يوميات نعيمة - العدد #5 |
| 27 أكتوبر 2025 • بواسطة Naima • #العدد 5 • عرض في المتصفح |
|
تعدّدت الأسباب...
|
|
|
|
مدة قراءة النص: دقيقتان ونصف. |
|
الاثنين الثالث عشر من أكتوبر كان يومًا عاديًا، بل عاديًا جدًا. كغيره من سائر الأيام. لم تظهر فيه أيّ ظواهر غريبة أو غير طبيعية. |
|
وكان الطفل حسن، كعادته، في كامل أناقته وهندامه الجميل، يمتلئ حيويةً ونشاطًا. إنه الصباح الباكر، حيث يستعدّ ويحمل حقيبته وأحلامه، ويقفز فرحًا مراتٍ عدّة في انتظار الباص. يخفي في نفسه حكاياتٍ ينتظر أن يرويها لأقرانه حين يصل الروضة، وأخرى سيخبر بها معلمته. |
|
وبرغم حماسه وحبّه الشديد للروضة، لم يكن يدرك أنّه في ذاك الصباح لن يصلها، ولن يتمكّن من رواية حكاياته إلى أصدقائه أو معلمته. |
|
فبينما هو جالس في الباص، داهمه نعاسٌ أبى إلا أن يغفو على أثره ويستسلم لنومٍ عميق. ومن سوء طالعه، لم يتفقده أحد. |
|
مرّت الساعات، واعتقدت إدارة الروضة أن حسن متغيبٌ اليوم لسببٍ ما. كذلك لم يتفقده أبواه، فهما مطمئنان أنه في مثل هذا الوقت يكون في روضته. |
|
وحين حان موعد الانصراف، جاءت السائقة لتسلّمه، لكنها لم تجده بين الأطفال. هرعت إلى الإدارة فأبلغوها أن حسن لم يحضر اليوم. |
|
كيف لم يحضر اليوم؟! وقد استلمته من بيته وركب الباص مع بقية الأطفال، فكيف لم يحضر اليوم؟ |
|
هرعت كالمجنونة إلى الباص، فوجدته شبه مغمًى عليه. حاولت إنقاذه بكل الطرق، ثم نُقل بالإسعاف إلى أقرب مستشفى، لكن حسن أبى إلا أن يسلّم الروح، وسط ذهول الأقربين، وحزنٍ ووجعٍ عميقٍ للأب والأم. |
|
ذاك النعاس الذي سلبه عمره، وجعل الثالث عشر من أكتوبر آخرَ أيام حياته. |
|
من الذي تسبّب في موت حسن؟ أهو النعاس؟ أم السائقة التي نسيت أن تتفقد مقاعد الباص قبل مغادرتها الروضة؟ أم هو الإجهاد الحراري الذي أصيب به؟ |
|
أيًّا كانت الأسباب، فقد ودّع الطفل حسن المحاري الحياة. وكما يُقال: تعدّدت الأسباب والموت واحد. |
|
كانت الحياة بخيلةً جدًا مع الطفل حسن، فلم تهبه إلا أربعة أعوامٍ ونصف. لم يُتح له أن يكبر، أو يصبح شابًا، أن يُكمل المدرسة أو الجامعة، أن يتزوج، أو يفرح به والداه. |
|
وهكذا كان الاثنين الثالث عشر من أكتوبر آخرَ يومٍ في حياته. |
|
اللهم ألهم أبويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون. |



التعليقات