الألفة ولا الغربة؟- العدد #12

بواسطة عهد #العدد 12 عرض في المتصفح
نشرة هواجيس ليس لها جواب

"وحدي..كنت وحدي..عندما قاومت وحدي وحدة الروح الأخيرة" 

هكذا قال محمود درويش مرة. أن يكون الإنسانُ وحده يجابه نفسه والحياة، ويخوض ما يخوض من صدماتٍ وجهدٍ وتعبٍ وعطشٍ للراحة، وحاجةٍ ماسّة للتوقف، للذهاب، للرحيل، للتغير. ونخوض ما نخوض من مخاض المآسي ونتجرع ما نتجرعُ من المرّ القاسي، ونولدُ أخيرًا أمام المرأةِ ننظرُ شخصًا غريبٌ لا نعرفه، وما يعترينا إلا شعور الشفقة، أو شعور الفِرار. وتعصِف هكذا بنا هذه الدنيا المسّنة يمينًا وشِمالًا لنكون ما نحنُ عليه اليوم من شخصياتٍ تنتهج أساليبها وترسم دروبها بسابقِ الترصد والحذر والمعرفة.

ويبقى السؤال حقًا: من كنّا سنكون لولا لم تؤل الحياةُ بنا بهذا الشكل؟ 

ما بين الألفة والحذر.

ما بين الألفة والحذر.

أذكر وأحصي عدد المرات التي قابلت فيها اشخاصًا اختلف عنهم ويختلفون عني، بيننا الناضج، المراهق، الطفل، البائس، المتأمل، الجريح، الكسير...إلخ. فننفر من بعض، ونقترب من بعض، وما يجعلنا نتجه بهذا الشكل هو "خلفياتنا" وما عشناه سابقًا وأثر على تفكيرنا. لذلك دومًا نهرع لمن يشاطرنا  ذات المعاناة، ولمن تتشابه معه الجِراح، ولمن نتشارك معه ذات الاهتمامات. إلا أن مرة قرأت شيئًا أفاق فكرةً في صدري، أنه لما دائمًا تحاول التجديف نحو من يشبهك عوضًا أن تذهبَ لمن يكمل نقصك!؟ 

فلِما حقًا نبحث عمّا يشبهنا بدلًا من الزحف نحو من يكمل اجزاءً من حيواتنا؟ هل هو الخوف من كسر دائرة الراحة أم فعلًا " ما لنا خِلق" ؟ 

"تنويع الأشخاص يساعد على الانفتاح والتخلص من التحيزات النمطية، والوجود معهم يغير تلك الروابط المخفية في دماغنا مع الوقت".

الكاتبة: روز ايفليث

دوافع غريزية! 

متى آخر مرة خضت نقاشًا مثريًا مع أحدهم وبعد النقاش شعرت أنك كنت في بعدٍ آخر! بعدٍ ممتع، وليس المقصد بالنقاش المثري أن تحاور أحدهم كأنكم انشتاين وصديقه، ولا أن تغرق في وحول القيل والقال، بل نقاشًا خالصًا عن أمورٍ تثير فعلًا اهتمامك، وتفتح حقًا افآقك جهلتها، وتغير نظرتك لأمورٍ ظننت أنك تعرفها؟

إن انجذابنا لكل ما هو مشابه لنا هو محاولاتنا الغريزية في حمايتنا، وشعورنا بالألفة نحو ما نألفه ونعرفه. ولا اقول أنه خطأ، لكن ماذا عن لذاذة التجربة مع أحدٍ يختلف عنك؟ وكم من الأشياء التي قد تكون تفوتها لخوفك من كسر الحاجز الشفاف؟ 

انني اعتقد وبخبرتي المتواضعة في الحياة أن كل شخصٍ يمرّ بنا يهدينا شيئًا ما نحمله معنا فيما تبقى في الطريق، وصحيح أن بعض العطاءات قد نلعن في سخطٍ ساعتها إلا أن كل الأمور مسيرةٌ بحكمة، فربما الدرس الوخيم من افعى على شكل حبيب تحميك عشرات الفخوخ. وربما صديقٌ صالح يضفي لحياتك لونًا آخر. ما دام القلب والعقل يسعيان نحو التقبل لكل جديد بدل الهرع لكل زاوية سنكون بخير.. أليس كذلك؟!

إلى اللقاء في خميس آخر! 

كاتبتكم المعهودة: عهد🌷

مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نَجوى عهد، نشرة بريدية اسبوعية اشارككم فيها افكاري وتأملاتي وحتى هواجيسي التي ملّت حبس مذكراتي. جسرًا بيننا تغرّد فيه افكاري بحرية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد