مبادئ الاستثمار: هل يعيد الذكاء الصنعي كتابة القواعد؟

بواسطة خالد بزماوي #العدد 42 عرض في المتصفح
هل تعلم أن الذكاء الصنعي وصل لـ 100 مليون مستخدم في أقل من 3 شهور؟استغرق الأمر نفسه من تيكتوك 9 شهوروانستاغرام 30 شهراً!

بناء على الأرقام السابقة، من الطبيعي أن العديد من المستثمرين سارعوا إلى الاستثمار في الذكاء الصنعي، مايكروسوفت مثلاً استثمرت 10 مليار دولار فيه!

المخطط التالي يوضح ازدياد ذكر كلمة الذكاء الصنعي خلال فترة زمنية قصيرة جداً:

أيعني ذلك أن الاستثمار في الذكاء الصنعي هو استثمار العصر؟!

حسناً... لا.

في الواقع، التصور السابق الذي جاء مع الثورة في عالم التقنية هو ظاهرة معروفة في عالم الاستثمار يمكننا شرحها كالتالي:

كل ثورة جديدة في تقنية ما يرافقها نجاح كبير على شكل فقاعة كبيرة سرعان ما تنفجر!

مثال على ذلك، في القرن 18 بات بناء قنوات تسيير للمراكب حدثاً وصناعة مهمة لدى الإنجليز، فحصل استثمار كبير في هذه القنوات، والذي ترافق بنجاح مادي كبير على شكل فقاعة هائلة ضمن استثمارات القرن، ثم فجأة، انفجرت الفقاعة وحصلت خسائر فادحة!

وكذا حصل في استثمار سكك الحديد، والسيارات، وشركات الإنترنت... وغيرها الكثير.

لذا، نجد العديد من خبراء الاستثمار يوصون بعدم الانجذاب نحو الصناعات المهمة التي يتجمع الناس كلهم حولها لمعرفتهم أنها مهمة.

ويقول البروفيسور المالي (جيرمي سيجيل) أنه لو استثمر الفرد في الصناعات التي تكاد تموت، فسوف يجني نقوداً كثيرة!

ولكن كيف ذلك؟

مثلاً، في مطلع القرن الماضي، كانت نسبة شركات سكك الحديد 63٪ من أفضل وأكبر 500 شركة في أميركا، وأخذت هذه النسبة تنقص حتى وصلت إلى 1٪ فقط في عام 2019.

ومن استثمر في هذه الشركات حينها، ربح الآن ربحاً أكبر ممن استثمر في شركات النقل الجوي!

ومن هنا نستنتج أن الاستثمار الناجح ليس الاستثمار بالأعلى قيمة بالضرورة، 

ويعود ذلك إلى إقبال عدد كبير من الناس عليها مما يؤدي إلى ارتفاع سعرها وانخفاض قيمتها!

إذاً، كيف تستثمر بطريقة تزيد نقودك حقاً؟

إليك 3 طرق:

- اشتر مؤشر - index.

أي أن تستثمر فيما يسمى ETF أي مجموعة تضم عدة شركات، ويعرف هذا الاستثمار بـ Passive Investing.

- أودع نقودك لدى من لديه الخبرة في الاستثمار.

هؤلاء الأشخاص خبراء في إيجاد الشركات التي تتفوق قيمتها على سعرها، فيشترون هذه الشركات ويتركونها تنمو وتعود بالربح عليهم.

وكذا تفعل بعض مؤسسات الاستثمار، وقد تصل عوائد استثماراتهم إلى 50٪ حتى في أوقات نزول البورصة!

- استثمر نقودك بنفسك.

وطبعاً سيتطلب هذا الكثير من البحث والاختيار حتى تقع على الاستثمار الصحيح، ولكنه أمر ممكن وفعال.

لحظة... ألا تناقض آخر طريقتين ما تحدثنا عنه سابقاً بخصوص نصيحة الخبراء الاستثمار في الـ ETF؟

في الواقع، يؤمن خبراء آخرون بأن الاستثمار في الـ ETF قد لا يكون الخيار الأمثل على الدوام، ومنهم هو الدكتور (محمد العريان) رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج، والمستشار الاقتصادي لشركة Allianz، إذ يظن أن شراء الـ ETF في الفترة القادمة لن يكون فعالاً على نسبة الأرباح، وأن الفترة القادمة هي فترة المستثمرين الأذكياء.

وتقارير الكثير من الشركات أظهرت في الواقع أن الـ ETF لن يعود في الفترة القادمة بهامش ربح 10٪ كما كانت العادة من قبل،

ولنشرح السبب وراء ذلك، علينا أن نوضح أولاً مفهوم الـ P/E Ratio والذي يعني نسبة القيمة السوقية للسهم إلى ربحية السهم.

فلو افترضنا أن شركة ما، لها قيمة سوقية بـ 100$ وقيمة الربح لأسهمها هي 20$، وبالتالي تكون نسبة الـ P/E هي 20.

وبتطبيق هذا القانون على شركات الـ S&P500 سيكون الـ P/E مساوياً لـ 28، وهو رقم كبير جداً وباهظ جداً، شركات مثل شركات الصين مثلاً نسبة الـ P/E لديها هو 8، وفي قطر 11.

