كل هذا لأني كنت أكتب محتوى؟ |
21 يوليو 2025 • بواسطة إبراهيم حمزة • #العدد 18 • عرض في المتصفح |
حين لا تترك مهنتك القديمة، بل تأخذها معك إلى مكان جديد
|
|
أذكر اللحظة تحديداً. كنت أراجع أداء أحد المنتجات في المتجر الإلكتروني.. الإعلانات لم تكن تجلب النتائج المتوقعة، الرسائل التسويقية لا تلمس شيئًا، وأحد الزملاء قال لي: "بدنا صياغة أقرب للناس.. شي يحسسهم أنو المنتج إلهم." |
فجأة، شعرت أنني أعرف تماماً ما يجب فعله. فتحت الصفحة، وبدأت أكتب: لا كمسوق، ولا كمدير متجر، بل كأنني عدت خمس سنوات إلى الوراء.. إلى غرفتي |
كنت يومها – منذ سنوات – أعمل ككاتب محتوى مستقل. مع أشخاص يريدون بناء حضورهم الرقمي، دون تكلّف ولا شعارات. كنت أرافقهم لأصنع لهم صوتاً.. لا مجرد نص |
عملت مع مدربين، خبراء، أشخاص أرادوا أن يُعبّروا بصدق. كنت أطرح أسئلة أكثر مما أكتب، وأصغي أكثر مما أُعلّق. |
لا مدير، لا مكتب، لا مواعيد صارمة.. لكن أيضاً: لا استقرار، ولا أمان |
خضت التجربة ٤ سنوات. تعلمت خلالها كيف تبني علاقة بالكلمة.. وكيف تُكتب الجملة الأولى بحيث تدفع القارئ للثانية، والثالثة، ثم القرار. |
*** |
حين انتقلت إلى العمل في شركة للملابس الداخلية –كـ مسؤول مبيعات ومدير للمتجر الإلكتروني– ظننت أنني تركت ذلك كله خلفي. |
دخلت عالم الأرقام، التقارير، الحملات، الطلبات، والخصومات. كل شيء صار ملموسًا، قابلاً للقياس، لا مجال فيه للتأمّل الطويل. |
لكن ما لم أكن أتوقعه هو: أن تعود مهاراتي القديمة لتخدمني هنا، في المكان الذي بدا مختلفاً كلياً. |
حين أكتب وصف منتج.. أعود لاستخدام نبرة الصوت. حين أراجع تجربة العميل.. أعود لإحساسي القديم تجاه اللغة. حين أقترح صيغة إعلان.. أعود إلى ذاك الحس الذي كنت أكتب به للمدربين والخبراء. |
*** |
حينها فقط، فهمت. أنا لم أترك صناعة المحتوى.. بل فقط انتقلتُ بها إلى مساحةٍ أخرى. |
هي لم تنتهِ.. بل نضجت، ولبست ثوباً جديداً. ربما لم أعد كاتب محتوى، لكنّي اليوم أبيع، وأُدير، وأخطط.. بنفس العين التي كانت تكتب. |
الصورة ليست مكتملة. لكنّ الضوء الخافت الذي بدأ يظهر في داخلي.. يمكن البناء عليه. |
*** |
أشاركها لا لأتفاخر، بل لأتذكّر. أكتب هذه القصة لا بوصفها إنجازاً، بل كعلامة طريق.. شخص يحاول أن يفهم صوته من جديد، ويرى كيف يمكن لحياته القديمة أن تمتدّ بهدوء داخل حياته الجديدة. |
كُن واضحاً، وإن تأخرت |
التعليقات