- العدد الثاني: للحديث بقية: المظلومية المتطرفة أم تطرف المظلومية!

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ" وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا (9)

" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:                 "استوصوا بالأسارى خيرا"                                                           رواه الطبراني
جاء في صحيفة الخليج تحت عنوان: "الإسلام يكفل لأسرى الحرب معاملة إنسانية كريمة".

لثلاثة من أعلام الفكر والمعرفة دكتور أحمد الطيب شيخ الازهر الشريف والمفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة والدكتور عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية، تحدثوا بثلاثة رؤى عن عظمة آداب الإسلام وتعاليمه في معاملة الأسرى وعدم إهدار أي حق من حقوقهم لحسن معاملتهم وكيفية وضوح فروسية وأخلاق تلك التعليمات من دين السلام الذي سبق إتفاقية جنيف الثالثة 1949 التي نادت بمعاملة الأسرى بكلمات على ورق بأكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان.
فاحتار القلم فيما يكتب مظلومية متطرفة أم تطرف المظلومية ليصف ما يشاهده من أحداث ومشاهد سجلت في الذاكرة القريبة للتاريخ.

معاني وتفسيرات:
عندما نفكر في معنى تطرف المظلومية نرى وكأن المظلومية شيء عادل إلا أنها تطرفت عنه فأصبحت متطرفة. وفي تعبير المظلومية المتطرفة تكشف عن شيء غير عادل زاد في عدم عدله فهو ظلم زاد عن حده لدرجة التطرف.

مشاهد في ذاكرة التاريخ: 
ظلت الإبتسامة على وجوههم حتى خرجوا من دائرة العدسة المسلطة عليهم على حد قولهم على الرغم من عدالة شهادات كبارهم سنًا والتي لم يستطيعوا برمجتها إعلاميًا كما حدث مع غيرهم ممن كانوا ببراءة المياه العذبة أو غيرها ممن احتالوا على و"للموقف" فلقد كانت المعامله طيبه ومن واقع صاحب الحق وليس الضعيف المجبر على ذلك ومع ذلك لم يفسر بالطريقة الصحيحة.

مشهد اخر: "كنا مهمين بالنسبة لهم" 
كانت تلك جملة لإحدى الأسيرات لدى رجال حماس لم تدرك أن الأهمية تنبع من المبدأ لا من ولا إلى الأشخاص لم تقرأ أن من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا لم تسمع من قبل استوصوا بالأسارى خيراً لم تسمع انطلقوا ...لم تدرك أن الحق هو المراد والمنتظر هو أجر تنفيذ الأمر من فوق سبع سماوات ربما معذوره فما رأته هو أجر الحارس الشخصي الذي تقوم بإيجاره لتشعر بالأمان في بيتها، أي رؤية قصيرة الأجل مدفوعة الأجر مقدماً.

ماذا يقصد بالتطرف في تلك الظروف: 
هناك تفسيرات فسيولوجية ونفسية تتعمق في الذات البشرية لتحلل وتفسر سلوكياتهم وردود أفعالها، وهذا شيء يحتاج لشرح وتفصيل، لكن ما تراه العين الناظرة العادية لما حدث تجد أن الحديث تطرف لتفسير سلوكيات العزة والشرف بشكل أقل ما يقال عنه"تطرف"، بالتأكيد وفي البداية ينبع من البرمجة الإعلامية لتشكيل فكر مغاير تماما عما يحدث من أصحاب الحق؛ لإظهار هم معتدين بدون أخلاق ما جعل من السهل قلة فهم ما شاهدوه بأعينهم، بل وزادوا عليه تغيير شهادتهم بشكل يدين صاحب الشهادة لا العكس لمن يفهم معنى ما تلفظ به من كلمات وذلك لإكمال تضليل الرأي العام وإيهام الآخرين بأن من كان مسؤولاً ومسؤوليته بالطبع حماية شعبه لا يفرط في ذلك أو يتهاون في حقوقهم كبشر لهم حق العيش بطريقة محترمة، والوحش الإعلامي يكمل المسرحية؛ فإبقاء الجميع تحت السيطرة معصوبي الأعين مدمرين نفسياً متناقضين وبشكل جماعي لما يراد لهم أن يكونوا عليه تحت وطأتهم غير مكترثين لنفسيات أو مقتضيات لحياة شريفة.

أمنية:
هناك من القول ما يصعب ذكره وهناك من الفعل ما يشين صاحبه وهناك من التفسير ما تقشعر له الأبدان وتشمئز له أصحاب العقول، وبالتأكيد نتمنى توقف التطرف الفكري للحمة الدماغية التي رأت، لكنها للأسف لم تجد من البيانات لديها ما يفسر تلك المشاهد لإخراجها كمعلومات صحيحة، بل ظلت تلك البيانات وكفى. شر زائل وخطر قابع وفكر مختل وصورة مقلوبة وفهم مغلوط لمعاملة وسلوكيات توهموا من خلالها بأشياء وأشياء من ملوك وملكات. لكن من يستحق حقا تلك الألقاب بالطبع لا يتدنى مستواه ليسمح لنفسه بالاشتراك في تضليل إعلامي مؤسف بهذا الشكل المهين المزبل، فمن لا يعرف أخلاق بالتأكيد لا يعرف تدليل أو رفق. من المؤكد سيأتي اليوم الذي تنعدل فيه الصورة ويصح فيه الفهم ليزول الخطر وينتهي الشر فالحياة الشريفة السعيدة قررت لنا جميعًا بشرط نزع الحقد والكراكيب من أدمغة فارغة من أي حقيقة تذكر.