ومن هنا نجد الفرق الكبير ومدى علو سعر الـ P/E للشركات الأمريكية رغم نموه ونمو تقنية الذكاء الصنعي، وهذا الرقم في تزايد، إذا أنه ازداد من 19 إلى 28 خلال الخمسة عشر سنة الماضية فقط!

إذاً، هل الحل هو اختيار شركات ذات P/E قليل؟ ربما، وربما لا.

إذا كنت ترغب في تحقيق أرباح عالية من خلال الاستثمار في الأسهم، يجب أن تتعرف على علم التقييم.

الهدف هو شراء الأسهم بأقل من قيمتها الحقيقية، مثلاً شراء الدولار بـ 50 سنت بدلاً من دولار كامل، فأين الربح في شراء الدولار بدولار؟!

أحد رجال الأعمال والمستثمرين (وارن بافت) له مقولة شهيرة وهي:
كن طماعاً عندما يكون الآخرون خائفين، وكن خائفاً عندما يكون الآخرون طماعين.

والفكرة هنا أن نجاح شركة ما سوف يجذب إليها الكثير من المستثمرين، وبالتالي سيرتفع سعر الشركة، وهذا يؤدي بدوره إلى ارتفاع تكاليف الاستثمار فيها!

أسواث داموداران، أستاذ التقييم بجامعة نيويورك، يعلم أن النجاح يكمن في شراء الأعمال بأسعار أقل من قيمتها. استثمارك في شركات ذات نسبة P/E منخفضة يمكن أن يؤدي إلى عوائد كبيرة حتى في أوقات الركود الاقتصادي، والسبب وراء ذلك فلسفي بحت، وهو قلة التوقعات لهذه الشركات. على سبيل المثال، عندما تكون توقعاتك قليلة تجاه أمر ما، تجد في الغالب أن هذا الأمر مر بسلاسة وبأفضل مما كنت تظن، بينما لو رفعت توقعاتك في هذا الأمر، فغالباً ما ستجد نفسك محبطاً في النهاية.

وذات الأمر ينطبق على الشركات، الشركات ذات التوقعات الأقل تحقق ربحاً أكبر على المدى الطويل!

ولكن، هل تكفي معرفة الـ P/E  لتحديد الشركة المستهدفة؟

هناك طريقتان في الواقع لتحديد الوجهة الأفضل للاستثمار:

الأسهم ذات النمو السريع والأسهم ذات القيمة.

الأسهم ذات النمو السريع، مثل أسهم شركات "إنفيديا" و"تسلا"، عادة ما تمتلك نسبة سعر إلى ربحية (P/E Ratio) عالية ولكنها تحقق زيادات كبيرة في رأس المال بأكثر من 20% سنوياً.

من ناحية أخرى، الأسهم ذات القيمة تميل إلى أن تكون ذات نسب P/E منخفضة وبالتالي فهي أرخص للاستثمار، ولكنها وتظهر نمواً أبطأ في رأس المال.

حسناً، ما المختصر المفيد؟

باختصار، إذا أردت استثمار أموالك بنفسك، من الضروري إجراء بحث معمق قبل الاستثمار في الأسهم، ومعرفة القصة وراء كل شركة لتحقيق استثمار ناجح.

 فهم الأساسيات والسياق التنافسي للشركة يمكن أن يوفر رؤية أفضل لتوقعات نموها وأدائها المستقبلي.

إليك بعض المواقع التي يمكنك من خلالها متابعة الأخبار والتحليلات عن الشركات وكيف تتم الصناعة فيها ومصادر مكاسبها:

  • Yahoo Finance
  • Seeking Alpha
  • Morningstar

في النهاية 

الاستثمار، يا عزيزي، هو جوهر حفظ وتنمية الثروات وليس فقط المحافظة على قيمة الأموال.

استثماراتك في أصول منتجة مثل العقارات والشركات تُعزز ثروتك وتساعد في دفع عجلة الاقتصاد من خلال تمويل الصناعات وتوظيف العمالة المحلية.

من ناحية أخرى، الأصول غير المنتجة مثل الذهب والبيتكوين تقاوم التضخم ولكنها لا تعتبر استثمارات حقيقية تُنتج الدخل.

في النهاية، الاستثمار ليس مجرد توجه عابر، بل هو خطوة محسوبة يجب أن تتخذها بفهم عميق لتحقيق الربح وبناء ثروة مستدامة.

هذه النشرة البريدية مبنية على فيديو الدحيح (أهم قاعدة في الاستثمار).

للمزيد من النصائح والمعلومات عن كل ما يهمك بخصوص الوعي المالي، ريادة الأعمال والتسويق، تابع مدونتي الإلكترونية.

مدونتي الإلكترونية
Khaled Bzmawe1 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة خالد بزماوي البريدية

نشرة خالد بزماوي البريدية

نشرة بريدية تتناول مواضيع تدور حول التسويق الرقمي والأعمال والوعي المالي وعني شخصياً بكل ما يدور داخل جدران رأسي. قد تجدني أشاركك خلاصة خبرات سنوات طويلة بمقال واحد فقط، أي خلاصة الخلاصة بشكل مفصل.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة خالد بزماوي البريدية