نشرة خواطر مفكرة البريدية - العدد #13 الهوات الأخلاقية مفهوم ينطوي تحته ردم الفجوة بالمعروف أو نقيضه! |
بواسطة عبدالعزيز ال رفده • #العدد 13 • عرض في المتصفح |
مالذي يعنيه مصطلح الهوة الاخلاقية، وعن كيفية تقليص فجوتها، قبل فوات الآوان!
|
|
سبق وأن قرأت في كتاب آلالان دو بوتون (دروس الحب) وهي رواية تحكي عن علاقة عاشقين، تزوجوا، لينجبوا الابناء، ثم ينفصلوا لاحقا عن بعضهم بعضا، لم تخلو الرواية من بعض التعليقات الفلسفية، والتحليلية مع كل فصل لكلا الشخصيتين، ومما لا زال عالق في ذهني من هذا الكتاب هو مفهوم سماه (الهوات الأخلاقية). |
ففي الفترة التي أنجبا فيها الزوجين ابنهما البكر، تحرص الأم كل الحرص في تربيته، وتنشيئته، والاهتمام به في كل صغيرة وكبيرة، وفي المقابل يصرف الأب الغالي والنفيس في سبيل أن ينعم الطفل بتلك الحياة التي تعطيه ما يكفيه وقد تتجاوز ذلك لمستوى الرفاهية التي تجعله يقنع ويكتفي، حتى تأتي اللحظة تلك التي يمكن للإبن فيها أن يستقل بذاته، ويشق طريقه في الحياة. |
بعد هذه الحياة التي لا تقل عن ثمانية عشرة عاما من التربية المركزة، سيشعر الإبن (البار) حتما لدى والديه بحمل كثير وتركة كبيرة، تجعله ممتنا كثيرا لوالديه كيف أنهم قد ضحوا كثيرا من أجله، وقاموا بالغالي والنفيس ، وهي الذي يسمى (الهوة الأخلاقية) والتي تعني عدم قدرة الابن على سد الدين، والقيام بما قاموا به الوالدين خلال جميع سنوات الطفل الذي أصبح رجلا، وبالتالي سعيه الحثيث في خدمتهم وتلبية طلباتهم، والسؤال عنهم دوما، وذك في دور عكسي، يحاول ولو بشكل بسيط تقليص هذه الفجوة التي من المستحيل عليه ردمها بالكلية. |
هذه الهوة الاخلاقية هي ما نتعامل فيه دائما خلال حياتنا اليومية، والتي قد تعني أيضا حِملٌ كبير يجعلك تشعل بالامتنان له، وبالتالي رغبتك في القيام بردم هذه الهوة الاخلاقية فيما بين الافراد، قبل أن تتسع بشكل كبير، مما يستحيل عليك ردم فجوتها لاحقا، هو الذي سيشعرك في نفس الوقت بالعجز! |
مثلا، لو قام شخصك عزيز لديك بمهمة تضنها صعبة، ومتعسرة، وتحتاج جهدا مضنيا منك، غير أنك حينما جعلت شخصا معينا يقوم بها بالنيابة عنك، ليقوم بها على أكمل وجه "وبدون مقابل" فهذا يعني (هوة أخلاقية) يجب عليك من منطلق الاخلاق ردمها، لأن ترد له صنيعه العظيم ولو بعد حين. |
وهذا يذكرني بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : "صنائع المعروف تقي مصارع السُّوء، والصَّدقة خفيا تطفئ غضب الرَّبِّ، وصلة الرَّحم زيادة في العمر، وكلُّ معروفٍ صدقةٌ، وأهل المعروف في الدُّنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدُّنيا هم أهل المنكر في الآخرة" رواه الطبراني، وصحَّحه الألباني. |
هذا المفهوم الذي تعتقد ببساطته هو أيضا على نطاق الدين بجميع مفاهميها (الاسلامية، والنصرانية، واليهودية) فهي في القرآن الكريم مذكورة في سورة المائدة بقوله تعالى: ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)) |
فالهوة الاخلاقية، لا تأتي فقط في صنائع المعروف فحسب، بل تأتي أيضا في صورتها المتطرفة، والقبيحة، والسيئة، قس على نفسك أيضا، حينما يقوم شخص بالتعدي عليك ولنقل هذه المرة بصورة سيئة ومقصودة، كأن تكون في السوق، وتصطف مع مجموعة من البشر المتعلمين، والراقين، وذو الخلق الرفيع، ليأتي أحدهم مع أسبابه المبررة لأن يتخطاك مثل أن تكون السلعة التي لديه عبارة عن أصناف قليلة، أو أن تكون لديه تلك العقلية الفذة في التخطيط الاستراتيجي، في تجاوز الثغرات والصفوف، في أن يتجاوزكم جميعا، ليسرع في الحساب، وينجح في خطته الماكرة، وغير المسبوقة في ظنه! |
هنا ستشعر بالحنق، وربما ستكون بينك وبين هذا الشخص مشاعر قد تتكون لهوة أخلاقية تجعلك تتعدى عليه لفظيا أو معنويا، وبالتالي، كراهية حتمية لا يمكنك التحكم بها، وقد تنزل عليك العقوبة القانونية أو الدينية. |
على الرغم من بساطة هذا المفهوم (الهوة الاخلاقية) إلا أنه دائما ما يحضر في ذهني بشكل مستمر، لاسقطه على غالب المواقف التي تمر في روتيني اليوم، وأدعو الله دوما أن تكون (هوة أخلاقية) إيجابية لا بمفهومها السلبي، وقد تتفق أو تختلف في أن تكون صنائع المعروف أو (الشر) بحاجة لرد دين مباشر، أو بعد حين، ولكنها فكرة تستحق التأمل في ظني. |
إطلاق البودكاست (خواطر مفكرة): |
أطلقت بودكاست خواطر مفكرة في كل من ساوند كلاود، وابل بودكاست، واليوتيوب، ونشرت عن طريقه حلقة تعريفية عن فكرة البودكاست والتي لا تختلف عن مضمون المدونة المكتوبة، ونشرت أيضا حلقتين إضافيتين الأولى عن السرد القصصي وعلاقتها بالأعمال العظيمة، وثانيها عن كيف لنا أن ننتقل من الحزن للفرح دون أن ننزلق في الآخر. |
إليك أيضا: |
نشرة خواطر مفكرة البريدية - العدد #12 أفضل نصيحة سأقدمها لك لتنعم بعادة القراءة والإدمان عليها! - نشرة خواطر مفكرة البريدية | هدهد
في هذه المقالة سأخبرك عن أفضل نصيحة تقودك لعادة القراءة ومن تجربتي الشخصية لذلك.
gohodhod.com
|
نشرة خواطر مفكرة البريدية - العدد #11 خلال ٧٠ سنة الماضية نقص معدل النوم البشري بمعدل ساعة ونصف! - نشرة خواطر مفكرة البريدية | هدهد
خلال ٧٠ سنة الماضية نقص معدل النوم البشري بمعدل ساعة ونصف!
gohodhod.com
|
التعليقات