نشوة الوصول - العدد #7

بواسطة عهد #العدد 7 عرض في المتصفح
ما الجدوى من الوجود؟

إن اول سؤالٍ يطرحه الكاتب الفذ على لسان بطل قصته "ما الجدوى من العيش؟" متأثرًا فيه بالثقافة الغربية حيث الإله يسكن في زاوية الشارع يزوره كل سنة يومَ سبتٍ أو احد بالصدفةِ عند مروره لبيت صديقه. لكن بعيدًا عن تساؤلاتِ التائهين، اسألك انا: لماذا أنت على حيّ؟

*لم اجد صورة تعبر عن الحياة والعمل والأمل والإنجاز والفرحة والسعي والوصول*(:

*لم اجد صورة تعبر عن الحياة والعمل والأمل والإنجاز والفرحة والسعي والوصول*(:

إن الحياةَ والممات وما بينهما بين يدي الرحمن، في معرفته وحفظه. لطالما كان الموت آمر عجيب فكيف تنهمدُ هذه الاجساد التي اعيتها الحياة ببساطة لأن الروح غادرت؟ إلا لأنني احمل في قلبي الإيمان فحياة الإنسان  الطويلة ولوجوده القيم واستهلاكه ذرات الأكسجين غايةٌ وجودية، ولم يقنعني ابدًا ايمانُ العابثين الذين ينكرون وجود الآخرة، إن النهاية بحقٍ حتمية لكن الموت ليس نهاية الآدمي الحقيقة يستحيل أن يتلاشى كما ذرات الغبار، انما مرحلةٌ انتقالية تلي لما بعدها. 

إن مسألتي هنا ليست عقدية، ولا أود اصلًا الخوض في مسارات تذابحت الشعوب عليها واستغرقت حياة فلاسفة اليونان كلها إلا انني اطرح على نفسي هذا السؤال في حين تسرب الشك إلي بقلبٍ يرتعش من الأفكار الجديدة. 

ما الجدوى من الحياة دونما العمل؟

ذكرت في مدونة سابقة عنونتها بـ (فسحة الأمل) أنه ما جدوى الحياة دونما الأمل؟ واليوم اسأل ما جدوى الإنسان دونما العمل؟ 

مثلما عاش فلاسفة الاغريق في التحدث دون الإثبات، يعيش الجاهل بالفراغ ودوامة القلق. انني اؤمن أن غاية الإنسان العمل، أن ينصب هدفًا ويسعى لتسجيله، يطير العصفور وهو حيوانٌ بالكاد يفقه ما تمليه غريزته ليقتات لصغاره ويبني عشه، ثم يعيد كل يومٍ الكره حتى ينكسر الجذعُ او يموت العصفور. 

إنني احيا على أمل الطريق والتحقيق، اسعى أن اصِل يومًا ثم احتفل بنشوة الوصول قبل الإنجاز. إنني ارى العمل -صغيرًا أم كبيرًا- حقيقة وجود الانسان وقيمته. ستُسأل علام امضيت وقتك وافنيت عمرك. 

(لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَا كْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ)

صحيح الترمذي

لماذا خرجنا من الكهوف؟

سؤال طرحته صديقة، وجاوبته بالضحك لأنه لما لا؟

ما الفرق بين رجال الكهف ورجال اليوم؟ عدا الملابس والشبه فأننا نشترك أننا نعمر الأرض قدر الاستطاعة لأن الأنسان خُلق ليسعى لا ليبقى. ورغم تكرارنا لحقيقة أن الحياة محطة، إلا انها محطة يبذل فيها الأنسان الغالي والنفيس، ويتكبد المشقة على آملٍ أن يسفر العناء لوجهةٍ احلى. تخيّل لو لم يسعى من سبقونا على هذا الكوكب؟ وظلّ الإنسان بدائي كما البهيمة! إن التطور والسعي والتحقيق والتفكير سمات غريزية في الآدمي، ولو ظلّ راقدًا يتلحف الكسل ويشكي للوسادة لما اشرقت شمسُ الحضارة اليوم. يطلُ القمر كل يوم، وبحكمة ربانية تصحو بعده الشمس، اشارات ربانية للعمل الدؤوب والسعي المثمر. 

فتختلف وجهاتنا وغايتنا ووسائلنا إلا أن نشوة الوصول وحدة، تريح العقل بعد اجهاده، وتدفئ الصميم بعد برده، وتفرح الخاطر بعد كدره.

إن من سار على الدرب وصّل، وتعلم، وعرف، ودل، وادرك، واستدرك. لا يغرنّك عبث الكسولين واسئلة الفارغين. لطالما كان في جينات الإنسان الإنجاز، ولن تسأل نفسك ابدًا عن غاية الوجود عندما تستلذ نشوة الوصول والنجاح، فـمشقة الطريق ولهفة الوصول تعطيك معنى الحياة واساس الوجودية ومتعة الجواب.

وتذّكر! 

الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ. احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ. 

صحيح مسلم

إلى اللقاء في خميسٍ آخر!🌷

كاتبتكم المعهودة: عهد

مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نَجوى عهد، نشرة بريدية اسبوعية اشارككم فيها افكاري وتأملاتي وحتى هواجيسي التي ملّت حبس مذكراتي. جسرًا بيننا تغرّد فيه افكاري بحرية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد