بودكاست وَنسَة 🎧🔸 نشرة أروى لا.fi البريدية - العدد #3

15 يناير 2025 بواسطة أروى لا.fi #العدد 3 عرض في المتصفح
✉️| مرحباً، تصلكم هذه النشرة في صفحتها الثالثة بعنوان: "وَنَسَة" من المدينة المنورة بعد أن تم إعلان وقف إطلاق النار عن غزة، في حرب دامت سنة كاملة [ويومئذٍ يفرحُ المؤمنون بنصر الله ° ينصرُ من يشاءُ وهو العزيز الرحيم].
🗓️| يوم الأربعاء المجيد | ١٥ رجب | ١٤٤٦ھ

مساء الخير، أعتقد أني سأكسر قيد يوم الأربعاء لتكون كل الأيام الجميلة ربُوعية، وسأنشر عند تمام النص وحضور الإلهام، وفي حال تغيبت عن النشرة ابحثوا عني في شوارع تويتر أو عند شواطئ التلجرام، سأكون هناك قريبة من الطبيعة بصورة ما، المهم ألا تعرفوا أني انتهيت للتو من حضور أول حلقة بودكاست من "وَنَسة" وهو أشبه بكلام نواعم إلا أنه سوداني، يُعرّف بالثقافة السودانية ويُعرب عن شرهاته العريضة تلقاء جهل المجتمعات العربية بالزول الأفريقي الظريف، وأول ما تعلمته من تلك الحلقة الحريمية بحتة أن كلمة "زول" متداولة بين النساء كما هي بين الرجال، وليست مثل كلمة "يا رجّال" عندنا باللهجة السعودية، ولعلها أقرب لمعنى "الجدعنه" في اللهجة المصرية، ما علينا .. 🎼

ما أذكره في هذا السياق أن أديباً سودانيا ذات مرة سئل عن قلة نتاجه التأليفي وظهوره الإعلامي فكان رده ببداهة لا تخلو من المقارنة: شغلتنا الحياة الاجتماعية عن التأليف، لسنا كأدباء وعلماء دمشق. وكأنه يقول نحن متمسكون أكثر بطابع الحياة فينا ولسنا مترفعين عن الطبيعة بالعقل؛ لنعيش على صفحات الكتب نبيّضها ونسوّدها، وهذا التعليل قريب إلى نفسي من أي تعليل آخر ينأى بي عن الكتابة، فأنا أتعامل مع الكتابة على أنها "صد رد" بيني وبين الناس، فأنا أكتب لألتقي بهم، وألتقيهم لأغيب عن نفسي وألتقي بها في صور جديدة لا تشبهني شكلاً ولكنها أنا حِسّاً وطبعاً، وعندما عللت مرة في لقاء استكشافي سبب تمسكي بكتابة الرواية الآن دون سواه، قلت بأني متشبعة من الحياة الاجتماعية التي تأزني أزاً إلى تقنين علاقاتي ومن ثم استقطاع جزء فارغ من حياتي لأحشوه معنىً وكلمة، هذا خيار لا أستطيع النزوح عنه، وإلا ارتميت في عقلي المراهق طيلة العمر، أبحث عن قيل وقال، وأتردى في مناحي كثرة السؤال، حتى عندما سئُلت عن نشاطي الكتابي عللت ذلك في نفسي بأنه عائد إلى طبيعتي قبل كل شيء، أنا شخص نشِط اجتماعياً وهذا كفيل لي بحياة أدبية مديدة منقطعة النظير، ومن حار ودار في كُتب الأدب والعقل الإنساني الناطق عرف أين تبيت مقاصدي، فمن يعش بين الناس تشتغل حواسه الخمس كلها، يرى ويسمع، يتحدث ويفهم، يشم ويتذوق، ومن يكتب فقط وهو منعزلٌ عن العالم القريب منه كمن يحفر في صخر ويهيم في اللاشيء، وأنا كالجاحظ أكتب بحواسِّي الخمسة مجتمعة، ولا تفْرُقوا مني وتجتمعوا علي مستنكرين حديثي! فإنما أنقل لكم ما قيل عني كما هو، وأحسب أنكم تثقون بي، ولكم أن تصدقوني أو تسلبوا مني هذه الموافقة فأنتم بالخيار، ولكن دعوني أطرب للمديح وإن كنت دونه، افرنقعوا عني لعلي ألمسُ سطح السماء نظر!

