نفَسك في الطبخ ونفَسك في الكتابة، بصمة شخصية يصعب تكرارها🍲👨🏻‍🍳نشرة مرجع التدوين البريدية - العدد #51

بواسطة مرجع التدوين #العدد 51 عرض في المتصفح
✅ "كل متغير بسيط له تأثير الفراشة في المنتج النهائي".

مع دخول الشتاء، فإن للأطعمة الشتوية دور كبير في الاستمتاع بأجوائه مهما كانت قاسية، في ذاكرتي ترتبط هذه الأطعمة، بالأجواء العائلية في المقام الأول، لأنها تجمعنا على وجبات لا نراها إلا في أسابيع محددة طوال العام - معظم البلدان العربية حارة معظم أيام السنة- وفيها من التواصل والتفاعل مع الأهل الكثير من الذكريات، المميز فيها أيضاً أن من النادر أن يعتذر أحدهم عن تناول هذه الأطباق في مثل هذه اللمات.

Unsplash 

Unsplash 

لذا فبمجرد أن تنخفض درجات الحرارة إلى أقصاها في بلادنا، يبدأ ذهني بالتفاعل معها بتلقائية، أحد هذه التفاعلات تتمثل في اختياراتي لما أريد طبخه أو تناوله، وهذا ما حدث خلال هذا الأسبوع، بدأت بشراء العدس، الكركم، الزنجبيل، وبعض الزيوت المعصورة على البارد، والتي نستخدمها في بعض أكلاتنا الشعبية. قررت بعدها أن أطبق وصفة جدتي في تحضير أكلة شعبية، كانت النتيجة غير مطابقة ولا حتى مشابهة لنفس المذاق! لقد صنعت نسخة مختلفة، وعندما سألت الجميع عن السبب أجابوا بأنه يصعب تكرار الأطباق لمجرد فقط معرفة الخطوات والمكونات، على مايبدو أن الطبخ يشكل بصمة شخصية تختلف من شخص لآخر!

عندما نتساءل لماذا طعام أمهاتنا لذيذ؟ وبعض أطباق الخالات أو الجدات لها طعمها الخاص مهما حاول غيرهن أن يطبق ذات الوصفة، يكون التأويل الوحيد لهذه الأسئلة، أن لكل شخص "نفَسَه المميز في الطبخ" ويصير التقليد لنفس المذاق نوعاً من المستحيلات، مالم يكن متوارثا في حالات معينة، أو خاضعاً للتدريب الشخصي في حالات استثنائية، يمكن حينها النزول بطبق مشابه -لا مطابق.

Unsplash 

Unsplash 

تعمل حاستا التذوق والشم للمتذوقين بشكل رئيسي للحكم بتشابه وتباين تباين أنفاس الطباخين بعد تذوق ذات الأكلة، استشعار القوام والطعم والنكهة، ليس له قواعد معينة أو وصف محدد، وبالتالي لا يوجد مقياس دقيق يمكنه أن يحكم بمعيارية واضحة عن تشابه المذاق.
هذا يذكرني بالشعور الذي تتركه فيّ قراءة كتابات كاتب معين، تتكرر بعض انطباعاتنا في كل مرة نقرأ له، ما يعني أن لكل كاتب أيضاً، نفَسَه الخاص في الكتابة بغض النظر عن اختلاف تقييم كتبه أو تدويناته من تدوينة لأخرى.

لذا دعوني أفسر الموضوع من وجهة نظري، "النَفَس في الطبخ" على الأغلب يكمن في التفاصيل الصغيرة جداً التي لا تخطر على بالنا أن نسأل عنها مثل: موعد إضافة كل مكوّن، في مرحلة معينة يضيف كل شخص الملح، يذره بطريقة معينة، كذلك يضيف البهارات، ويضع الزيت على حرارة معينة، يقلب المكونات بطريقة مختلفة حتى تمتزج، كل هذا لابد وأن له تأثيره في صناعة بصمة (النفس في الطبخ)! الكتابة مشابهة للطبخ من هذه الناحية، صياغة الفقرات يجب أن يكون مطروحاً وفقا لشخصية الكاتب، كيف يقلب أفكاره، وكيف اعتاد أن يحضرها، بعض المشاعر القاسية وبعض اللين، بعض التلميح وبعض التصريح، متى يفاجئ القارئ ومتى يمهد له، كل هذا يصنع خلطة مميزة وسرية لا يجيدها غير كاتبها، حتى استخدام الجمل في تأليفه للحوارات، وبالتالي تموضع علامات الترقيم، لابد أن يكون لها وقع مختلف يصنعه نفس الكاتب.

Unsplash 

Unsplash 

وإذا فكرنا في الأمر، بنفس تفكيرنا لعملية الطبخ، والمذاق النهائي للطعام، فإن الممارسة المستمرة للتفاصيل الصغيرة من قبل الكاتب أثناء عملية الكتابة هي أكثر ما يجعل كتاباته حالة متفردة لا يمكن أن يقلده فيها أحد، طريقة تجميعه للعناصر ومصادر الأفكار التي يستلهم منها، وتوجيهها بالشكل الموافق لشخصيته وأسلوبه، يجعل المنتج النهائي أصيل ومميز.

