مهندس النظافة 👷🏻♂️- العدد #37 |
بواسطة عهد • #العدد 37 • عرض في المتصفح |
نشرة تهكمية
|
|
لا للقلوب الرهيفة! |
طبطبة أم |
قبل كم يوم كنت أجهز محتوى لبرنامج تدريبي على وشك البدء، وجزءٌ من التجهيزات كانت كتابة رسائل الترحيب والرفض. كتبت الترحيب بأجمل الكلمات ووعود -لست متأكدة منها- عن المستقبل الباهر والمهارات المكتسبة، وعندما أتيت لرسالة الرفض وعدم الاجتياز خالطني شعور أم حنونة تود الطبطبة وشعور دكتاتوري يود القول «توكل على الله». |
بين هذين الشعورين تأرجحت -وأتارجح-، فكم مرة أتتك رسالة رفض؟ خصوصًا لو كنت في فترة البحث عن وظيفة، أو في إطار البحث عن شريكة الحياة، أو في سبيل اكتشاف البرامج والدراسات المتاحة. إن الرفض -شعوريًا وعمليًا- جزء لا يتجزأ من حياتنا، وعلى قدر مرونتك تزيد وتنقص قدرة تعاطيك. لكن إشكالية اليوم ليست في الرفض بحد ذاته ولكنها عن تلميع هذا الرفض وغلب شعور الأم الحنونة. |
كنت ولازلت أواجه صعوبة في تقبل محاولات التلميع لأشياء باهتة في طبعها، أُثير هذا الشعور لأول مرة عندما رُفضت من الانضمام لبرنامجٍ ما، واُرسل لي ايميل أشبه بمعروض يطبطب ويتعذر ويتأسف، ولكن كل هذا الحنان الزائف لم يغير حقيقة أنني أقصيت.. فلما كل هذا الزخرفة؟ هل نحن بهذه الهشاشة النفسية حقًا؟ |
![]() *مواجهة الرياح بقلبٍ رحب* |
زخرفات نفسية |
أتذكر قبل فترة طويلة الحملة الثورية تجاه تسمية الخادمات بهذا الأسم، وتسمية عمال النظافة بذات اللفظ، وقيل أن السبب هو حفظ كرامة الإنسان العامل.. لكن لم يسأل أحدهم ما العيب أصلًا في هذين اللقبين؟ سوى الدونية التي بصمها المجتمع ذاته، أليست الخادمة مشتقة من الخدمة؟ وعامل النظافة مشتقة من العامل المسؤول عن نظافة المكان؟ |
ضجيج محتدم وثورة هشة رقيقة لا تحتمل الحقائق كم هي، ربما لو سمحت لنفسي لاشتطيت غضبًا عندما يطلق علي «كاتبة» هذه الكلمة المشتقة من «كتب» والأجدر دعوتي بـ «مهندسة الكلمة» |
هل أبدو منطقية الآن؟ أم أنني أزخرف وضعي عندما سنحت لي الفرصة؟ |
تغليف المسميات بأسماء أخرى لن يغير حقيقتها، ولكنه يعطي المجال لضعاف القلوب على التمادي، أو حتى لأصحاب الأجندات الخفيفة على التغلغل؛ كالأفرنجي الذي يقول «مثلّي» وهو «شاذ» بالبنط العريض. هذا التغيير كالسم في العسل، وتخديرٍ لتتقبل المجتمعات ما لا يُقبل. وأكيد أن هناك مفارقة فاصلة بين النوايا الحسنة والسيئة، لكنه يظل بابًا يفتح مدخلًا نحن في غنى عنه. بل وحتى سبيلٌ لدفع القلوب الضعيفة نحو البحث عن الطبطبة في مكان وزمان عوضًا عن تقبل الرفض والمضي قدمًا، وأخذ الأمور بصورتها الصحيحة بدلًا من «شخصنتها».. <فرفضت لأنني لم استوفي المعايير وليس لأنني فاشل وأبن الجيران أحسن مني>.. هل رأيت؟ كل موقفٍ يحمل زاويتين مختلفة تعتمد على مدى تعاطيك للأمور، والاستمرار في تلميع الكلام سيغذي فقط الأوهام. |
«تكبر وتأكل غيرها» |
قالها أحدهم ورحل، علِم أنك ستأكلها كثيرًا لطالما تعيش وستنساها حالما يمضي الوقت وتأكل غيرها بالتأكيد! الرفض موجود بأشكال وأنواع مختلفة، وتعرّضك له حاصل حاصل لا محالة، فالرفض على غرار السعادة والحزن والغضب؛ شعور موجود، وإدراكه يقلل أثاره. |
ما دعاني للحديث بدايةً عن تغيير المسميات هو الضعف المخفي في تقبّل حدة الرفض، لكن من قال أن الرفض رقيقًا أصلًا حتى نحاول تغييره؟ بالطبع أن طريقة إيصال هذا الرفض تؤثر بالمرفوض، وكلما خانت الوسيلة اشتد ألم الغاية، إلا أن التلميع المستمر لن ينتج إلا الهشاشة، فعبارة «قوّي قلبك» لم تأتي عبثًا، واستمرار هذا الأسلوب الضعيف لن يبلور الشخصية القوية -الألماسية في سياقٍ آخر- في النهاية. |
استذكر على الطاري كل المرات التي رفضت فيها، رفضت مثلًا من رغبتي الأولى في الجامعة عندما أردت القانون، واليوم بعد هذه السنين أقول الحمدلله على هذا الرفض الذي فتح لي بابًا أخر يشبهني واشبهه! وهذه زاوية مختلفة كذلك من الرفض، وهي أن كافة أمورنا نـــصـــيـــب ومقدّرة، وما في علم الرحمن ألطف وأنسب. ليس ذلك فحسب، بل أن الرفض إشارةً صريحة لحركتك الطبيعية المستمرة، فرُفضت لأنك تسعى وتجتهد وتجابه بثقة كل الاحتمالات التي ترد. |
ختامًا، «خلّك ذيب» وتقبل الأمور بقلبٍ باسل. |
أرفق إليك فيديو خفيف عن التعامل مع الرفض للاستزادة. |
![]() - YouTube |
كاتبتكم المعهودة التي تتعامل مع الرفض بحذر -وتهكم-: عهد🌷 |
*إذا أعجبتك النشرة أطّلع على أخواتها السابقات(: |
رابح اليانصيب - العدد #19 - نشرة نَجوى عهد | هدهد
اهداء: لمن يحتاجها
gohodhod.com
|
الشيبة الأولى - العدد #25 - نشرة نَجوى عهد | هدهد
نشرة تهكمية!
gohodhod.com
|
التعليقات