ولإحسان عباس في سيرته الذاتية "غربة الراعي" حياة في السودان، بعدما كان في مصر يُملي عن أحمد أمين سيرته الذاتية فقد انتقل إلى هناك بعدما توفرت له فرصة عمل للتدريس، ومما وثقه عن التعليم في تلك السنوات أن المعلم كان يمكث في المدرسة لإلقاء الدروس ولكنه يخرج منها ليتفسح في منزله ويتناول وجبة الإفطار ثم يعود لاستكمال تعليم الطلاب، وهذه المرحلة البدائية في تكوين ونشأة المدارس قبل اختراع "الفسحة والمقصف" وتصديقاً لكلام الأديب السوداني وشهادته في جِدّ أدباء الشام ودأبهم الصالح على التأليف والنشر فإن إحسان عباس كان يقضي إثنى عشر ساعة من يومه بين الكتب، وألّف بحوثاً كثيرة حول الأدب السوداني في ذلك الوقت، ولشدة تأثري وإعجابي بشخص إحسان عباس فإني أسميتُ "مكتبتي الإلكترونية" باسمه، وهي تحوي مئات الكتب والبحوث، وهي ثمينة عندي لأنها حصيلة تجميعات قمت بها أثناء قراءاتي فهي لا تخلو من مصادر مغيَّبة عثرت عليها جراء "إحالات" لمؤلفين أثق بهم، ومن عجيب ما استقبله به السودانيين من الترحيب في تلك الفترة التي وافقت مرحلة النكبة فإنهم كانوا يقولون له: أنك لم تخلص بلادك من الاحتلال فماذا تفعل بيننا؟ وهم يقللون من قيمته العلمية ومن قدرته على نفعهم مع عجزه عن نفع نفسه فكيف يخلصهم من الجهل وهو لم يتخلص من الغل!؟ وهذه الحادثة كانت في أيام نكبة فلسطين ٤٨، ولم ينفعل من كلامهم، وقد مكث في السودان عشر سنين وله بحوث حول الأدب السوداني شعره ونثره.

والذوق السوداني في الكلام مسلٍّ وجميل ومؤدب ورائق،.. جزء من النص مفقود!

ومما لا يستغرب حدوثه أني في أثناء كتابتي لهذا النص استمطرت علي الأفكار حتى أنني افتتحت صفحة ثانية وأخذت أكتب في موضوع آخر مختلف عن هذا، ولو كان المرء يمتلك مهارة الكتابة بيدين في نفس الوقت دون أن "يتحسول" نظره لكنت من مُلّاك تلك الموهبة، فأنا على سبيل الاستعراض أجيد الكتابة بالخط المقلوب، وأكتب من الصفحة الأخيرة في الكتاب حتى أصل إلى أوله، وعندما كنت في الصف الثانوي فإني كنت أذاكر كتب العربية بهذه الطريقة من الدرس الأخير إلى الدرس الأول، وأجد لذلك متعة خاصة، وعلى ما يقولون فإن القطار الموصِل بين مكة والمدينة يذهب بك إلى وجهتك وأنت تسير قُدما ووجهك موجّه للأمام ولكنه عند العودة يرجع بك على ورا، والعهدة على الراوي!؟ تخيل هذا المشهد المضحك، أن تنظر للأشياء وهي تنسحب في كلتا الجهتين أمامك وأنت عائدٌ للخلف دون أن تسقط! هذا من سوء المنقلب الذي نعوذ بالله منه، ولا أعلم إن كنت سأستمتع بتجربة كهذه ولكني مأخوذة بالطريقة العكسية والمضادة في فعل الأشياء المحببة ذوقاً وكيفاً.

وهبوطاً عند الفقرة الأخيرة من النشرة البريدية لهذا العدد الذي ارتجلته وأنا متربعة في المطبخ ومن فوقي قدرٌ يغلي في جوفه بيض مسلوق، اتصلت علي أمّي وأخبرتني أنها ذاهبة للسوبر ماركت فالتحقت بها وتركتُ إحسان عباس في منتصف الحكاية مع السودانيين يخاصمونه طيلة النهار، كما ترك هو زوجته في منتصف الطريق ذات يومٍ صعيب وقال لها: لستُ أطلقك ولكني سأنفصل عنك فعودي لأهلك من دوني، وبعد أن أصنخت لكلامه وفعلت ما أمرها به أنَّبه ضميره وعزل عن قناعته، وهآ أنذا أترك نصي في الثامنة صباحاً وأعود له في الحادية عشر مساء لأتفق مع السودانيين على حب الحياة، وتفضيل مُتع الاشتغال بما قد لا يُجدي على التيبس والانغماس في لوح كتابي صغير يغمرني ويسلب طاقتي وجهدي دون حراك، وقبل أن أرفع رجلاً عن رجل وأنسى ما كتبت لا يفوتكم أن تضعوا شير وسبسكرايب وتتعرفوا على الذوق الفني في اللباس عند الأفارقة وهو ما يُدعى بـ"البوهيمية" وهي شخبطة هندسية بألوان صيفية، ومجوهرات ملونة كبيرة الحجم، يرتديها المتأنقات من النساء لكسر رتابة الألوان المحايدة التي فلقت أبصارههم وأصابتهم بكسل في أعينهم، وكما نقول في لهجتنا: ما تزين السوالف إلا على الباب! فهذه خاتمة المقال، ودمتم بخير.

📖| دعوة للقراءة:

32 صفحة من حياة إحسان عباس في الخرطوم.

32 صفحة من حياة إحسان عباس في الخرطوم.

غربة الراعي - إحسان عباس - Google Drive

drive.google.com

📎| دعوة للاشتراك في قناتي:

arwa.لا.fi

arwa.لا.fi

t.me

t.me
قناة في التلجرام تُعنى بجمع كتب عن السودان

قناة في التلجرام تُعنى بجمع كتب عن السودان

Telegram: Contact @MUSTORAT

t.me
مشاركة
نشرة أروى لا.fi البريدية

نشرة أروى لا.fi البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة أروى لا.fi البريدية