هل فات الأوان على أن تصبح كاتباً؟ العمر المناسب للكتابة🧓📝 نشرة مرجع التدوين البريدية - العدد #12

بواسطة مرجع التدوين #العدد 12 عرض في المتصفح
ماذا لو أنه فات الأوان على أن تصبح كاتباً؟ هل تساءلت هذا السؤال مسبقاً؟

تمهيد: فلاش باك " لقد كبرتَ على …" : 

لنبدأ باسترجاعٍ سريعٍ في الذاكرة لكل الأحاديث التي مرت علينا مبتدئة بعبارة "لقد كبرتَ على" : لقد كبرتَ على البكاء، كبرتَ على اللعب، كبرتَ على اتساخ ملابسك، لقد كبرتَ على افتعال المشاكل مع إخوتك، لقد كبرتَ على صبيانيتك التي تغيض بها رفاقك، لقد كبرتَ على العيدية، كبرتَ على استلام مصروف من والديك…إلخ من سلسلة " لقد كبرتَ على" بمجرد أن يبدأ أحدهم حديثه معك بـ"لقد كبرتَ على" فاعلم أنه يأمرك بأن تتوقف عن ممارسة هذا الفعل إلى الأبد، ودون رجعة!
لكن ماذا لو كنا نحن من نحدث أنفسنا بهذه العبارة؟ أن يخبرك الآخرون بقناعاتهم للتأثير على بعض قراراتك شيء، وأن تقنع أنت نفسك بها فهذا شيء آخر! والأسوأ هو أن نحبس أنفسنا عن ما نظن أننا كبرنا عليه.

 في إحدى حلقات سلسة وثائقي  Blue Zones لفتني ما قالته إحدى المعمرات وقد بلغت 105عاماً من عمرها، أنها عندما كانت في الثمانين، عرضت عليها موظفة المعاشات أن تتنازل عن معاشها لينتفع به غيرها -على اعتبار أنها خمنت بقرب أجل هذه السيدة- تقول السيدة المعمرة أنها لو سمعت لنصيحتها لأمضت عشرون عاماً بدون معاش، لن تعلم حينها كيف كانت ستعيش كل هذه المدة بدون مال!

ولنترجم عرض موظفة المعاشات، فهي تقول بشكل غير صريح: "لقد كبرتِ على الحصول على معاشك المستحق!"

هل تتخيل؟ عشرون عاماً بدون معاش لسيدة عجوز عازبة؟!

ننصحكم بقراءة مقالة: ماذا يعني ان تكون انسان مايخلص؟

و في رسم مختصر لأعمار المؤلفين المشاهير حول العالم، تم جمع أعمار101 كاتب مشهورعندما نشروا أعمالهم لأول مرة في أعمار متفرقة، بداية ممن نشر في عمر الـ17 عاماً، وانتهاءً بمن نشر في الـ 41 عاماً من عمره.

ولكن دعني أخبرك بنموذج أكثر إبهاراً في مسألة عُمُر الكتابة، وهي آن يونغستون، والتي بدأت بالنظر للكتابة كمشروع جِديّ في وقت متأخر، ونشرت أول أعمالها بعنوان "قابلني في المتحف" في سن الـ69، ثم صدرت روايتها الثانية "ثلاث نساء وقارب" عام 2020م، تبلغ الآن من العمر 75 عاماً، ولا تزال تكتب! 

قالت في مقابلة لها أنها شعرت بالقلق عندما أخبرها وكيل أعمالها أن أحد الناشرين قدم عرضًا لروايتها الأولى، وتقول: "كنت مقتنعة أنه عندما يكتشفون عمري، فإن موقفهم بالكامل بشأن ما إذا كانوا يريدون النشر لي سيتغير"، وقد كانت جميع مخاوفها في غير محلها.

