الصبر حتى وصول الفرج 🌾🍃| نشرة أصباح وأمسية البريدية - العدد #13

بواسطة أصباح وأمسية #العدد 13 عرض في المتصفح
صباح خير، جمعتكم طيبة ومباركة🧡

بعد أن أخذ الأب المسكين عدة قروض لتجهيز مطعمه الخاص، وبعد أن انتهى من إعداد مكونات "منيو" الوجبات السريعة، شعر برهبة الافتتاح الأول لمطعمه، وهو يزيل الورقة المتواضعة التي كتب فيها بخط يده "سيفتح قريباً" ليضع بدلاً عنها ورقة أخرى كتب فيها "مفتوح". وقف يتأملها لبرهة مع زفرة تعب عابرة، وكللها بابتسامة المترقب.

أشعل إضاءة لافتة المطعم، ثم وقف ينتظر خلف طاولة "الكاشيير" محدقاً تارة نحو الهاتف وتارة نحو الشارع عبر زجاج المحل، مرت دقائق دون أن يشتري منه أحد، هكذا كان المشهد يمر بطيئاً أمام عينيّ المحدقة في شاشة التلفاز.

تلك اللحظات، كان دخول العميل الأول، أثمن شيء بالنسبة لهذا الرجل، وبيع أول وجبة من مطعمه الخاص أعظم إنجاز! 

تبدو الصورة مألوفة، انتظار العميل الأول، الزبون الأول، اللايك الأول، التعليق الأول، المشاركة الأولى..

على المستوى الأعمق، ننتظر أول مناغاة للمولود، أول ابتسامة، أول محاولة انقلاب على بطنه، الاختلاف، هنا أننا ننتظرها موقنين أن ذلك سيحدث لا محالة ولو شاب انتظارنا بعض القلق؛ فلابد للطفل أن يكبر، نحن فقط ننتظر اقتناص اللحظة والاستمتاع بها!

هذه العملية المتنقلة من الترقب إلى الصبر يشوبها بعض الإحباط والخيبة، خاصة حينما يتعلق الأمر بكسب الرزق، إعالة الأسرة، إثبات الجدارة، كسب الثقة ...

ماذا يحتاج المرء تلك اللحظة؟

في لحظة الشعور بالإخفاق والفشل، والتحسر على الوقت والجهد، لن يحتاج المرء المزيد من الحماس أو الحزن إنما سيهدر بهما طاقته، سيحتاج لمزيد من الصبر والعمل! ولا شيء سواهما! 

فكيف يمكننا الحفاظ على دافع الاستمرارية في العمل؟ بالصبر! الصبر الجميل .

وهنا يمكننا تعلم بعض المهارات التي تساهم في توسيع شباك الصبر حتى وصول الفرج:

تعلم مهارة ملاءمة التوقعات: 

عندما تكون رؤيتنا المستقبلية للمرحلة القادمة ضبابية، يمكن أن ينفد صبرنا بسهولة.

 يترك الكثير من الشباب حديثي التخرج العمل أمام أبسط المعوقات التي لم يتوقعوها بشأن الوظيفة، عدم ملاءمة توقعاتهم اتجاه البيئة أوالجهد المبذول أو اتجاه المكاسب المادية في وظيفتهم الجديدة، ويتخبط الأزواج مع بدايات أول تجربة أبوة وأمومة، بسبب تغير المرحلة والروتين واختلاف طريقة التواصل مع بعضهما، واختفاء حرية الاختيار لكثير من رفاهيات الحياة أو أبسط مكملاتها، كالنوم مثلاً، مشاهدة التلفاز بهدوء، أو حتى تناول وجبة عشاء بأريحية ودون توتر، والسبب عدم وجود مهارة "ملاءمة توقعات" تخفف من حدة كل هذه "اللخبطة".

وتعني هذه المهارة، أن نتوقع أن يطرأ الكثير من التغيرات والظروف الجديدة علينا، لنتجهز ذهنياً ونفسياً لها، فلا نضغط على أنفسنا أمام أبسط العقبات، وندعم شركاءنا حينما لا يكونون في حال جيدة، يمكننا أن: نسأل أصحاب الخبرة والاختصاص، لوضع توقعات أكثر منطقية.

ويمكننا أن نعد لستة محتملة للمرحلة القادمة واقتراح بعض الحلول لها قبل أن تباغتنا وتسحبنا إلى دوامتها أو تصعقنا بصدماتها!

منهجية اديسون في الصبر:

جميع المشاريع قابلة للفشل في إحدى مراحلها، مشروع إقناع طفلي بالذهاب إلى الروضة، مشروع ادخار بعض المال لشراء غرض أحتاجه، مشروع التخلص من الوزن الزائد أو النحافة المفرطة، خلال هذه المشاريع قد لا تنجح أولى المحاولات، لا يوجد ضمانات، مهما بذلنا من جهد، فقد لا نرى نتيجة، نشعر حينها بنهاية رغبتنا في بلوغ الهدف، في هذه الحالة يمكن أن يساهم في إكسابنا مزيداً من الصبر، تبني عقلية اديسون في المحاولة، عندما حاول اختراع المصباح ، فشل مرات عديدة وكل مرة كان ينهض فيها، كان دافعه أن يتعلم طريقة جديدة ناجحة لاختراع المصباح.

ولكني اظن أنه أُحبط مرات كثيرة ودافعه كل مرة كان سحر البدايات! فينطلق من جديد بحماس كشخص مزق ورقة ممتلئة وبدأ الكتابة من جديد تحت سحر جاذبية الورقة البيضاء الجديدة!

تبني عقلية البسطاء:

"لن يهدأ لي بال، حتى أحقق أعلى المبيعات.. لن أبتهج لبلوغ إنجاز صغير لايذكر.. عليّ أن أبقى على أعصابي حتى لا تفتر همتي" وهنا تنفد الطاقة وينفد الصبر وتقع الضربة القاضية فيتلاشى كل هدف مرسوم. إلى الذي يمد النفس بمساحة صبر إضافية، ويريح العقل من بعض الهم.

لكن بعقلية البسطاء، يمكنك الاحتفال بمجرد ضمان الأساسات؛ انتصار بسيط جداً، يجعلك تأخذ نفساً عميقاً وتبدأ بتقمص شعور النجاح!

هذا النوع من الناس لا يطيقون التجهم أو السخط، ولا يناسبهم موقف الضعف،لا يبقون على توترهم حتى بلوغ المعيار الأعلى من الهدف، بل يفرغونه بتشجيع أنفسهم.

وما تصنعه المثالية الضاغطة هي أنها تسيطر علينا حتى نشغل أعصابنا فلا نرضى بالقليل من النجاح، ولا يمكننا أن نأخذ نفساً من شدة الضغط على أنفسنا، لا يمكننا أن نبتسم أو نضحك أو نعيش باقي جوانب الحياة، فيضل الكورتيزول مرتفعاً. حتى ينفد الصبر.. وحينما ينفذ الصبر لا نحصل على مفتاح الفرج!

***
لقراءة الأعداد السابقة من النشرة
مشاركة
نشرة أصباح وأمسية البريدية

نشرة أصباح وأمسية البريدية

عن الحياة، الوالدية، والمواقف الشعورية! لا بأس أن تقرأها مع تسرب خيوط الشمس الأولى فلربما تلهمك! نسمات الليل الهادئ فلربما تطمئنك! ولا تنسَ أن تحتسي مشروبك المفضل معنا 😉

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة أصباح وأمسية البريدية