لماذا يراك المريض تاجرًا أحيانًا؟ |
| 14 نوفمبر 2025 • بواسطة Walid Elhout • #العدد 4 • عرض في المتصفح |
|
السبب الحقيقي وراء أن تبدو تاجرًا في نظر المريض
|
|
|
|
قبل مُدّة كُنت قد جلست مع أحد أطباء الأسنان وتناقشنا حول أمور إداريّة تخص عيادته ورغبته في تحسينها والدخول لعالم المنافسة الحديثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وخلال الحديث كُنت قد سألته عن مسار المريض من بداية المكالمة الهاتفية لنهاية علاجه في العيادة. فأخبرني الكثير من التفاصيل، ولكن ما لفت انتباهي هو قوله: |
|
“بعد أن يدخل المريض للعيادة أقوم بعمل كشف عام لحالة أسنانه، وأطلب من المُساعدة تسجيل ملاحظاتي، وبعدها أجلس مع المريض وأخبره بأن لدينا خطة علاجية كاملة بتكلفة كذا وكذا تتضمن خلع وتركيب وعلاج عصب إلخ.." |
|
هُنا، قلت للطبيب: هل ترى مشكلة ما فيما قلته؟ |
|
فقال لي، لا.. ماذا هناك؟ |
|
ولأجيب على هذا السؤال، دعونا نرجع قليلاً للوراء ونتفق على أن غالبية مرضى عيادات الأسنان يأتون بسبب الألم، وليس بهدف الكشف الدوري أو حرصًا على الصحة الفموية. إذن فالشعور بالألم هو المُحرّك الأساسي لزيارة طبيب الأسنان. لكن المشكلة أن الألم لا يُؤلم الأسنان فقط، بل يُضعف المنطق أيضًا. فالمريض في هذه اللحظة لا يفكّر بوضوح، لا يستطيع تقييم الخطة العلاجية، ولا يُميّز بين الضروري والتكميلي. هو فقط يريد أن يتخلّص من الألم، الآن وفي أسرع وقت. |
|
هل ترى هذه لحظة مُناسبة لعقد صفقة؟ |
|
حين تبدأ بالحديث مباشرة عن “خطة علاجية متكاملة” وتكاليف مادية وأرقام وزيارات وتعليمات مختلفة، فإنك -دون أن تشعر- تزرع في ذهن المريض فكرة أنك مهتم بما في جيبه أكثر مما في فمه. وسينشأ داخله شعور خفي بأنك “تريد أن تبيعه”، لا “أن تعالجه”. لهذا دائمًا ما أنصح الأطباء في أول جلسة أن يُركّزوا على الشكوى الأساسية فقط. عالج الألم، خفف معاناة المريض، وامنحه شعور الراحة أولًا. حينها، ستجد أن الحوار في الجلسة التالية عن الخطة العلاجية سيكون أسهل، أهدأ، وأكثر قبولًا. لأن المريض جرّبك.. وثق بك. |
|
الإنسان بطبعه لا يشتري خدمة، بل يشتري الثقة. والثقة لا تُبنى في أول دقيقة، بل من خلال التجربة. وبعد أن يُصبح المريض مرتاحًا ومستقرًا نفسيًا، يمكنك أن تفتح معه النقاش حول الخطة العلاجية الكاملة، وتوضّح له أهمية كل خطوة في الحفاظ على صحة الفم على المدى الطويل. |
|
| *** |
|
وأرى انه من الإنصاف أن نقول إن هذا الأسلوب -عرض خطة علاجية متكاملة من أول مرّة- قد ينجح أحيانًا مع فئة محددة من المرضى، أولئك الذين لا يزورون العيادة بدافع الألم بل بدافع الوعي. الذين يملكون إدراكًا كافيًا بأهمية الفم والأسنان كجزء من صحتهم العامة، ويفهمون أن الخطة العلاجية ليست محاولة للبيع، بل رؤية متكاملة للعلاج والوقاية معًا. لكن الحقيقة أن هذه الفئة تبقى محدودة مقارنة بالغالبية العظمى من المرضى الذين يدفعهم الألم إلى باب العيادة. وهنا بالضبط يفشل الأسلوب نفسه الذي نجح مع غيرهم، لأن المريض المتألم لا يبحث عن خطة.. بل عن راحة. |
|
من تجاربي، فهمت ذلك جيدًا ولذلك وبدل أن تُترك هذه الخطط الورقية لتضيع بين الملفات أو تُنسى بمرور الوقت، أدرجت ميزة قوية في ClinicMate وهي إمكانية تسجيل الخطة العلاجية لكل مريض داخل ملفه الرقمي، لتبقى محفوظة وتستطيع أنت وفريقك الرجوع إليها في أي وقت. ليس هذا فقط، بل يمكنك أيضًا تفعيل تذكيرات ذكية بتواريخ محددة لفريق الاستقبال مثلاً لمكالمة مريض ما بعد أسبوعين أو شهر أو حتى في موعد زيارة تنظيف الأسنان الدورية بعد ستة أشهر. وهكذا، تبني علاقة طويلة المدى مع المريض، قائمة على الثقة، الرعاية، والمتابعة. |
|
|
تحياتي، |



التعليقات