شُعور زائد

17 يوليو 2025 بواسطة قَبس #العدد 18 عرض في المتصفح
اللَّهُمَّ بكَ أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليكَ المصير🌥️

في إحدى جولاتي بالسيارة، في رحلة السعي المستمرة، كنت أُقلّب في متصفح اليوتيوب بحثًا عن شيء يُلهيني عن ملل الطريق ويُطفئ غضبي المستعر من زحام مدينة الرياض.

استمر إصبعي بالتحرك والعناوين بالصعود، حتى وجدت ما جذب فضولي: مقطع بعنوان كيف نفهم ردود أفعالنا؟

من ذلك المقطع، الذي تصل مدته إلى ساعتين ونصف، جذبني الحوار الذي كان في المقدمة، وبدأت أفكر فيه وأبحر في أعماقه لليومين التاليين.

سأل المحاور عن أحد الأفكار الدارجة لدينا نحن البشر: اعزل العواطف، فكّر بعقلك، وافهم وش قاعد يصير بموضوعية، وتعامل مع هذه المواقف بهذا الشكل.”

وعقّب على جملته تلك بأنه عندما يتم هندستها بذلك الشكل فإنها ستبدو إيجابية بلا شك. فهل هناك سبب يجعلها غير إيجابية؟

ردت الضيفة: لأننا نحن لسنا بحاجة لعزل العواطف! عزل العواطف يطلعنا عن بشريتنا.”

كلام صحيح لا غبار عليه، حتى عندما استمرت إجابتها وأتبعت قولها: الله سبحانه وتعالى ما حط العواطف فينا هباءً حتى نحن نقرر نشيلها! فالموضوع غير عشوائي.”

واستمرت الضيفة بالحديث بكل ما أُوتيت من فصاحة عقل، وأكدت أنه بدل أن نعزل عواطفنا في ردود أفعالنا، ليس علينا إلا أن نحترم وننظم تلك العواطف.

توقفت طويلًا عند هذه الفكرة…

فنحن نعرف أن الإفراط في تناول الوجبات غير المنظمة، والأطباق الجانبية غير الضرورية، سيكون سببًا جليًا لزيادة الوزن. ثم نُجبر على خوض معركة فقدانه، وكم ستطول المدة إن اتبعنا الطريقة الصحية لخسارة ذلك الوزن.

وعلى نهج اكتساب الوزن، فإن كبت مشاعرنا وخنقها خوفًا من أن نُفهم خطأ، أو أن نخسر شخصًا، يؤدي إلى تراكمات ترهقنا.

تُصبح تلك المشاعر الزائدة مع الوقت عبئًا لا نراه، تتحول من مجرد ندبة إلى جزء من تكويننا النفسي، ومن ثم إلى أمرٍ يملي على تصرفاتنا دون أن ندرك.

لا بأس أن تتحدث عن مشاعرك بصراحة. لن تفقد شيئًا مقدرًا لك لتعبيرك عن نفسك. لن تخسر شخصًا صارحته، وداويت بذلك ندبتك، وضمدتها حتى برئت.لكنّك ستخسره بأسوء الطرق إن طاوعت كتمانك.. وستُفجع بضياع اجزاء منك.. 

فالصراحة لا تُضعفك، بل تُحرّرك من حملٍ لم يكن من المفترض أن تحمله وحدك.

في كل مرة تبتلع فيها مشاعرك، وتراكمها خوفًا أو خجلًا، أنت تكتسب “وزنًا عاطفيًا” لن تراه في المرآة، لكنه يُتعبك، يُبطئك، ويخنق فيك الخفة التي تستحق أن تعيش بها.

كُن صادقًا، تحدّث، عبّر… فبعض الوزن لا يُفقد بالرياضة، بل بالكلمات.

ملاحظة: صدرنا رحب وغرفتنا واسعة لاستقبال أي تعليق أو موضوع ودك نتكلم عنه🚪📬

مشاركة
نشرة قَبس البريدية

نشرة قَبس البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة قَبس البريدية