هل الثلج يُلهم الكُتاب؟ - العدد #21

في انتظار الإنترنت

إنه الخميس الونيس يا سادة كما يسمونه شعب كوكب تويتر... لكنه لم يكن ونيسًا أبدًا بالنسبة لي. استيقظت على جليد وبرد لا يُحتمل بعد أن انتظرت الثلج، لكنه سقط في مناطق أكثر ارتفاعًا من منطقتنا واكتفى برشّ بعض منه فقط علينا مع الكثير من البرد.

وبينما أنا أحتسي فنجان الشاي وأفكّر في قائمة مهام الخميس، توقف الفيديو الذي كنت أستمع له... نعم! لقد انقطعت الإنترنت... ذهبت لتدفئة يديها ربما لأنها لم تحتمل البرد. ثم ماذا؟ الآن. أنهيتُ فنجان الشاي وجلبت صحنًا من لبّ القرع، فهو مفيد جدًا وغني بالزنك...

واستمعت لكتاب صوتي، ولن أخبرك ما هو الكتاب...لكنني أتذكّر أنّ آخر جملة من الفيديو الذي كنت أشاهده تحدّث فيها صاحب الفيديو عن شيء مهم. قال: حين تبحث عن شيء بشدّة ولا تجده هذا دليل أنه عليك أنت إنجازه.

إنه محق أليس كذلك؟ لنفترض أنك مصمم ولم يسبق أن وجدت نشرة بريدية تغطي نقاطًا مهمة في التصميم؟ إنه الوقت لتفعل ذلك. أو ربما أنت كاتب، وتبحث عن كتاب جامع لموضوع ما أو حتى مقال ولم تجده. أنشئه يا صديقي لأنه يناديك، أكتبه وانفع الآلاف ممن يسأل نفس سؤالك.

كتابة المحتوى

إليك مقالات حول الكتابة كتبتها هذا الأسبوع:

1. كيف تكتب مقالًا موافقًا لمحركات البحث؟
2. ماذا أفعل بنصيحة "أكتب وانشر يوميًا" لأنها تستفزني؟
3. وكتبت عن مصيدة الكاتب فتعرّف عليها وتجنّبها.

هل الثلج يلهم الكُتاب؟

يدرك الكاتب الحقيقي أنّ عليه أن يصنع إلهامه بنفسه وأن لا يعتمد في ذلك على الجوّ أو على مزاجيته. خاصة إن كنت كاتب محتوى... وداهمك وقت التسليم أو وقت النشر. لن يفيدك مارد المصباح ولا حتى جنّية المكنسة التي تطير على الأسطح وتضحك بصوت بشع.

تنفعك فقط جدّيتك وعضلات التزامك التي بنيتها وقوّيتها. لذلك إياك أن تراهن على مزاجك نهائيًا. وقد لاحظت حالة كنت أمرّ بها مؤخرًا، اقترب لأشاركها معك ولا تخبر أحدًا بذلك. إلا إذا كان جنيّ مصباح قد يفيدني ويحقق أمنياتي في هذه الحالة سأسمح لك بإخباره.

لاحظتُ أنني كلما توقفت عن الكتابة والتفكير... صارت حالتي النفسية أسوء ولا رغبة لي في إنجاز شيء. ويأتي الليل وقائمة المهام على حالها. على العكس حين أكتب ولو تغريدة واحدة أجد نفسي دخلتُ في تيار من التدفق والإلهام والرغبة في الإنجاز.

باختصار: العمل يجلب العمل، والكتابة تجذب الكتابة، والكسل يجلب الكسل والخمول وكل العائلة المحترمة. فانتبه على نفسك.

تحديثات لطيفة

أحاول في الفترة الأخيرة إنشاء محتوى قيّم ويفيدك أكثر. بعد النشر على مدونتي وحسابي على تويتر... انتقلت إلى يوتيوب وإلى البودكاست. مؤخرًا حدث خلل في هاتفي ولم يعد يسجّل بصوت مسموع...

وهذا يجعلني أفكّر في حل بديل من أجل تسجيل الحلقات القادمة. لكن الخبر اللطيف هو أنني سأبدأ باستضافة كُتاب لطالما ألهموني حين قرأت لهم أو استمعت. ولدي قائمة جاهزة لأشخاص في نظري هم رائعين ولدي الكثير من الأسئلة من أجلهم.

ولأنك صديقي ورفيق رحلتي، يمكنك اقتراح أشخاص تثق بهم وتحب سماع قصصهم مع الكتابة ولأكون صادقة معك لازالت الفكرة على الموقد ولم تنضج بما يكفي. لكنني أتوقع أن تكون التجربة رائعة وملهمة. [كتبت هذا في الصباح وقد نضجت فعلا وسجلتُ في المساء].

أما بالنسبة لبودكاست رحلة كاتب، فأشكر كل من استمع للحلقات الأولى، وشاركني رأيه فيها... وبإذن الله سيصبح البودكاست المفضل لك. ومرجعك لاستماع قصص الملهمين والملهَمين بالكتابة.

قصة المارد السّاخر

كان أحمد يسير في الغابة وهو شارد الذهن، ولم ينتبه إلى أين هو ذاهب حتى داس على شيء حديدي أصدر صوتًا. فتوقف ونظر إليه... لقد داس على إناء يشبه الفوانيس السحرية التي رآها في عالم الكرتون والأفلام الخيالية.