ماذا لو أنها اكتفت بما كبرت عليه لـ69 عاماً؟

حقيقة تساؤلنا عن العُمُر المناسب للكتابة:

لا أستبعد أن معظم من يقرأ هذا العدد الآن، قد تساءل مرات عديدة إذا ما كَبر على خوض تجربة الكتابة -أو أي تجربة أخرى-، فأنا لا أخفي أني أحد الأشخاص الذين تساءلت كثيراً بعد أن أنهيتُ مرحلة البكالوريوس: هل فات الأوان على العودة للكتابة أو على أن أصبح كاتبة؟ 

ولأني وجدتُ أن الإجابة "لا" هي الإجابة الصحيحة، أدركتُ أن هذا السؤال ليس سؤالاً حقيقياً بقدر كونه مخاوف ومعتقدات دفينة موجودة عندي وعند غيري، نسعى بها لتبرير عدم إقدامنا على الكتابة بجدية واجتهاد؛ نحن نبرر لأنفسنا أن الأوان قد فات وأن للكتابة عُمُر محدد، حتى لا نشعر بالحسرة والندم أو الذنب، وحتى لا نبذل جهداً في السعي لنكون كُتاباً.

علاقتنا بالكتابة:

على الرغم بأنه لايوجد عمر محدد للكتابة، فالأمر مرهون بعلاقتك بها في المقام الأول، إذا كنتَ تحب الكتابة ولو حباً صغيراً، فهذا كفيل بأن تعود إليها مهما بلغ بك الكبر، وبرأيي فإن لدوافعنا واختياراتنا في الكتابة تأثير علينا في استئناف الكتابة، وهذا التأثير لا يُستهان به، بل يتجاوز فكرة تحديد العمر، إذا شعرت أنك تحب الكتابة وتستمتع أو ترتاح بها، فأنصحك أن تكتب دون أن تأخذ بعين الاعتبار كم هو عمرك الحالي، مازال لديك الفرصة للكتابة والنشر.

خدعة "ابدأ مبكراً أو لا تبدأ":

 ابدأ بمثالية أو لا تبدأ، ابدأ مميزاً أو لا تبدأ، ابدأ كبيراً أو لا تبدأ، إذا بدأنا من النهاية فما فائدة أن يكون لنا هدف ورحلة من الأساس؟ كيف سنعيش تجربتنا الخاصة وكيف سنحصل على متعة التجربة وبناء الخبرة؟ 

بعد كل هذا، من أين تبدأ؟

إذا اقتنعت بمباشرة الكتابة أو كنت منقطعاً عنها لفترة طويلة، لابد أن سؤال "من أين أبدأ" قد قفز إلى ذهنك مباشرة.

في مقالها بعنوان "أصبحت كاتبة في الأربعين من عمري" تحكي المدونة "إلينور بلاكت" عن تجربتها في الانتقال من وظيفتها كمنتجة تلفزيونية لمدة 20 عام، إلى كاتبة مستقلة، قرأتُ مقالتها، ورغم طولها وإنهائي لها على فترات، إلا أنها كانت مثرية جداً -تمنيت لو أجد لها ترجمة عربية- وهي نقطة انطلاقة جيدة لمن يشعر برغبة في خوض تجربة الكتابة وسط ازدحام مسؤولياته والتزاماته في الحياة، خلاصتها ألا تخاف من البدء من جديد مهما كنتَ مرتبكاً.

أتمنى أن يكون موضوع هذا العدد قد صدّ أو ردّ بعض الأفكار الخاطئة التي حجمتك عن الكتابة بسبب عمرك، سنسعد لو أخبرتنا كم كان عمرك حين بدأت تكتب؟ 

كتابة وإعداد: إيمان السقاف

إشراف عام: أحمد قربان

***

لقراءة الأعداد السابقة من النشرة:

العقل السليم في "الكتابة المستمرة"، كيف تؤثر الكتابة في دماغك؟🧠🌟
الكتابة كآلية للبقاء،الكتابة كآلية للبقاء، هل يمكن أن تحمينا الكتابة من الأمراض؟🛡️🧠
تجربة افتراضية لتطبيق نظرية "موت المؤلف" 🧐🔍

للإعلانات:

[email protected]

ReemBothaina Alyousef2 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة مرجع التدوين البريدية

نشرة مرجع التدوين البريدية

نشرة أسبوعية تهم المدونين والقرّاء وكل من يود أن يبدأ الكتابة. نشارك بها مواضيع متنوعة عن الكتابة والتدوين، الأفكار والخيال، والتجارب الملهمة لأقلام الكتّاب.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة مرجع التدوين البريدية