حماية النَّشْء من مُهلكات الشاشات! - العدد #4

15 مايو 2025 بواسطة محمد جمال بخيت #العدد 3 عرض في المتصفح
يتناول هذا المنشور قضية التربية في العصر الرقمي، مسلطًا الضوء على المخاطر التي تهدد النشء بسبب الاستخدام غير المنظم للهواتف الذكية، مثل الإدمان على المحتوى الضار والتأثير السلبي على القيم والسلوكيات. كما يناقش أهمية الرقابة والتوجيه في حماية الأطفال، ويطرح استراتيجيات فعالة لمساعدة الآباء على إدارة هذه التحديات، بما يحقق توازنًا بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على المبادئ والقيم التربوية.


الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على خير معلِّمٍ للناس الخير، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم.
يشهد عصرنا تحدياتٍ تربويةً جمَّةً، تتطلب منا وقفةً جادَّةً لإعادة النظر في أساليبنا، وتحديث رؤانا، بما يتناسب مع مستجدات العصر. ومن أبرز هذه التحديات قضيةُ إعطاءِ الطفلِ الهاتفَ الذكيَّ، وتركه بغير تنظيمٍ، ولا رقابةٍ، ولا مساءلةٍ، ومن غير قياس الأثر المترتب عليه.
إن هذا الأمر، الذي قد يبدو بسيطًا في ظاهره، ينطوي على مخاطر عظيمةٍ، وآثارٍ وخيمةٍ، قد تفوق في ضررها إعطاء الطفل كمياتٍ هائلةً من الشوكولاتة والسكرِ والأطعمةِ الغنيةِ بالسكريات، ثم تركه يتناولها صباحًا ومساءً، وظهرًا وعصرًا، وعشاءً ليلًا، في كل الأوقات.فبعد ذلك، لا تسألْ عمَّا سيصيبه!ربما ليس الآن، ولا اليوم، ولا غدًا، ولا بعد أسبوع، ولكن كلَّ عاقلٍ يعلمُ ما سيأتي هذا الطفل بعد فترة.
إن الهاتفَ الذكيَّ سلاحٌ ذو حدين، فكما أنه يحمل في طياته فوائدَ جمَّةً، ومزايا عظيمةً، فإنه يحمل أيضًا مُهلكاتٍ ومخاطرَ قد تُدَمِّرُ مستقبلَ الطفل، وتقضي على طاقاته، وتُفسد قيمه. فالطفلُ أو الناشئُ أو الفتى، الذي هو في مرحلة الفُتُوَّةِ ومن اليافعين، يتأثر سريعًا بما يتعرض له من محتوى رقميٍّ.
إن إعطاءه هاتفًا بغير مساءلةٍ ورقابةٍ، حتى وإن كان يدرس في المدرسة، وحتى وإن كان له بعض الاحتياجات الأسرية للبيت، مثل التواصل مع بعض أفرادِ الأسرةِ من خارجِ المنزلِ أو لأيِّ غرضٍ كان، وتركِهِ بغير ضبطٍ، هو إهمالٌ جسيمٌ، وتقصيرٌ فادحٌ، لا يقل خطورةً عن ترك الطفل في العراء، بلا حمايةٍ ولا رعايةٍ.
إن من أخطر ما يهددُ الطفلَ في هذا العصرِ الرقميِّ هو الإدمانُ على الألعاب الإلكترونية، والمواقعِ الإباحيةِ، والمحتوى الضارِّ، الذي ينتشرُ كالنارِ في الهشيمِ عبر الإنترنت. فهذه السموم الرقمية تتسلل إلى عقلِ الطفل، وتلوِّثُ فِكْرَهُ، وتفسدُ قيمَهُ، وتضعفُ إيمانَهُ.
إن المراقبةَ والمتابعةَ، والتقويمَ والتوجيهَ، هي أدواتٌ ضروريةٌ لحمايةِ الطفلِ في هذا العصرِ الرقميِّ. فلا بدَّ من تحديدِ أوقاتٍ معينةٍ لاستخدام الهاتف، واختيارِ التطبيقاتِ والمواقعِ المناسبة، ومناقشةِ المحتوى الذي يشاهده الطفل، وتوعيتهِ بمخاطرِ الإنترنتِ، وتنميةِ قدرتهِ على التفكيرِ النقديِّ، والتمييزِ بين الحقِّ والباطلِ، والخيرِ والشرِّ.إننا نعيشُ في زمنٍ صعبٍ، تتبدلُ فيه القيمُ، وتتغيرُ فيه المفاهيمُ، وتشتدُّ فيه الفتنُ، وتتراكمُ فيه التحدياتُ. ونحن كمسلمين، وكآباءٍ وأمهاتٍ، لا بدَّ أن نكونَ على قدرِ المسؤوليةِ، وأن نتحملَ الأمانةَ، وأن نحافظَ على أبنائنا من كلِّ ما يضرهم، ويؤذيهم، ويفسد عليهم دينَهم ودنياهم.
إن هذا الجهدَ هو جزءٌ من الأخذِ بسننِ النصرِ، والتمسكِ بأسبابِ الفلاحِ، والعملِ على بناءِ جيلٍ قويٍّ، واعٍ، قادرٍ على مواجهةِ التحديات، والإسهامِ في بناءِ مجتمعٍ أفضل، ومستقبلٍ أكثرَ إشراقًا.
نسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أن يهدي شبابَ أمتنا في هذا الزمنِ الصعبِ جدًا، الذي تُبادُ فيه الأمةُ، ويُضيَّقُ عليها، وتُحارَبُ فيه.
حافظوا على سلامةِ أبنائكم، ولا تُلقوا بأيديهم إلى هذه المُهلكاتِ المُضيِّعاتِ، المُحرِقاتِ للأعمالِ والأوقاتِ.

#التربية_في_العصر_الرقمي#مضيعات_الأبناء #الرقابة_الوالدية

مشاركة
بدايات معرفية

بدايات معرفية

نشرة مخصصة لمشاركة المحتوى المعرفي في مجالات العلوم الإسلامية والجوانب الاجتماعية والحياتية.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من بدايات معرفية