نشرة معاذ أبو عامر البريدية - العدد #15

15 مايو 2025 بواسطة معاذ أبو عامر #العدد 16 عرض في المتصفح
ظلمُ النفسِ

■3■ أكثر شكاوى الناس من الظلم ترجع عند النظر إلى أنهم هم من ظلموا أنفسهم ابتداءً وارتضوا عليها الظلم من غيرهم!
يهابُ الإنسان غريزةً أن يقتحمَ الغوامضَ ابتداءً؛ وتزداد هيبته للغوامض بقدر حصانة ذاك الغامض، فإذا زال الغموض عن الشي وتعدد الوالجون فيه فإن الهيبة التي كانت تسكن ذاك الإنسان تنقلب فضولًا في التجربة! ولكل إنسان جوانب غامضة عن كثير ممن حوله، لا يجرؤون على اقتحامها مالم يأذن لهم، والجهل بالشيء يورثه قيمة (سلبية أو إيجابية) فإذا زال الجهل في الشيء بانت قوته أو ضعفه، وانكشفت قداسته أو نجاسته.. 
على الإنسان أن يحفظ على نفسه كمًًا من المهابة والتقدير، لا ليعو على الناس ويقهرهم، ولكن ليأمن من شرورهم! لن يزال الناس يهابون الإنسان ما وجدوا فيه تقديرا لنفسه وصونًا لكرامتها، فإذا ابتدأ نفسه بالإذلال والظلم تتالى الظالمون عليه وزاد على ذُلّهِ ذُلًّا لا ينفك عنه حتى يعرف قدر نفسه وقيمتها إن استطاع! 
الظلم ممكنٌ من كل أحد على أي أحد، ولكن للمظلوم على ظالمه سلطانًا أما الخالق والمخلوق، فإن تساوى مع الظالم في ظلم نفسه تساوت سُلُطاتُهم وصار المظلوم مظلومًا بظلم غيره له ومظلومًا بظلمه هو لنفسه، ففقد بظلمه لنفسه حق النصرة للمظلوم واستحق عقوبة الظالم! 
لا تظلم نفسك ولا تحقرها ولا تضعها مواضع الهوان، فإن الظلم قبيح مشؤوم من الإنسان على غيره، وأقبحه ما كان من الإنسان على نفسه!

معاذ أبو عامر1 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة معاذ أبو عامر البريدية

نشرة معاذ أبو عامر البريدية

«أريد الحياة» «ألف» «لام» = الحياة.. كل ما أنشره هنا من كتاباتي.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة معاذ أبو عامر البريدية