الكتابة حرفة الوزراء والملوك - العدد #28

هل تعلم أنّ كتابة أعداد الحمام الزاجل من أجمل الطقوس في أسبوعي؟ وأنني أقتلع أي وجه كنت أرتديه قبل الشروع في الكتابة وأرتدي وجهًا باسمًا مشرقًا حين أكتب لك؟ وهل يرتدي الإنسان أعدادًا من الوجوه؟

نعم يا صديقي، بعض منها ليس له بدٌ منها وهذا لا يجعلك منافقًا أو خلافه. بل من الحكمة أن تعرف متى وأي وجه عليك أن ترتدي. فليس معقولا أن ترتدي وجه اللطف واللين وهناك أحمق يخترق حدودك ويحاول التعدّي عليك. نعم هنا عليك ارتداء وجه الأسد وازأر بأعلى صوتك وكشّر...

أهنئك بشعبان ومارس وإشراقة الشمس وأتمنى أن تظل مشرقًا فرحًا سعيدًا مطمئنًا... لقد لاحظت شيئًا يتكرر وهو نفس ما عشته في السنة الماضية. هل هذا معقول؟ لا أدري إن سبق وسجلت مشاعرك ويومياتك ثم عدت للمقارنة؟

غالبًا ستجد نمطًا متكررًا وله أسبابا تحتاج إلى علاج. في السنة الماضية وقبل رمضان دخلت في حالة من التعب وآلام الظهر وإنتاجية ضعيفة ونصوص رديئة. نعم لسبب أنني أكتب في حالة مزاجية سيئة فأنتج نصوصًا جودتها سيئة.

وقبل قليل حين كنت أعيد كتابة مقال للعميل، تذكرت نفس حالة السنة الماضية وأخذت الأمر على أنه رسالة تطلب مني النظر في جذر المشكلة وإيجاد حل. وبعد دقائق من الجلوس للعمل على المقال شعرت بآلام ظهر وكأنها ذات الحالة تعود مجددًا.

حسنًا قبل أن تظنّ أنني أتخيّل أو هناك خطب ما بي، أدعوك لقراءة هذا مقال عن آلام الظهر والمعصم التي يصاب بها الكاتب أو المصمم وهي نفسية يا صديقي ولها جذر في أعماقك ومن تجربتي لقد وجدت الأمر حقيقيًا.

• آلام الظهر المزمنة
• لماذا تؤلمك يديك ولا تؤلم يونس بن عمارة. اقرأ المقال وتعرّف على السحر.

الكتابة حرفة الوزراء

لنتوقف عن الحديث عن الآلام وتعال لنتحدث عن الكتابة وكيف أنها حرفة الملوك والوزراء؟

في الحلقة المقبلة من بودكاست رحلة كاتب سنتحدث عن المال وعلاقته بالكتابة، ويعالج ضيف الحلقة موضوعا جوهريا وهو حرفة الأدب. وللأمانة حين بحثت أكثر عن الموضوع وجدت أن الأصل في التسمية هو حُرفة الأدب بضمّ الحاء.

كنت أظنها حرفة بكسر الحاء أي مثلما نقول فلان حرفته النجارة. نقول عن الأديب أصابته حرفة الأدب. ولكنني كنت مخطئة لأن حُرفة مقصود بها وتعني قلة الحظ والتعاسة والعَوز ... ويوجد تاريخ طويل لأصل التسمية.

قد أتحدث عن الموضوع أكثر بعد نشر الحلقة. يا أخي لا أريد أن يكون للكاتب قدر سيء وتعيس بسبب هذه المعتقدات. اكتفينا من ربط المعلم والمربي والخلوق والطيب بالفقر والحاجة والذل إلى متى؟

الكتابة حرفة شريفة ومقدسة ولا أقصد هنا الأدب والشعر والرواية. بل كل كتابة مهما كانت حتى وإن كانت كتابة الدّين، أو كتابة الوصية أو كتابة رسالة إلى الآخر بالبريد أو بالقلم والورقة أو بالواتساب أو بالحمام الزاجل.

