الكهرباء - العدد #4

بواسطة م. طارق الموصللي #العدد 4 عرض في المتصفح
علمت أن فكرة #صندوق_دائري لن تنجح. فمَن أنا حتى تستجيب لي الجماهير. لذا جهزت كلمة ثم عدلت عنها في اللحظة الأخيرة!

أما الكلمة الأولى فكانت (القطط). إذ لاحظت أن القطط في بلادنا تخشى البشر جدًا؛ تراهم مِن بعيد فتهرب دون أن تنظر خلفها (حتى لو عنى ذلك أن تترك وليدها بين براثن الأشرار!).

ثم حدث أن انقطع التيار الكهربائي أثناء تدويني رؤوس الأقلام، فقررت أن تكون ضيفة هذا العدد، كما هي في واقعنا.

كبداية، دعني أخبرك عن أحد التعابير التي تروقني..

"الشيطان يكمن في التفاصيل"

مكمن حبيّ للتعبير تفسيراته العديدة، على سبيل المثال: يراه البعض تعبيرًا عن ظهور شيطان الإلهام عندما تقرر الخوض في تفاصيل روايتك. فكما تقول الكاتبة (جمانة السوادي):

"يَتباين الكتاب ويتفَاوتون: في اللغة والمَبنى، لا في الفكرة والمعنى."

في حين أراه إشارة لكون كثرة التفاصيل تسمح لشيطان التردد بالوسوسة لك، علّك تدع الأمر برمته!
وقد رافقني (المغضوب عليه) ذاك في رحلتي، والآن أجده يسعى لإغوائي بتجاهل النقطة التي أتحدث عنها بحجة [لا أحد يهتم]. رغم معرفة "الخبيث" أنها عماد العدد. أو لأكون أدقّ، كانت الحادثة التي سأرويها بعد قليل مدخلًا استعان به شيطان الإلهام في إقناعي بموضوع العدد، وهو ما لم يرق شيطان التردد.

{هو تضارب مصالح إذًا!}

الآن، وبعيدًا عن معارك العالم السفلي الطاحنة، أي نوع من التفاصيل يقف في وجهي؟
ببساطة، تلك المتعلقة بسؤال: من أين أبدأ؟

إذ أودّ الحديث عن (انقطاع الكهرباء في البلاد)، لكن المصطلح الأدق هنا (دخول الكهرباء على استحياء). ما يفجّر أسئلة على غرار:

  • ما القصة؟ هل تغيب الكهرباء كثيرًا يا طارق؟
  • لماذا تنقطع الكهرباء كل تلك الساعات؟
  • كيف يتدبر الشعب أموره في ظل غيابها؟
  • وما علاقة كل ذلك بالكتابة؟

فيُعاود السؤال طرق عقلي: من أين أبدأ؟

لنبدأ مع كلمة (حرب). تشهد البلاد حربًا، يُسميها البعض أهلية ويراها آخرون خارجية، المسمى غير هام.
ما يعنينا هنا معرفة أن البنية التحتية تنحدر أثناء الحروب إلى مستوياتها الدنيا، ويندرج تحتها بالطبع (الطاقة الكهربائية).

للتعامل مع الوضع، لجئ الشعب لما يُسمى (المحولات/انفرترات/Inverters) لتخزين الكهرباء واستخدامها لاحقًا، إضافة لإنارة الليد LED كبديل عن المصابيح الكهربائية. يعمل كلا النظامين معتمدًا على بطارية قابلة للشحن.

وهنا أصل إلى جوهر القصة.

كيف ساهم انقطاع التيار الكهربائي في زيادة إلهامي؟

يتدرج انفصالي عن العالم الرقمي -أحد أكبر مُشتتات الكتابة- على النحو التالي:

  • ينقطع التيار الكهربائي، فننتقل إلى إنارة الليد (لا أملك ثمن شراء محوّل < تفصيل غير هام). ونحرص كأسرة على البقاء ضمن غرفة واحدة لإطالة عمر الإضاءة قدر الإمكان.
  • مع إكمال الساعة دورتها الثالثة [حين يستمر انقطاع الكهرباء 5 ساعات متواصلة]، تخفت الإضافة بنسبة 50%. فيتعين علينا الاستعانة بكشّافات هواتفنا الذكية.
  • قبل ساعة من عودة التيار الكهربائي، يغرق الحي بأسره في الظلام.
  • جدير بالذكر أن (راوتر الانترنت) لديّ يستمد طاقته من البطارية ذاتها. لذا، سرعان ما أفقد اتصالي بالانترنت. ما يشكل جوًا مثاليًا للكتابة.

ربما يبدو موضوع العدد بعيدًا عن المساق الطبيعي للنشرة، وهنا يتحتم عليّ ربط النقاط ببعضها.

