شاهد ومشهود لا ثالث لهما

يوم جديد، جمعة جديدة، والحمد لله رب العالمين.

🕒 مدة القراءة: 5 دقائق

أحمد بن حنبل

قبل فترة، لم أكن أعرف عن أحمد بن حنبل الكثير، كل ما أعرف عنه اسمه، وأنه من الأئمة الأربعة. هذا من الأسباب التي دفعتني لمشاهدة مسلسل الإمام الذي أُنتِج من طرف مؤسسة قطر للإعلام. هذا المسلسل يحكي قصة أحمد بن حنبل وكيف نشأ يتيمًا بعد موت أبيه محمد بن حنبل الشيباني. كبر أحمد بن حنبل أمام أمه، التي كانت دائمًا سندَه والمشجعَ الأولَ له على طلب العلم ولا شيء غيره، حيث لم تتركه يعمل، ورضيت بالقليل الذي يأتيهم من كِراء دكان أبيه وعملها في حياكة الصوف كي يتفرغ ولدها لطلب العلم، حيث كانت تحلم أن تراه من علماء هذه الأمة، وقد كان.

مرّ الزمان بأحمد بن حنبل من بلد إلى بلد يطلب العلم هنا وهناك، وأمه صابرة على فراقه طمعًا فيما هو خير من الدنيا.أصبح ابنها من كبار فقهاء بغداد ومحدثيها، فتُوفيت أمه رحمة الله عليها، وتزوج وأنجب، فجاءت فتنة خلق القرآن، حيث بعد موت هارون الرشيد وابنه الأمين، اللذَين كانا يضيّقان على المجموعة التي تدّعي خلق القرآن، جاء عهد المأمون الذي فتح الباب لكل من له قول أن يقوله بحرية، وتقرب إليه المعتزلة، وشغلوا كل المناصب القريبة منه في قصر الخلافة. هذا ما مكّنهم من نشر بدعهم وأفكارهم المبنية على ""العقل"" كما يقولون.

بعد تمكّنهم من أمير المؤمنين آنذاك، بدؤوا في فعل ما يحلو لهم ونشر بدعهم بكل حرية وبدعم من المأمون، ووصل بهم الحد إلى إجبار الناس على اعتناق معتقداتهم أو اعتبار من ضدها كافرًا جاهلًا بالله. فذهب العديد من علماء ذلك الزمان معهم خشية منهم، وثَبَت قلّة منهم أحمد بن حنبل، رغم التضييق ودخول السجن، وما حاولوا من خلاله تغيير رأيه، لكنه كالجبل ظل صامدًا أمامهم، رغم تغيُّر رأي آخرين، وجلس في السجن مدة طويلة، وعُذِّب بعد ذلك بالجلد، لكنه ظل صامدًا حتى تم إطلاق سراحه. وبعد فترة، عاد لمجالسه، وفي عهد المعتصم، عادت المضايقات مجددًا، حيث مُنِع من التحديث والتدريس، وأُمر بأن يلزم داره ولا يخرج منها، وبقي على هذه الحال حتى جاء عهد المتوكل، الذي أنهى هذه الفتنة، وكرّم الإمام على ما لاقاه في الفترات السابقة، وجازى كل واحد من المعتزلة بما يستحق، بسبب ما قاموا به من فتنة بين المسلمين.

هكذا انتهى المسلسل، هناك تفاصيل كثيرة في المسلسل تستحق أن تشاهده لأجلها، لكن ما لفت انتباهي من هذا المسلسل هو الربط العجيب بين قصة الإمام وما يحدث الآن لإخوتنا في فلسطين.

حيث ترى أن أحمد بن حنبل صمد وحيدًا ضد المعتزلة، رغم السجن والتعذيب وما قاموا به، لكنه ظل صامدًا على الحق حتى أتاه نصرُ الله. وفي الأخير، لم يذكر الناس لا المعتزلة ولا العلماء الذين غيّروا قولهم خوفًا وخشيةً من بطش أمير المؤمنين آنذاك، وتذكّر الجميع صمود أحمد بن حنبل وما قام به في سبيل نصرة الحق، وهذا ما أراه يحصل الآن لإخوتنا، حيث تركهم القريب قبل البعيد، ولم يستطع أحد الدفاع عنهم ولا إيصال الأكل لهم، لكنهم صامدون في وجه الاحتلال، رغم كل ما يقوم به من قتل وإبادة، وحين يأتي نصر الله، لن يذكرنا أحد، وسيذكر الجميع أهلنا في فلسطين على ما قاموا به من نصرة الحق.

اللَّهُمّ انصرهم، وأعنهم، وسامحنا على تقصيرنا في حقهم.

مسلسل الإمام علّمني الكثير، وغيّر في تفكيري أشياء كثيرة، ورأيت من خلاله الإيمان الذي لا يتزحزح في شخص أحمد بن حنبل. أنصح أيّ أحد بمشاهدته، لأنه يحوي من العِبَر الكثير، وهو ما دفعني إلى أخذ خطوة في مشاهدة مسلسلات أخرى عن تاريخ إسلامنا.

من مجلسنا

فكرة هذه الفقرة أن أنقل إليكم بعض الأفكار التي كتبتها أثناء مجلسنا الأسبوعي لتدارس القرآن الكريم، ونسأل الله أن يجعل كل أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم:

• والله على كل شيء قدير —كل شيء—
• الحل: "بل هو قرآنٌ مجيدٌ في لوحٍ محفوظ".
• شاهد ومشهود، لا ثالث لهما.
  
• في الآخر سيُجمع الظالم والمظلوم.
  
• أَحَسِبْتَ أن تقول آمنتَ وتبقى بدون ابتلاء؟
  
• هو الحي، والحياة منه.
• كل شيء، كيفما كان صغيرًا أو كبيرًا، راجعٌ إلى توفيق الله، لا إليك.
• إن تعلّقنا بالباقي، بقينا.

أعجبني وأردت نشره

-ابن خلدون

هذا ما كان لدي في هذا العدد.

قبل الختام لا تنسوا إخواننا في فلسطين من دعائكم،اللهم انصرهم واجبرهم وقَوِّهم على ما هم فيه، وانصر مجاهديهم يا رب العالمين.

🌿 تنويه مهم:

أنا لست من أهل العلم، وإنما أجتهد قدر استطاعتي في الكتابة والنقل من مصادر متعددة، وقد أقع في الخطأ دون قصد، فإن وجدت ما يحتاج إلى تصحيح، فالرجاء تنبيهي، وسأحرص على توضيحه في حساب النشرة حتى لا ينتشر الخطأ. كما سأقوم بحذفه أو تعديله داخل النشرة نفسها حتى لا يبقى للقارئ الجديد.

أُذكّر نفسي وإياكم: تحققوا دائمًا، ولا تأخذوا شيئًا إلا بعد التثبت، كما أسعى أنا لذلك قدر جهدي. جزاكم الله خيرًا على حرصكم وتفهمكم.

حسابات التواصل : أنستغرام و X.

ان فاتك العدد الماضي فيمكنك ايجاده هنا.    

في أمان الله ورعايته.