قصة المقلاة

يحكى أنّ سيدة كانت تقطع رأس وذيل السمكة حين تقليها، وذات يوم سألتها ابتها لماذا تفعلين ذلك يا أماه، فأجابت بفخر لأن أمي كانت تفعل ذلك. فذهبت الفتاة إلى جدتها لتسألها السؤال نفسه.

فأجابت الجدة بنفس الجواب، أي لأن أمها كانت تفعل الشيء ذاته. فقررت الفتاة الصغيرة أن تسأل الجدة الأم ولحسن الحظ أنها على قيد الحياة. وحين سألتها أجابت:

كان لدي مقلاة صغيرة ولا تسع السمك الكبير لذلك كنت كنت أقطّع السمكة لثلاثة أجزاء لتسعها المقلاة. وحين نظرت إلى مقلاة أمها وجدتها تسع خروفًا وليس فقط سمكة، واكتشفت أنّ الضيق وعدم السعة كانت في عقل أمها وليس المقلاة.

لهذا أقول دائمًا عليك التشكيك في البديهيات التي يتفق الجميع على صحتها. وقبل أيام في نقاش لي مع صديقة اكتشفت معتقدًا مدمرًا عن المال كان يعدّ من البديهيات لديّ. حكت لي صديقتي عن إحدى صديقاتها التي منحت مبلغا من المال لسيدة محترمة من العائلة كدين.

أي ديّنتها. لكنها لم تستطع الوفاء بالدين، فتذكرت أننا بطريقة ما نعتقد أن منح المال الذي لديك كدين أفضل من صرفه بلا فائدة، بمعنى أنّ الدين سيحافظ عليه وهو في مأمن عند الآخر. لكن ماذا لو لم يسدد ولم يستطع؟ خاصة لو كان صديقًا أو من العائلة.

وحينها قلت لها لهذا أمرنا الله بكتابة الدين، أرأيت أهمية الكتابة؟ نعم صغيرًا أو كبيرًا ولا عجب أنّ الآية من أطول الآيات في القرآن الكريم. ربط الله الدّين بالكتابة لحفظ الحقوق ويأتي أحد بلا ملامح اليوم يصف الكتابة بالفقر والحرمان. 

في ذلك اليوم فكّرت كثيرًا في الأفكار والمعتقدات البديهية التي لا نناقشها البتّة. وكيف أنها تدمّر حياة الكثيرين ... لا أدري كيف ربطت القصة بالآية والموقف لكن هذا ما جاد به قلمي اليوم، وأريدك أن تراجع كل معتقداتك بين الفينة والأخرى لتكتشف أفكارك وأين تأخذك.

لأننا والله لن نتغيّر ولن نتحسّن ولن نتحرّك قيد أنملة ما لم نعرف مصدر المعتقدات والأفكار التي تحرّكنا يوميا، لكن العجيب أننا نعيش كل يوم بنفس الأفكار ونتوقع التغيير ونأمل بتغيير الرئيس أو حدوث حدث مفاجئ ينقلنا لمكان آخر بنمط حياة نحلم به.

نصيحة لكُتاب المحتوى

سبق وحدث ان تواصل معي عدد من أصحاب المواقع لأكتب لهم مجانًا ويتقاسمون معي الأرباح حين ينجح الموقع ويفتح الله عليهم. وتواصلت معي كاتبة أيضًا جاءها عرضٌ مشابه. لذلك أقول لا تقبل أبدًا.

سبق وقلت أكتب بمقابل لتعبك وأيضًا أنشئ محتوى مجاني، لأن نشر محتوى مجاني على مدونتك أو نشرة مجانية لا يشبه ان تكتب لأحد مشروعه مجهول الملامح. واقرأ هذا المقال حتى لا تقع في هذا الخطأ.

لقد كتبت لشخص مقالين في بداباتي وكان موقعه تحت الصيانة، ونشرهم وأرسل لي لقطة شاشة لكنه اختفى بمقالاتي ومقتراحاتي والمواضيع التي اقترحتها لموقعه وكذلك اقترحت صفحات و...

وقبل وداعك، شرفني بزيارة:

مدونتي والاشتراك في قناة اليوتيوب وابق بخير وإلى لقاء آخر أيها الرائع