مقالة: كيف تشبه الكتابة الطبخ، بقلم دانييلا داودرتش، توضح فيها أن أحد أسرار الكتابة المشابهة للطبخ، وهو أن تضيف التنوع، فالجملة الملونة - بتعابير مختلفة- أو الكلمات الجديدة الواضحة قد تزيد من نكهة أي مقال.
وبالمثل تعرض الفقرة المُخطَط لكتابتها -بشكل جيد-مجموعة واسعة من هياكل الجمل، ومن الواضح أيضاً أن الظروف الزمنية من صيغ المضارع والماضي المستخدمة كبدايات للجملة يمكن أن تضفي هالة من الإثارة والمفاجأة، كذلك تضيف الجمل التي تبدأ بحروف الجر اهتمامًا وجاذبية، وتضيف الجمل القصيرة قوة على المعنى.

Unsplash 

Unsplash 

خلاصة الأمر، أني لم أعد أطمح كثيراً في التقليد المثالي لوصفة بنفس المذاق لأي شخص خبير له باع في الكتابة، لأن ذلك قد يكون أقرب للمستحيل وكل تفصيلة لها أثر الفراشة على المنتج النهائي بتغييره وجعله متفرّد ومختلف، لذا أكتفي بتقليد الطريقة والمكونات، وأصنع نسخة خاصة بي، وأسعى لتطويرها على الدوام بالاستمرار في الكتابة والتحسين لمذاقها بالأساليب المختلفة، ففي النهاية ستكون نسخة جديدة وخاصة بي، ومن يعلم؟ ربما يحاول أحدهم أن يقلدها بعدي!


هل سبق وتساءلت لأي مدى يعد "طابعك الخاص" في الكتابة متفرداً؟ هل تسعى لتطويره وتحسينه باستمرار؟ 

***

◀️📺 تلفزيون مرجع التدوين:

ترغب بظهور كتاباتك في تلفزيون المرجع؟ اشترك من هنا ودع الباقي علينا.

مرجع التدوين يرشح لكم أبرز التدوينات في عدد هذا الأسبوع: 

🔸مدونة "أحمد قربان":

بالمصادفة قرأت تدوينة أحمد حول الهندسة الصناعية، يجيب فيها _حسب خبرته_ عن كل ما قد يخطر للراغب في هذا التخصص، من تعريفها، ومجالاتها في سوق العمل، وجوانب أخرى منوعة.

سمعت عن تخصص اسمه هندسة صناعية؟ 

🔸مدونة "مكاناً قصياً":

عادةً ما أعقد أحاديث سريعة مع الأشخاص العابرين؛ تكون لطيفة وممتعة؛ مشاعل أيضًا تطرح نفس السؤال دائمًا.ما سؤالها؟وعلى من تطرحه بالتحديد؟ في تدوينتها:

هبة.

🔸مدونة "مريم":

تستعرض مريم بعضًا من المصائد والفخاخ التي تعترضها وتخاتلها كي تمنعها من الاستمرار في الكتابة.

٥ فخاخ في طريق الاستمرار في الكتابة والتّدوين اِحذرْ أن توقِع بِكْ

🔸مدونة "بيث جوزيف":

بثينة التي تنقلت بين ثلاث دول، وسبعة بيوت، وتصنف نفسها بخبيرة تنقلات؛ تقدم لنا خلاصة تلك التجربة.معلقتها _ كما تسميها_ ستجذبك حتى وإن لم تغيّر سكنك يومًا.

كيف تنتقل "بخفة" لتعيش في دولة أخرى؟ 

📱⏹️ ...هل ستكتفي بالمشاهدة لوحدك؟ 📺 شارك هذه التدوينات مع المهتمين😌✨

***

◀️ 🎙️بودكاست العدد:

بودكاست مهارات 

بودكاست مهارات 

مع الشاعر علي الشعالي، يلتقي بودكاست مهارات في حلقة عن التأليف ومهارة التأليف، ماذا نقرأ؟ ومتى وكيف ننشر؟ كما تم الحديث عن مفهوم الكاتب الجاد ومرحلة النشر في حلقة: 

مهارة التأليف.

متابعة ممتعة ونافعة ✨💡

***

كتابة وإعداد: إيمان السقاف.

إشراف عام: أحمد قربان.

***

🗃️ لقراءة الأعداد السابقة من النشرة البريدية:

لماذا نستمتع بقراءة وكتابة القصص والروايات الخيالية؟ 💫🧠
تأثير مهارة البطء على الإبداع في الكتابة 🍃🦋
منعسكات مما تعلمته من كتابة النشرة على حياتي 🕯️💡🌱
***

📩للإعانات: 

[email protected]

مشاركة
نشرة مرجع التدوين البريدية

نشرة مرجع التدوين البريدية

نشرة أسبوعية تهم المدونين والقرّاء وكل من يود أن يبدأ الكتابة. نشارك بها مواضيع متنوعة عن الكتابة والتدوين، الأفكار والخيال، والتجارب الملهمة لأقلام الكتّاب.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة مرجع التدوين البريدية