كيف نتجاوز مخاوف الزبون؟ |
26 يونيو 2025 • بواسطة زهــراء • #العدد 6 • عرض في المتصفح |
|
إذا كنت تبحث عن إجابة مباشرة على سؤال العنوان، يمكنك تجاوز هذه المقدمة —لكنها قد تساعدك على فهم خلفية الفكرة التي أوصلتني إلى كتابة هذا العدد.. |
*** |
دائمًا ماأقول أن أفضل الأفكار لا تأتي واضحة ولا مباشرة، بل مغلفة تغليفًا يمنعك من استخراجها إذا لم يكن لديك الاستعداد لصقلها إلى عمل مناسب. |
فمهارة الابتكار لا تتعلق بلمعان الفكرة المفاجئ، بل بالقدرة على ربط السياقات، والتقاط الإشارات الصغيرة التي تمر مرور الكرام أثناء حديث عفوي مع صديق، أو في لحظات الفراغ دون ملهيات مشتتة! أو في مواقف أخرى لم تستعد لتدوين أفكارك فيها.. |
على سبيل المثال؛ خطر لي موضوع هذا العدد أثناء نقاش مطول مع أختي بعد استفسارها على كيفية كتابة ردود قيمة على منشورات لينكد ان. |
وفي خضم شرح طريقتي في ايجاد اضافات قيمة اكتبها، أخذت بعض الأمثلة لردود نشرتها على المنصة، وأحدها كان جوابًا على منشور محمد جندلي. |
الذي تحدث فيه عن تجربته في شراء أداة رقمية امريكية معقدة، وكيف أن تواصل من أحد ممثلي الدعم العربي في لينكد ان دفعه للتخلص من الرغبة في الغاء الاشتراك الى السعي لتعلم الأداة. |
والنقطة التي لفتت انتباهي في تجربة محمد ليست براعة فريق الدعم في إنقاذ زبون على وشك المغادرة فحسب، بل نقطة حاسمة تتعلق بتجربته الفعلية كزبون. |
خوف العميل: |
في رحلة تجربة العميل الشهيرة هناك مرحلة حاسمة تحدث مباشرة بعد الشراء —مرحلة لا تحظى بالاهتمام الكافي في معظم الاستراتيجيات التسويقية، رغم أنها تحدد مصير العلاقة مع العميل بالكامل. |
هذه المرحلة هي ما أسميتها في تعليقي "مرحلة الخوف". |
عندما يقوم المسوق برسم رحلة العميل، يركز غالبًا على مرحلتين: الوصول إلى نقطة الشراء، ثم بناء الولاء بعد التجربة الناجحة. |
لكن غالبًا مايتم تجاهل تلك اللحظات الحرجة التي تلي الشراء مباشرة، رغم أننا نقع فيها جميعًا كبشر وهي الوقوع في دوامة التفكير ومراجعة القرار بحساسية وتوتر. |
لألخص لك الفكرة سأقول أن العميل ينتابه خوفان أساسيان في هذه المرحلة: |
الخوف الأول: خوف من أن يكون مقدم الخدمة أو البائع قد وعد بما لا يستطيع تحقيقه فعليًا، وتحدث عندما نبالغ في مدح خدماتنا ومنتجاتنا لدرجة رفع توقعات العميل بشدّة. |
الخوف الثاني: خوف من أن يكون هو بنفسه غير قادر على الاستفادة من المنتج أو الخدمة بسبب عدم فهمه أو افتقاره للمهارات المطلوبة. |
هذا الخوف الثاني تحديدًا هو ما حدث مع محمد؛ لم تكن مشكلته مع الأداة نفسها، بل مع ما أسميه "الفجوة المعرفية/ عدم الجاهزية المعرفية" —أي أنه لم يكن مهيئًا تمامًا للتعامل مع الأداة، والشركة لم تجهزه جيدًا قبل الشراء. |
هذا الخلل في عدم ايلاء اهتمام بالنقطة التي يشعر فيها الزبون -بالخوف- بعد الشراء، هي تماما مايحدث عندما نستثمر جهدًا هائلًا في إقناع العميل بالشراء، لكننا نهمل تمامًا تهيئته لما بعد الشراء. |
لماذا تحدث مرحلة الخوف؟ |
