حتمية الوصول- العدد #11

بواسطة عهد #العدد 11 عرض في المتصفح
الدرب أجمل أم الوجهة؟

من أوائل الأمثلة التي ادركتها في حياتي كانت "من سار على الدرب وصل" جميلةً في المعنى، وبليغةً في الوصف، ورائعةً في التحفيز. إلا لأن الإنسان يكبر وتتبدل المعاني ويدخل باستياء إلى ساحة تويتر التي تجمع المستائين أمثاله ليقرأ "السعي لا يعني حتمية الوصول".. فيلعنُ تويتر ومغرديه ويقفل التطبيق مثلما يضربُ بالباب ويهوجس: سرا الليل. 

*الوصول*

*الوصول*

سنصل أم لا؟

قال أحدهم في أحد الأزمنة الغابرة: "لأقعدن على الطريق واشتكي..وأقول مظلومًا وأنت ظلمتني". وأعتقد أنه كان سابق عهده إذ استسلم وجلسَ على الطريق ليفضي ما في الجعبة. في الجانب المقابل في دراسةٍ ترعاها فراشات اللطافة تؤكد أنه لطالما الإنسان يرغب فسيحقق، والحياةُ بتلك السهولة. ولأن للطافة قانونها فسيقال لك أنك ستواجه بضع صعوباتٍ وستتخطاها. لكن لن يقول لك أحد أن الصعوبات هذه قد تكون الأهل، الأقارب، المجتمع، عادات المجتمع، امرأة في مجتمع، ارهاق الجامعة، الجامعة، محاضرات العصر، دوام رمضان، المواجيب الحياتية والمجتمعية، الأمراض الموسمية والمستعصية…إلخ. وبعد تلقين المخ حقيقة الاستطاعة يصطدم الإنسان بمرّ الحياة ويعلم أنه "ليس كل ما يتمناه المرء.. يدركه!". 

وقد تقول في نفسك شكرًا يا عهد على التذكير وضيقة الصدر، إلا أنني اشاركك في النشرة هذي هواجيسي كما تعلم. لكن.. لم أجبك بعد عن هل سنصل؟

خلال قرابة ست شهور ماضية كنت أسعى حثيثة لأمرٍ ما أشغلني، وياااه كم بذلت من الجهد والوقت والتنظيم لأحققه، وقد اقتربت من القمة حتى تغيرت بعض الأمور، وتحدّثت بعض المعلومات، وتقررت بعض القرارات ووجدت نفسي من جديد في مكاني، كأنني كنت أسعى في دائرة مفرغة ومثلما قالوا "كأنك يا ابو زيد ما غزيت". وبعد عيش التجربة المريرة والمشاعر الكثيفة لمدة، ادركت عدة أمور منها، أنني لازال بوسعي السعي، وأن الدائرة هذه سأتحدى فيزيائيتها لو أردت وسأخلق فيها زاوية لو رأها انشتاين لمسح قوانينه الغابرة. إلا لأنني لازلتُ في خضم ربكة المشاعر ولأن عقلي يحاول حمايتي من المزيد من الغدرات ينتابني الكسل رغم المقدرة. 

فيقول المتنبي في أشهر قصائدة: 

مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ .. تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ. 

أمواج البحر تُغرِق وتُنجي

أخاف حقًا في هذه النشرة أن أكون فراشة لطافة أخرى، إلا أنني احاول أن أقنعك بمنطقي. الحياة عوجاء فالخطة المشددة غير المرنة تكسر عاتقك إذ حاولت التمسك بها. لو أعدّ الأشياء التي خيبت ظني ليومنا هذا لما استطعت، لا اقولها بدافع سخط بل بدافع منطقية. ولأن مع كل فشلٍ درس اصبحتُ أجهز الخطة ب قبل الألف. فإن كان أ ستغرق في مواجهة امواج الحياة فـ ب ستسبح لشط الأمان. لكن ما بين أ و ب أعطِ مشاعرك حقها ولا تضغط نفسك للعودة، مارس كل الأمور التي ابتعدتَ عنها في سبيل التحقيق، ابتعد عن الساحة لتلتقط انفاسك. وأذكرك واذكر نفسي بما قاله شاعرٌ مجهول إذ ردّ على المتنبي قائلًا:

تجري الرياح كما تجري سفينتنا .. نحن الرياح والبحر والسفن .. إن الذي يرتجي شيئًا بهمته يلقاهُ لو حاربتهُ الإنس والجن .. فأقصد إلى قمم الأشياء تدركها.. تجري الرياح كما رادت لها السفن. 

فالسعي يعني حتمية الوصول، فيزيائيًا تثبت القاعدة لكن لأن ميدان الحياة مختلف فقد تتبدل الوجهة، وتتغير المحطة، وتملُ النفس، إلا لإنها برفقة ايمانها بالله عز وجل ستعلم أن الوصول بحضرة اليقين حاصل! حقيقةٌ لا تبدلها الحياة ولا تنفيها الفيزياء.

دمتم بود أنتم واحلامكم التي تكسرت في منتصف الطريق، وعثراتكم التي اكسبتكم الخبرات، وخططكم ألف وباء وجيم، ونفسكم التواقة رغم اليأس!

إلى اللقاء في خميسٍ آخر.

كاتبتكم المعهودة: عهد 💗

*ملاحظة: كتبت النشرة هذه المرة على عجل..عسى أن تصيب الهدف*

مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نَجوى عهد، نشرة بريدية اسبوعية اشارككم فيها افكاري وتأملاتي وحتى هواجيسي التي ملّت حبس مذكراتي. جسرًا بيننا تغرّد فيه افكاري بحرية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد