اِسْتَبْصِرْ |
24 ديسمبر 2024 • #العدد 5 • عرض في المتصفح |
بيّن الصمت والكلمات المخبأة
|
|
هناك شعور يرافقني دائمًا، |
كأنني غريبة في هذا العالم، أتحرك بين الناس وأشاركهم حياتهم اليومية، لكن دون أن أكون جزءًا حقيقيًا من الصورة |
ربما هو إحساس مألوف للبعض، ذلك الإحساس الذي يجعلك تتساءل: |
هل هناك من يعرفني حقًا؟ |
هل هناك من يرى الحقيقة خلف ملامحي الصامتة؟ |
أشعر وكأنني عابرة سبيل في هذا العالم، أتحرك بين الناس كظلٍ خفيف، أرى وأسمع وأشارك، لكن دون أن أترك أثراً حقيقيًا. |
لا أحد قريب مني بما يكفي ليعرف من أنا حقًا |
جميع علاقاتي تظل سطحية، حتى وإن بدت عميقة. أتحفظ بالكثير من الأشياء، |
أحجب نفسي خلف جدارٍ من الصمت والتردد، وكأنني أخشى أن أكون مكشوفة، أن يرى أحدهم حقيقتي. حتى أهلي، رغم قربهم، لا يعرفون الوجه الذي أُخفيه |
حاولت مرارًا أن أفتح أبواب الحديث، أن أكسر حاجز الخوف الذي يحيطني، لكن هناك شيء بداخلي يُوقفني دائمًا. حدٌ غريب يجعلني أتراجع |
كأنني أخشى الغوص في عُمق الحديث. لا أحد يستطيع التمييز بين ضحكتي الحقيقية وتلك التي أرتديها لتبدو حقيقية |
لا أحد يُدرك متى يكون حزني عاصفًا ومتى يكون مجرد سحابة عابرة. كل ما يعرفونه عني هو أنني على قيد الحياة، أعيش، أتنفس… فقط |
أحيانًا، أشعر بحاجةٍ ملحة للبوح، كأن الكلمات تتراكم داخلي، تختنق، تبحث عن منفذ |
أريد أن أتحدث عن أفراحي الصغيرة وأحزاني الثقيلة، عن تلك التفاصيل التي تُشكلني. |
لكن ينتهي يومي دائمًا بصمتي المعتاد، أكتم مشاعري كأنها سرٌ خطير، وأدفنها عميقًا داخلي، حيث لا يصل أحد |
ربما المشكلة ليست في الآخرين، بل في خوفي |
خوفي من أن أكون ضعيفة، خوفي من أن أكون مكشوفة وربما، يومًا ما، سأجد الشخص أو اللحظة التي تجعلني أكسر هذا الجدار، أفتح أبواب قلبي وأدع أحدهم يتعمق في داخلي. |
وحتى يحين ذلك اليوم، سأظل أكتب نفسي بصمت، كحكايةٍ لم تكتمل، تنتظر من يقرأها بفهمٍ واحتواء |
لكن ؟ |
هل يمكن للصمت أن يبقى حلاً دائمًا؟ |
أم أن هناك وقتًا لابد فيه أن نترك الكلمات المخبأة ترى النور؟ |
تُرى ؟ |
هل سيأتي ذلك الشخص الذي يجعلني أؤمن بأن البوح لا يُفقدنا قوتنا، بل يمنحنا معنى أعمق لحكايتنا؟ |
التعليقات