ذاكرة هاتف جديد أم هاتف سابق؟

بواسطة بهجة #العدد 20 عرض في المتصفح

اشتريت هاتف جديد و في طور إعداده الأول سألني إن كنت أرغب في استرجاع معلوماتي من هاتف سابق أو إعداده كهاتف جديد؟

أغراني خيار الهاتف الجديد الحُر من كل الذكريات سابقة، و كأنني بلا ماضي .. بلا صُور ملونة في ظاهرها و مجرّدة في روحها ولا أفكار محشوة في أوراق الملاحظات الافتراضية .. بلا أرقام لعلاقات انفّضت منذ زمن بعيد و لكننا نصرّ على تمجيد ذكراهم خشية الوحدة و كأنهم جزء مننا و بدون وجودهم لانكون!

هاتف جديد ، ولادة جديدة .. هكذا من العدم.

أغرتني فكرة التخلي من بداية هذا العام، بل أصبحت مهووسة بالتخلي عن كل مالايلزمني بدايةً بالأشخاص، الأماكن و نهايةً بالكتب و الملابس و حتى الأفكار!

هل نستطيع حقاً أن تخلى عن أفكارنا؟ و خاصة تلك التي تعرّفنا ، تلك التي تبنيناها من أمهاتنا و أبائنا حينما كانوا مرءاتنا التي نرى بها أنفسنا.

لم نكن نجرأ أن نكذّب تلك المرءآة مهما بدى انعكاسها مضلل و غير حقيقي.

هاتف جديد ، بلا ذاكرة ممتلئة بنصوص الأصدقاء و الذين أصبحوا اليوم غرباء نلقي عليهم التحية تقديراً فقط!

بلا نصوص مرتبكة تحمل في طياتها أمنيات و دعوات و أحياناً بشارات محققة..

بلا صور تجمع بيننا و بين ضحكات لم نعلم يومها أنها لن تعود..

أختار إذاً هاتف جديد ، إنسان جديد بلا ماضي يحكمه و إذاً بلا مستقبل يرجوه ..

حرة نقيّة و كأن الأمس لم يكن ..

ولادة جديدة لإنسان لا يحمل إلا الدهشة بعين ترى الأشياء للمرة الأولى!

ثريّة بدهشتي كنت و لازلت، و ما أثار دهشتي أنه رغم اختياري لخيار هاتف جديد إلا أن النظام سحب غيمة آي كلاود ليفاجئني بإعصار فيضاني مدمّر أنزل متاعي الثقيل في هاتفي و لكنه بكل صرامة محى كل شيء قبل شهر جون الماضي!

محى عام كامل كأنه لم يكن ..

شعرت أنني سافرت بالزمن للماضي فجأه و رغماً عنّي قبل عام بنفس تاريخ هذا اليوم.

و ليقيني العميق بأن لاشيء يحدث صدفه! بل كل شيء يحدث لحكمة إلهية أعلى من أن نتصورها، لم أترك هذا الأمر بكل بساطة و تجولت في آخر الصور الذي توقف عندها الزمن..

رأيتني، رأيت انكساري .. رأيت قراري المتوجس خيفة و همّي الذي لايطيق صبراً كيف سأخطو خطواتي المتعثرة و أعيش أيامي وأنا بهذه الرجفة في إيماني..

رأيتني وأنا أخط خطتي على الورق ثم بعدها أرسمها في مخيلتي و أسعى في تحقيقها جاهدة..

لكن كل ذلك الخيال لم يحدث بل كان الواقع أكثر إشراقاً مماحلِمت و توالت بعده الهِبات.

علمت حينها أن الله يُريني أن لا تفكيري المستميت في تدبير أمري سينفع و أن لابقوتي و لابحولي سأنجو ، بل كل ذلك عنده ..

قال كُن فكان جون الآن و أنا بكامل سلامي و اطمأناني و وفرتي في الحب و السعادة و الرضى..

قال كُن و آتاني من كل ما سألته و رضّاني حتى رضيت .. له هو الملك و له هو الحمد.

صديقي .. أنزل أسلحتك الواهنة و آمِن بالقوي.

مشاركة
نشرة بهجة البريدية

نشرة بهجة البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة بهجة البريدية

26 أكتوبر