتك.. العمر سيمضي والوقت سينقضي.. فلتستفيدي قدر ما تستطيعي.. لتكن الثلاث أشهر القادمة نقلة نوعية في حياتك، حدّدي أي مهارة أنت بحاجة لها، أو هي الأقرب لقلبك وتعلميها، أُريدك خبيرة فيها بعد 3 أشهر من الآن. |
قالت نُهى: أتعرفين يا إيمان.. مشكلتي التشتت.. مشكلتي التركيز.. أُحسُّ أني ضائعة، غير قادرة على التركيز، حتى لو حاولت، أتشتتُ بسرعة، أنسى بسرعة.. لدرجة أني أنسى أنني مركزة على أمر ما 😢 |
قالت إيمان: لا بأس.. هل تعلمين ما أهم سبب في تشتتك، إنه كثرة التنقل في وسائل التواصل من تطبيق إلى آخر.. هذا التنقل والكم الهائل من المعلومات والصور والفيديوهات القصيرة يربك خلايا المخ وبالتالي تعجز عن الاحتفاظ بكل هذا، فضلًا عن صحته وسلامته.. عليك أولًا تقنين وقت مثل هذه البرامج والتطبيقات، ثم اقرئي هذا العدد من نشرة عمق البريدية (هل يؤرقك التشتت ويقلل من إنجازك؟ خطوات عملية تنقلك من بؤرة التشتت إلى عالم التركيز) ومما يعينك على التركيز في أعمالك وحياتك: حلُّ الألغاز! الذين ينشغلون بحل اللغاز، مفكرون أكثر من غيرهم، لذلك تجدهم سريعي البديهة، عميقي التفكير، شديدي التركيز، وكل ذلك أكسبتهم إياه الألغاز، لأنها تُحفّز الدماغ على ذلك. |
هـ: الوقت أنفسُ ما عُنيتَ بحفظهِ وأُراهُ أسهلُ ما عليكَ يضيعُ! |
لا بُدَّ من جدولة الوقت، كتابة الوقت تجعلك ترينه.. كيف ترين الوقت؟ أنت حينما تكتبين أهدافك للثلاث أشهر القادمة، وتحددين على وجه قريب من الدقة موعد البدء فيها وإنجازها، فأنتِ بهذه الطريقة قد رأيتي وقتك! تبقّى عليك الالتزام بهذه الرؤية وهذه الإدارة، وهناك عدة مراجع وأفكار وطرق إن شئتِ اطّلعت عليها من مقالات مثل: (لن تصدق.. ما هو تأثير الأهداف الصغيرة على مسيرتك المهنية والشخصية) و (كيف تتمكن من إدارة الوقت لتحقيق الهدف الكبير؟) وكذا تقنية بومودورو وقاعدة 20/80 أو مبدأ باريتو.. |
لحظة لحظة.. ما هذا! قالت نُهى. |
أجابتها إيمان: تقنية برومودو تعني بالمختصر أن تحددي مهمة للعمل بدون تشتت، تُهيئي المكان لها ثم تعملين عملًا متواصلًا لمدة 25 دقيقة ثم ترتاحين 5 دقائق، ثم تعودين لإكمال العمل عليها مدة 25 دقيقة أخرى وهكذا حتى تكملين أربع جولات عمل، ثم ترتاحين وقتًا أطول لا يتجاوز نصف ساعة وتعودين لاستكمال ما تبقى من العمل على هذه المهمة، وهكذا حتى تنجزين عملك. |
ومبدأ باريتو يقول أن 80% من النتائج سببها 20% من الأسباب، وفي إدارة الوقت يعني أن 20% من جهودك المركزة تنتج 80% من النتائج التي تعملين من أجلها، ومع قراءتك للمقالات التي ذكرت لك قبل قليل ستتضح لك الرؤية حول العمل وإدارة الوقت. |
قالت نُهى: أي مقالات؟! |
أجابت إيمان: التي ذكرتها قبل قليل، لقد أرسلتها لك، دعيني أُكمل. |
ثانيًا: قالت نهى: اللهم ثناءً دائمًا. |
آمين، قالت إيمان.. دعيني أُكمل. |
قالت نُهى: تفضلي. |
ثانيًا: الجانب النفسي والعاطفي: |
دعيني أسألك سؤالًا.. يكفيني أن تُجيبي عنه إجابةً صريحةً وصادقةً بينك وبين نفسك.. هل أنت متزنةً عاطفيًا؟ |
سبب هذا السؤال بعثرة مشاعر وأحاسيس مجنونة لدى نُهى، دارت نظراتها في أرجاء المكان، عدا وجه إيمان الذي أشاحت به، تنظر إلى الزهور خلف الزجاج.. فقد منحت نُهى فرصةَ أن تسأل نفسها هذا السؤال! |
شعرت نُهى أنها في دوامة، وهي تبحث عن الاتزان العاطفي في حياتها.. رأت نفسها في مركبٍ تتلاطمه الأمواج العاتية، وتمرُّ مرورًا على تلك المواقف التي فقدت فيها اتزانها صريحًا في وقتٍ مضى.. إنها تتكرر أمامها الآن في وقت تتقاذفها فيه أمواج بحر الآلام، فما أن يصفعها موقف، حتى يتلقّفها آخر.. وما بين اضطراب جسدها في السفينة إلى اضطراب مشاعرها الحزينة.. جرت كل المواقف التي تأكدت نُهى الآن مما كان ينبغي عليها فعله أنذاك.. وسألت نفسها: لو عاد الموقف من جديد، هل ستتخذ القرار الذي تراه صوابًا؟ أجابت نفسها: لا.. سمعتها إيمان! والْتفتتْ تجاهها قائلة: لا على ماذا يا نُهى؟ |
قالت نُهى بكل حزمٍ هذه المرة: لا.. لا أستطيع اتخاذ ذلك القرار الصائب الآن.. لا أملك الشجاعة أو القدرة.. لا أعلم لماذا.. 😖 |
أشفقت إيمان على حالها.. قالت: هوّني عليك، لم أقصد إثارة شجونك عزيزتي أنت تعلمين.. |
قاطعتها نُهى قائلة: أعلم صدق مشاعرك إيمان أكملي.. |
ابتسمت إيمان قائلة: أُحبُّ روحك اللطيفة نُهى. |
🌸 🌸 🌸 |
مضت إيمان تحدث نُهى عن الاتزان النفسي، وأسهبت في ذلك. وستكمل الحديث في العدد القادم بحول الله. |
يسعدني وصولك إلى نهاية العدد.. وإن كنت أو ممن حولك من يشبه شخصية نُهى فكن عونًا له بمشاركته هذه السلسلة لعلها تُفيده. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
لطلب خدمات الكتابة |
للاشتراك في عمق.. وقراءة الأعداد السابقة |
التعليقات