وقال في نفسه لا ينقصني شيء سوى هذه السخافات الآن، وركله بقدمه ورماه بعيدًا...وأكمل طريقه. حتى سمع صوتًا يناديه من خلفه، قائلًا بنبرة ساخرة ومستفزّة: "ما ظننتُك بهذه العجرفة يا أحمد" .

فالتفت أحمد غاضبًا وهو يصرخ: وكيف تجرؤ أيها الوغ...؟ لقد وجد شيئًا أزرق اللون يملأ الأفق من خلفه ويقف على غيمة أو هكذا بدا له الوضع. "مممم مارد المصباح..." تلعثم أحمد ولم يستطع الكلام... وراح يتراجع بخطوات هادئة والخوف يعصر أحشائه.

جمع المارد يديه، وقال ضاحكًا: لقد ابتسمت لك الحياة يا أحمد، وها أنا خادمك بين يديك. أطلب ما تشاء وتتمنى وسأحقق لك أهم ثلاث أمنيات في حياتك، والآن... ولست أمزح، لكن وقتنا محدود وعليّ العودة للمصباح قبل وصول ظل الشجرة التي خلفك إليّ. وإلا ستنتهي قدرتي الخارقة وأعود جُرذًا بلا قيمة فيركلني الحمقى أمثالك...

ثم استدرك قائلًا: أقصد أسيادي أمثالك.

تجاهل أحمد سخرية المارد ووضع يده على رأسه وبدأ يفكّر في أهدافه المهمة التي يسعى لتحقيقها. ثم قال: أريد المال والكثير من المال، وأريد قصرًا كبيرًا وزوجة حسناء وأطفال أذكياء و... فقاطعه المارد. مهلًا سيدي أحلامك عامّة وليست محددة ولا يمكنني تحقيقها.

أنا أحقق الأمنيات لكنني أعجز عن قراءة نيات الآخرين الخفية، مال كثير لكن كم المبلغ بالضبط؟ قصر... لكن ما مواصفاته وأين ولماذا تريده؟ لكن مهلًا لماذا تريد المال والقصر معًا، في حين يمكنك شراء قصر بالمال الذي طلبت.

حسناء وأطفال... لكن الأطفال لا يمكن أن يأتوا هكذا... أحلامك مُربكة وغير منظمة، وماذا تفعل الحسناء بأبله مثلك. الظل يقترب يا فتى أعد سرد قائمة أحلامك بوضوح ودقة أكثر، فردّ أحمد: لكن هذا ما أريد حقًا، مال وقصر وزوجة حسناء تنجب لي أطفالًا...

فاقترب المارد منه ونظر إلى عينيه مباشرة، وسأله لماذا تريد المال؟ وكم تريد بالضبط؟ وأين ستنفقه؟ وكيف ستتعامل معه؟ ثم أردف قائلًا: المال الكثير سيقتلك إن لم تستطع إدارة الدولارات القليلة التي في جيبك فكيف ستتعامل مع الملايين؟

أما عن الزوجة، فكيف ستتعامل مع الحسناء وأنت لازلت لا تُجيد التعامل مع نفسك، ولا تعرف أحلامك ولا طلباتك... يا رجل أنت لا تملك حتى رؤية لحياتك فكيف ستدير الأموال وكيف ستتعامل مع الحسناء والأطفال، وأذكياء أيضًا... سيجنّنونك بالتأكيد.

لم يفهم أحمد ما هذا المارد وارتبك ولم يعرف كيف يخلّص نفسه من هذه الورطة، ولا كيف يستفيد من المارد هذا. ثم انتبه إلى الظل وإذ به يقترب وبدأ المارد يعود إلى الفانوس وقبل أن يختفي قال له:

1. لن تكسب المال الوفير حتى تُجيد التعامل مع الدولارات التي في جيبك.
2. ولن تلتق بالحسناء ولن تقبل بك، حتى تصنع حُسنك أنت وتجيد التعامل مع ذاتك، وتعرف متطلباتك وأولوياتك في الحياة.
3. وقبل أن أودّعك، إن كنت تؤمن بالمارد الذي يحقق الأحلام، فأنت في ورطة حقيقية أرجوك أنقذ نفسك... غادر المارد ولم يترك خلفه إلا ضحكات سخرية من أحمد يتردد صداها في الوادي...

القصة من نسج خيالي، مفادها يا صديقي أنّ الأهداف إن لم تكن واضحة ومحددة ومدروسة لن يحققها حتى مارد المصباح.

وصلنا إلى نهاية العدد، وإن كنت تشعر بالتشتت وتحدّث نفسك أي تخصص أدخل، وأي نوع من الكتابة أبدأ...؟ وأي مهارة أتعلم؟ فسأقول لك:

لا تبحث عن أشياء مزهرة خارج نفسك، بل تذكّر أنّك أنت من تجعل الأشياء تُزهر بلمستك. أنت من تعطي التخصصات معنى وأنت من تعطي الحياة ذوقًا ولونًا وطعمًا. فلا تستهن بقدرة الخالق وإبداعه المُودع في داخلك. وشاهد هذا الفيديو... أنت التخصص، وأنت الإبداع...

انتظرني في العدد المقبل بإذن الله وإلى اللقاء...💜👋