النافذة المجاورة- العدد #9

بواسطة عهد #العدد 9 عرض في المتصفح
آخر خميس في شعبان، كل عام وانت بخير🌙

يحيا الإنسان وهو على دراية بمعظم المشاعر والآلم التي قد تزوره، سيفرح يومًا، يزعل، يبكي، يفقد مريضًا، يصبح مريضًا، يُهجر، يَهجر، يتغرب، يُحِب، يُحَب، ثم يعلم في صميم نفسه، ملحدًا ام كتابيًا أم حتى عبد بقر بأنه مثلما مات سلفه سيموت، لأن الوسائل مختلفة والحياة كبيرة ومتنوعة إلا أن الموت حتمي.

فيعرف الإنسان كل هذا لأنه يعيش وسط انسٍ مثله، يراهم، وينظرُ حياتهم، يشعر بهم، يتعاطف معهم، وحتى وبرغم معرفته أنه ليس حصين من مصارع الدنيا .. يشمتُ بهم.

النافذة المقصودة في النشرة تهكمية وليست بهذا الجمال ابدًا

النافذة المقصودة في النشرة تهكمية وليست بهذا الجمال ابدًا

مرأى العين 

 اللومُ سهل، ومد اصابع التهم اسهل، والأسهل منهم جميعًا "التنظير". نُنظِر على بعضنا. هذا الرجل لم يحزن حقًا بعد وفاة ابنه، وتلك المرأة لم تناضل حقًا لتدعي القهر هكذا، وابن الجيران "صايع"يعودُ كل يومٍ لمنزله بعد مطلعِ العصافير، وجارنا الآخر عقّ فيه اولاده لأنهم عيال ستة وستين ******.

وياه ما اجمل الجلوس على الكرسي امام النافذة، واحاكة القصص، وتكهن السيناريوهات، وفرض التوقعات عن حياة الآخرين. والذي يدُه في الماء ليس كما الذي يدُه في النار، وكما يقولون اسلافي "كـلام السعة هيّن". ولو كان المنظّر يعلم في الحياة ١٪؜ لعلم أن خلف الجدران قصصٌ مغايرة وسياقاتٍ مختلفة. واعتقد انها النفسُ البشرية التي تدعو لفرض تكهناتٍ على الهوى، ولا تكون هذه التكهنات إلا ظنون اثمٍ معظم الأوقات. ولو أن ليس للإنسان إلا الظاهر إلا أنها ليست دعوة لتشكيل هذا الظاهر وفق المزاج العام.

"والله إن العبد ليصعب عليه معرفة نيته في عمله، فكيف يتسلط على نيَّات الخلق" 

ابن القيم

اعذارٌ جيّدة ولو كانت بالية

اذكر مرة في جلسةٍ ما زعمت احداهن أن فلانة من الناس لم تحزن حقًا على وفاة ابيها، لأنها -وبحسب ادعائها- لم تبكي اثناء العزاء، ولم تشارك صوره بالأبيض والأسود مثلما يفعل اخوتها. اظنُ أن هذا اسوء ما سمعتُ في حياتي، قياس الحزن وقياس المشاعر، هل يعني وجوب اظهار المشاعر للعلن حتى لا اتهم تهمًا فاسدة كهذه؟ 

يسهلُ حقًا اصدار الأحكام بحقِ الآخرين، بدليلٍ أو عدمه، المهم أنها "سالفة" نمضغها حتى نشبع، ثم نتقيأها بعدما نفرغ، كأن الذي امامنا مخلوقٌ فضائي ليس انسان قد نكون محله غدًا. 

واعوذ بالله أن اكون انا هنا أُنظِر على المنظرين ونكون في دوامةٍ لا تنتهي، إلا انني مثلما قلتُ واقول "اهذب نفسي واعلمها". اربي نفسي مثلما تربي الأم طفلتها على خصالٍ حميدة، قد يسرقها الوقتُ منّا، أو يسلبها الشيطانُ عنّا، أو تتسرب يومًا من جروحٍ اعيتنا. ولا مانع أن ينضج الإنسان وتكبر مفاهيمه نحو الحياة! ولا تأخذك العزة بالأثم أو مساوئ الحياة أن تعذر اخًا لك اعيته الحياة، أن تعذرَ جارًا ارهقته الظروف، أن تسامح قريبًا لم تتسامح معه دنياه. والأسهل من هذا كله أن تتعلم فضيلة الصّد. ترى وسترى ما يسوءك لكنك بإيمانٍ تحمله في قلبك تقرر الصد دونما التنظير واطلاق الأحكام والشماته. وتعلم ما الذي يجعلها بحقٍ خصالٌ حميدة؟ أنك حتى غيرَ مجبورٍ عليها! 

"لو رأيت احد اخواني ولحيته تقطر خمرًا لقلتُ ربما سكبت عليه، ولو وجدته واقفًا على جبلٍ وقال: انا ربكم الأعلى. لقلت يقرأ الأية". 

أحد السلف

فأنت غيرَ مجبور، لكن طيبة النفس، وشهامة القلب، ومرؤة العقل يجبروك. ولو كان صعبًا حينًا، وقد يستحيل حينًا اخرى، إلا أن حسن الظن عبادة، ومراعاة شعورِ الآخرين كرم.

إلى اللقاء في خميسٍ آخر.. قد يكونُ خميسًا رمضاني🌙

كاتبتكم المعهودة: عهد🌷

مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نَجوى عهد، نشرة بريدية اسبوعية اشارككم فيها افكاري وتأملاتي وحتى هواجيسي التي ملّت حبس مذكراتي. جسرًا بيننا تغرّد فيه افكاري بحرية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد