تجربة افتراضية لتطبيق نظرية "موت المؤلف"🔍🧐- نشرة مرجع التدوين البريدية - العدد #9

بواسطة مرجع التدوين #العدد 9 عرض في المتصفح
‏‎#فلسطين ألمكم ألمنا ❤️‍🩹

يعيش أهلنا في غزة أياماً صعبة، نسأل الله أن يفرج همهم وأن يرحم شهداءهم وأن يحفظ أبناء غزة بحفظه 🇵🇸

يعيش أهلنا في غزة أياماً صعبة، نسأل الله أن يفرج همهم وأن يرحم شهداءهم وأن يحفظ أبناء غزة بحفظه 🇵🇸

                _______________________

يبدأ بارت نظرية "موت المؤلف" بمثالٍ مأخوذ من رواية " Sarrasine " للروائي الفرنسي أونوريه دي بلزاك. باقتباس مقطع من الرواية، يسألنا بارت من "يتحدث" تلك الكلمات؟ بطل الرواية أم بلزاك نفسه؟ إذا كان بلزاك فهل يتحدث شخصياً أم نيابة عن البشرية جمعاء؟ وجهة نظر بارت هي أننا لا نستطيع أن نعرف من المتحدث، ويعلن بجرأة تبعاً لذلك، أن الكتابة ما هي إلا تدمير لكل صوت! وبعيدًا عن كونها قوة إيجابية أو إبداعية، فإن الكتابة هي في الواقع سلبية، وفراغ، حيث لا يمكننا أن نعرف بأي قدر من اليقين يتحدث أو يكتب الكاتب.

د.أوليفر تيرل - جامعة لوبور

لاشك أن الكتابة أداة خاصة في يد الكاتب، تعكس منظومة الفرد وقناعاته الشخصية، الاجتماعية، السياسية، الثقافية، والفكرية، إلا أن نظرية "موت الكاتب" نادت بأن يُفْصل الكاتب عن نصه فصلاً تاماً من قِبل القارئ، وأن يُترك النص كلغة مجردة غير مرتبطة بكاتبها، بحيث يفسرها القارئ وفقاً لمعرفته المتراكمة وخبراته السابقة بدلاً من أن يفسرها عن خلفية كاتبها الشخصية، وأن يخرجها عن سياق خبرات كاتبها واتجاهاته والرؤى التي يتبناها في حياته.

في هذا العدد، سنقوم بتجربة افتراضية للنظرية، للبحث عن مدلولاتها فينا (ككُتّاب) وذلك بافتراض صحتها وتسلمينا لها، وبهدف الخروج بأفكار جديدة وغير مألوفة لنا معشر الكُتّاب، وفي آخر العدد سنعرض موقف معظم النقاد من نظرية "موت المؤلف".

ماذا لو سُلبت منك نصوصك؟

تخيل أن تستيقظ ذات يوم لتجد العالم يقرأ لكُتّاب مجهولِي الهوية، تتنقل نصوصك بين جماهير القُرّاء، لتُترك لهم؛ تُفسّر حسب رؤاهم وخبراتهم، أن يروا كتاباتك دون أن يكون لك ذِكر فيها أو أي ارتباط بها ولا بأي شكل من الأشكال!

"كأم أُُخذ منها طفلها بعد إنجابه دون رجعة" يمكننا تقمص شعور البعض على هذا النحو، لكن- لو تساءلنا- ما الذي سيطفو على السطح؟ من قناعات الكاتب ومبادئه الحقيقية ومفاهيم غائبة عنه أو ربما قدرات لم يكن يدرك أنه يمتلكها!

١. الكشف عن أبعادٍ جديدة:

هل يمكن أن يكشف موت الكاتب أبعاداً أخرى في كتابات المؤلفين؟ إذا لم يحمل النص اسم كاتبه، هل يمكن أن يُعرّيه عن حقيقته في هذه الحالة؟ عن أفكار جديدة كان يخفيها عن قصد أو دون أن يشعر؟ ربما معياراً لمصداقيته أمام نفسه، ربما علاقته الحقيقية بالكتابة، أو إجابة أعمق عن "لماذا نكتب؟

٢.‌ "موت المؤلف" يحرر الكاتب من سلطة الشهرة: كثيراً ما طُرح هذا السؤال: " هل تؤثر نظرية موت المؤلف في دور النشر لغرض ترويجي؟"

مع وجود المنصات الاجتماعية الرقمية صار إقصاء المؤلف من المعادلة أمراً صعباً، فالكاتب يستطيع أن يتواصل مع القارئ عبر منصات التواصل، وبذلك يستطيع أن يكون حاضراً في ذهن القارئ، ويُقال أن معظم دور النشر تبحث عن الكاتب النشط في مواقع التواصل الاجتماعي لأن ذلك يساعدها على بيع الكِتاب، لكن تكشف النظرية عن حقيقة دوافع الكُتّاب على الأغلب، فما بين السعي خلف الشهرة و الإفادة، الربح والتسويق المبطن، صارت الكتابة أداة من أدوات المخادعة لدى البعض، يمكننا تشبيه الأمر بالمؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ففي حين يَصدُق بعضهم، يَكذب آخرون من خلف الشاشات، ويصير الكاتب عبارة عن مروج لسلع أو أفكار مقابل المادة، والمشكلة ليست في الترويج ذاته، بل في مصداقية الكاتب واتفاق ما يروجه لجمهوره مع مبادئه.

‌٣. تحسين قدرة الكاتب على تقمص أدوار بعيدة عن ذاته في نصوصه:

ربما هذه المهارة تبدو صعبة على الكثير من الكتاب، لأن النص عندما يحمل اسم كاتبه، قد يُحجِمه بشكل أو بآخر عن عملية التقمص لأدوار تناقض شخصيته بشكل تلقائي، إلا أن إجادة هذه المهارة في بعض أنواع الكتابة قد يكون حسناً، ويساهم بشكل كبير في إثراء القارئ، وعلى الكاتب حينها أن يتعامل مع الأمر باحترافية مهنية، بحيث يكون بمقدوره الفصل بين شخصياته التي يتقمصها، وبين واقعه الذي يعيشه. 

٤. حقيقة "مثالية الأفكار وقناعات الكاتب" :

لازلنا نتحدث عن المثالية، عرقلة من عراقيل صناعة الكُتّاب، تفكير الكاتب بمثالية قد يخرج النص عن هدفه في توضيح الفكرة أو دفعه للتكلف في بعض المواضع، او ربما تأجيله نشر النص لأجل غير مسمى، وعلى الرغم من أن التطرف في مسألة الكتابة دون خوف، قد ينتج نصوصاً ركيكة وضعيفة، إلا أن هذه النصوص والمؤلفات موجودة على أية حال، بالمقابل هنالك الكثيرون الذين ردعهم الخوف من الكتابة بأسمائهم بسبب عدم مثالية أفكارهم. في الوقت ذاته تكشف نظرية موت الكاتب هذه الحقيقة: لا أحد يكتب بمثالية! على الرغم من محاولة هذه النظرية نفي شخصية الكاتب بتشكيكها في قناعاته وصدقها بشكل مثالي، إلا أن النص سيظل غير مثالي حتى بفصله عن كاتبه، ستظل الأخطاء موجودة والثغرات متنوعة وفقاً لتنوع فكر القُراء وتباين وجهات نظرهم وهذا ما سيأخذنا لجزئية انطباع النقاد عن النظرية.

 النُقّاد ونقد النظرية:

اتفق الكثير من النقاد على أن الكتابة لها أطرافها الثلاثة الذين يصعب فصلهم عن بعضهم؛ الكاتب، النص، والقارئ، ولأن النظرية نتجت عن المدرسة البنيوية، ستظل كغيرها من النظريات المُختَلف فيها، وسيظل الطرف القارئ قارئاً للفكرة من وجهة نظره، تؤثر النصوص في قرائها بشكل أو بآخر، وتخلق تصورات خاصة في ذهن كل قارئ وآخر، فلِمَ يتوجب "موت الكاتب

النظرية تحث القرّاء على توليد اتجاهاتهم ومفاهيمهم الخاصة عن النص لكنها تقتل الكاتب، وتسلبه خصوصيته وإنتاجاته، وفيها قتل للتجربة الإنسانية، فالكتابة ليست مجرد لغة بل هي تركيبة من نتاج فكريّ إنسانيّ ضمن عملية شعورية وتفاعلية مع الذات والمحيط.

والسؤال التأملي بافتراض النظرية؛ هل يمكن أن نجني ما يعتقده بارت من مكاسب بتطبيق النظرية دون أن نقتل المؤلف؟

شاركونا آراءكم الخاصة عن هذه النظرية!

انتاج وإعداد: إيمان السقاف

مراجعة عامة: احمد قربان

***

لقراءة الأعداد السابقة من النشرة البريدية 📬

انعكاسات ثقة الكاتب على القارئ
لماذا نكتب؟ دوافع الكتابة ومكاسبها الفردية والمجتمعية📝
إن لم تزرك فكرة براقة فاصنعها - كيف تتعامل مع الجمود الفكري لقلمك؟📝✨

للإعلانات:

[email protected]


مشاركة
نشرة مرجع التدوين البريدية

نشرة مرجع التدوين البريدية

نشرة أسبوعية تهم المدونين والقرّاء وكل من يود أن يبدأ الكتابة. نشارك بها مواضيع متنوعة عن الكتابة والتدوين، الأفكار والخيال، والتجارب الملهمة لأقلام الكتّاب.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة مرجع التدوين البريدية