نشرة "فن الكتابة" - يعدها د. ساجد العبدلي - العدد #13 |
| 26 أكتوبر 2025 • بواسطة ساجد العبدلي (طبيب، وكاتب، وناشر) • #العدد 13 • عرض في المتصفح |
|
الكتابة لا تزدهر بالموهبة وحدها، كما لا يثمر الشجر بالمطر دون حراثة الأرض.الكاتب الموهوب هو الذي يتعلّم كيف يتدرّب، كيف يكرّر المحاولة حتى تصير اللغة طيّعة بين يديه، والفكرة أكثر وضوحًا في ذهنه.في هذا العدد، نتحدث عن التدريب اليومي، عن الكتابة كتمرينٍ مستمر، وعن الفرق بين من يكتب حين يشعر، ومن يكتب ليشعر.فالموهبة شرارة، أما المهارة فهي اتّقادٌ دائم.
|
|
|
|
“الكتابة لا تأتي بالإلهام، بل بالجلوس إلى الطاولة كل يوم.” غراهام غرين |
|
يبدأ كثير من الكتّاب رحلتهم بحماسٍ عاطفي، يكتبون حين يشعرون بأن الفكرة تطرق قلوبهم. |
|
لكن الكتابة التي تُبنى على المزاج وحده سرعان ما تذبل، لأن المزاج يتقلّب بطبيعة البشر. |
|
الكاتب الحقيقي هو من يدرّب نفسه على الكتابة كما يتدرّب الرياضي المحترف على لعبته: يومًا بعد يوم، حتى تصير العضلات والمفاصل تحفظ الحركات من تلقاء نفسها. |
|
التدريب الكتابي ليس مسألة وقتٍ فقط، بل وعيٌ بالطريقة. |
|
أن تكتب يوميًا لا يعني أن تكرّر نفسك، بل أن تكتشف كيف تفكّر، وكيف تتحسّن. |
|
الكاتب الذي يدرّب نفسه لا يسأل: هل كتبت اليوم نصًا عظيمًا؟ بل يسأل: هل كتبت اليوم نصًا أفضل قليلًا من الأمس؟ |
|
أتذكر أنني كنت أحتفظ بدفترٍ صغير أسجّل فيه يوميًا فقرة قصيرة، مهما كانت بسيطة. بعد أشهر، عدت لقراءته، فلاحظت شيئًا غريبًا: لم أكتب جملة عبقرية واحدة، لكني صرت أكتب بوضوحٍ وسلاسةٍ أكثر. |
|
هذا هو التدريب: لا يُعطيك المعجزات في يومٍ واحد، لكنه يُنضجك دون أن تشعر. |
|
التمرين المستمر يجعل الكاتب يعرف حدوده، يعرف لغته، ويكتشف عاداته في الكتابة. |
|
من دون تدريب، تبقى الموهبة معلّقة في الهواء. |
|
التدريب هو الذي يمنحك أرضًا تقف عليها حين تكتب، ولا تنسَ أن التدريب لا يعني الجدية المرهقة دائمًا. أحيانًا يكفي أن تكتب وصفًا لمشهد رأيته، أو فكرة صغيرة سمعتها، أو حوارًا دار في مقهى. كل ذلك كتابة، وكل ذلك تدريب. |
|
في النهاية، الموهبة هي وعد، أما التدريب فهو الوفاء بهذا الوعد. |
|
🧠 تمرين هذا الأسبوع: |
|
خلال الأيام السبعة القادمة، خصّص عشر دقائق فقط كل يوم لتكتب نصًا قصيرًا عن أي شيء: عن فنجان قهوتك، عن الطريق إلى العمل، عن فكرة لم تكتمل. |
|
لا تُراجع ما كتبت. فقط اكتب. |
|
ثم في اليوم السابع، اقرأ كل ما دوّنت، وسترى أن مهارتك تغيّرت دون أن تدري. |
التعليقات