الجواب ببساطة: لأن معظمنا تعلمنا التركيز على "إتمام البيع" وليس على "ضمان نجاح استفادة العميل 100% من القيمة المقدمة". |
نحن نخبر العميل عن فوائد المنتج وميزاته وفوائده، لكننا لا نشرح له بوضوح ماذا سيحتاج لفعله بعد الشراء، أو ما المهارات التي يجب أن يمتلكها، أو كيف سيبدو يومه الأول مع المنتج (ربما سيحتاج 3 أيام كاملة لاستكشاف المنتج بعد الاستلام قبل الاستعمال والتنفيذ) . |
ونتيجة لذلك، يصل العميل إلى نقطة الشراء وهو متحمس ومقتنع لكنه غير مُعَدّ. |
وفي اللحظة التي يواجه فيها أول تحدٍ أو عقبة تبدأ ثقته بالاهتزاز، وسيرى أن الأداة -معقدة- جدًا أو -صعبة-. |
والشك إذا لم يُمتص سريعًا، سيتجذر ويتحول إلى عدم رضا ثم إلى رغبة في الإلغاء أو عدم التجديد. |
كيف نتجاوز مخاوف الزبون؟ |
الحل ليس في رد الفعل السريع عند ظهور المشكلة، كما فعلت الشركة مع محمد، رغم أن ذلك محمود! |
بل الحل الحقيقي هو في الوقاية، في تصميم تجربة تمتص الخوف قبل أن ينشأ حتّى. |
وهذا يتطلب إعادة تعريف طريقة تقديم خدماتنا ومنتجاتنا. |
مثلًا: |
بدلًا من تضخيم الوعود لإقناع العميل بالشراء، علينا أن نشرح كذلك التحديات المحتملة، والوقت المطلوب لرؤية النتائج، والجهد الذي سيحتاجه العميل من جانبه... |
فالعميل الذي يعرف مسبقًا أنه سيحتاج إلى أسبوعين لفهم النظام، أو أنه سيواجه منحنى تعلم في البداية، لن يصاب بالذعر عند مواجهة هذه التحديات بل سيراها جزءًا طبيعيًا من الرحلة. |
كما أن تقديم استشارات، أو جلسات توجيهية، أو محتوى مخصص تعليمي يهيئ العميل نفسيًا ومعرفيًا لما هو قادم، سيشعر العميل بأنه مُعَدّ ومدعوم، وليس مُلقى في تعقيد المنتج بدون استفادة. |
وبدلًا من انتظار العميل ليواجه مشكلة ثم طلبه المساعدة، علينا أن نتوقع نقاط التعثر المحتملة ونقدم الدعم استباقيًا. |
مثلًا، إذا كنا نعلم أن معظم العملاء يواجهون صعوبة في الأسبوع الثاني، سنتواصل معهم في نهاية الأسبوع الأول لنسأل عن تجربتهم ونقدم النصائح اللازمة. |
كما سيكون من المفيد تصميم التجربة بحيث يحقق العميل نجاحات صغيرة في البداية، ليكتسب الثقة تدريجيًا في قدرته على النجاح مع منتجك أو خدمتك. |
ما أريد أن أصل إليه هو أن التفكير التقليدي يرى المستهلك كهدف للبيع، بينما التسويق بغرض بناء علاقة "ولاء" يرى العميل كشريك في النجاح. |
فعندما تنظر للعميل كشريك، فأنت تهتم بنجاحه بنفس قدر اهتمامك بنجاحك، وتدخل معه في رحلة -لا يعيشها بمفرده- نحو تحقيق هدفه بالاستفادة القصوى من قيمة ماتقدمه. |
وفي هذه الرحلة: ستكون مخاوفه هي مخاوفك، وتحدياته هي تحدياتك. |
فتقضي على مرحلة الخوف وتحولها إلى مرحلة ثقة وشراكة. |
وسؤالي لك، وأختم به هذا العدد: |
> هل شعرت ذات مرّة بالخوف بعد شراء أحد المنتجات/الخدمات؟ |
وكيف كان يمكن أن تختلف تجربتك لو أن العلامة اهتمت بخوفك بدلًا من إتمام البيع فقط؟ |
*** |
وحين تنضج الفكرة القادمة.. سأعود بعدد جديد. |
زهراء عشيري | من الفكرة إلى الأثر |
التعليقات