🧩 هدف الكتابة هو التوثيق. هذا ما فعله توفيق الحكيم في سجن العُمر؛ الكتاب الذي قضيت ليالٍ طويلة ومظلمة أحاول إنهائه.
السؤال الذي ما فتئ ينقر عقلي كالوسواس القهري: ما الفائدة المرجوة من قراءة يوميات شخص عاش في ثلاثينيات القرن الماضي؟ مجرد يوميات لا يمكن لأحد استخلاص أي دروس حياتية منها.
لكن مع استطرادي في القراءة توصلت إلى الغاية: فهم الظروف التي أخرجت موهبة (الحكيم) إلى النور.
أليس هذا هدف النشرة الأساسي؟

🧩 المهارة التي أحاول التدرب عليها هنا 👈🏻 (ربط الأفكار). معتمدًا على المقاييس التالية:
- عدد الكلمات التي أشطبها (يدل على انسيابية الفكرة).
- عدد الكلمات التي أحتاجها لإيصال الفكرة بأوجز عبارة.
- زمن الكتابة.

بالنسبة لانسيابية الأفكار، فلاحظت تحسنًا طفيفًا. يدل عليه قلة الخطوط "المقتحمة"

وفيما يخصّ الإيجاز، فنميّت مهارة "عدم الخوف من الخطأ" والتي أتاحت ليّ التقاط الفكرة وتدوينها فور ورودها.
ساشرح لك الأمر: لنفترض أنك تودّ إخبار صديقك أن ثمّة شيئًا عالقًا بين أسنانه.
إن خضعت لمفهوم الصداقة الحقيقية ولم تخشَ إحراجه- فذاك موقف نمرّ به جميعًا وما من مبرر للحرج- فستخبره مباشرةً:

"فلان، هناك شيءٌ عالقٌ بين أسنانك العلوية"

أما إن جلست تنتقي عباراتك، فستقضي وقتًا طويلًا قبل أن تتفوه بالكلمات التالية:

أرجو ألا تُحرج منيّ، ولا تفكر كثيرًا في الأمر، فنحن أصدقاء. يبدو أنك تناولت الدجاج على الغداء. صحيح؟

سيهزّ رأسه مندهشًا من قدرتك المدهشة على التخمين.. فتتابع أنت:

ثمّة "بعض" الدجاج العالق بين أسنانك.

أرأيت؟ تفكير أكثر = عبارات أطول. والعكس بالعكس.

ننتقل إلى المعيار الثالث "زمن الكتابة"

لن تصدق زمن كتابة العدد السابق: 7 ساعات!
إذ أردته مثاليًا، لذا لم أوفر جهدًا في اختلاق العبارات الرنانة والمعاني العميقة، ففقد عفويته والنتيجة؟ 🤦🏽 🤦🏽‍♂️

🦗🦗 🦗 🦗 🦗 🦗 🦗 &nbsp;

🦗🦗 🦗 🦗 🦗 🦗 🦗 &nbsp;

السرّ الذي جعلني أُنهي عدد اليوم في ساعتين ونصف فحسب

مداومتي النشر والتفاعل على تويتر، وابتعادي مؤقتًا عن المدونات (ولهذا سبب جوهري سيكون موضوع العدد القادم بإذن الله).

المهم، وبالعودة إلى تويتر:
لاحظت أن الموقع يقترح الحسابات وفقًا لحجم الحساب الذي أتصفحه. ولما كنت قد قررت النزول من برجي العاجي (كما اقترحت على المتسائل في كورا)، فلم أوفر جهدًا في تصفح عشرات الحسابات الصغيرة؛ مسترشدًا بنصيحة قراتها في تدوينة لزميلتي في رديف.
إذ كنت قبلها (استهدف🕸) الحسابات الضخمة -100,000 متابع فما فوق- دون جدوى.

أما الآن، وبفضل الخطة الجديدة، ارتفع عدد المتابعين لحسابي [291 ⏮ 318] خلال أسبوع.

من خارج الـ 📦

  • نشرة دهشة. شخصيًا، أفتقد هذا النوع من التدوين الشخصي، حيث لا تكلّف.. والكثير من الطاقة الإيجابية.
  • نشرة شيء من حتى. لن أغفر خيانته بإنتماءه إلى معسكر العدو Mailchimp *أمزح*
    لكن الحق يُقال، يستطيع الأستاذ عامر حريري دغدغة موضع حساس من ذاكرتي كطفل. كيف لا وهو يتحدث عن أول كمبيوتر دخل منزلهم؟!
  • مدونة جمانة السّوادي. رغم أنني متعصب للوردبريس Wordpress، لذا كثيرًا ما أتجنب تصفح مدونات Blogspot؛ لكنني وقعت في شراك هذه المدونة.
    سحرتني رشاقة عباراتها حدّ قراءتي جميع تدويناتها خلال جلسة واحدة.

إلى هنا تنتهي رحلة اليوم، ألقاكم الأسبوع القادم بإذن المولى سبحانه.
وحتى ذلك الحين، كونوا بخير..🤎

ممدوح نجم1 أعجبهم العدد
مشاركة
الكتابة داخل صندوق!

الكتابة داخل صندوق!

عن الكتابة وطقوسها غير المحكية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من الكتابة داخل صندوق!