يوميات نعيمة - العدد #3 |
22 سبتمبر 2025 • بواسطة Naima • #العدد 3 • عرض في المتصفح |
تلك التي لن تعود...
|
|
![]()
|
![]() مدة قراءة النص: دقيقتان ونصف. |
مساء الجمعة الثاني والعشرين من أغسطس الماضي، قادتني قدماي نحو مجمع السلمانية الطبي لزيارة بروين نصر الله. كنت قد انقطعت عن زيارتها فترة، بسبب استوطان روحي بمراسم عزاء أختي المرحومة نادية. زرت بروين عدة مرات من قبل، وفي كل وصال كانت رجلاها تبديان ومضة أمل، وحين نحدثها تحاول أن ترفع جفنيها أو تنطق بكلمات قليلة. كنت أظل أحدثها وأقول: كيف حالك يا بروين؟ ستتحسنين وتعودين إلى بيتك. أنا نعيمة أفتقدك كثيرًا وأنتظر عودتك. |
أما في آخر زيارة لها، دنوت منها وألقيت عليها حديثي: كيف حالك يا بروين؟ لكن بقيت رجلاها جامدتين، وبقيت عيناها صامدة أمام كلماتي. خرجت من المستشفى تلك المرة بخفيّ حنين. |
ويوم الأحد الرابع والعشرين من أغسطس، فجعت برحيلها. ترى، هل كان حدسي يخبرني أن بروين سترحل قريبًا، لذلك هلمّت قدماي إلى زيارتها؟ في شهر واحد فقدت أختي الغالية، ثم فقدت صديقتي العزيزة بروين. وهل حقًا لن أستطيع زيارة بروين مرة أخرى؟ هل حقًا لن أسمع حكاياتها أو أجلس معها في بيتها؟ كم يصعب علينا، نحن الأحياء، أن نصدق أن أحبّتنا الذين رحلوا لن نجدهم بعد اليوم في البيوت ولا في الطرقات، لا في المقهى ولا في السيارة، ولا حتى عبر رسالة نصية عبر الهاتف. |
تفاصيل صغيرة جدًا، لكنها بعد رحيلهم تصبح كبيرة جدًا، بل موجعة. تلك الأفعال البسيطة التي كنا نمارسها معهم، نفقدها إلى الأبد. بعد غيابهم لا تجد كلماتنا من يجيبها. |
أحببت بيتك يا بروين، أولًا في حالة بوماهر بالمحرق، ثم في الحد، حيث كانت روحك الطاهرة تنثر على البيوت ضوءًا ورونقًا وسحرًا لا يضاهى. عندما زرتك أول مرة في المستشفى، قلت لنفسي: ستعودين، وسيتحسن وضعك. كنت واثقة أنني سأعود لزيارتك مرة أخرى. لكن كل ما بقي لي الآن هو الذكريات واللحظات الجميلة، وسحر أحاديثك الذي لا يشبه أي حديث آخر… كل ذلك انقضى، ولن يعود، وبقي لدينا الحنين والاشتياق. |
التعليقات