كيف تستفيد من رمضان باعتباره مدرسة غنية بأهم المناهج العالمية؟

بواسطة مريم الهاجري #العدد 32 عرض في المتصفح
قلنا في العدد الأول: "ابدأ والنهاية في ذهنك!" وقد ختمنا أسبوعين من رمضان، هل أنت كما تحب؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أُحييكم بعد أسبوعين من الطاعة.. كيف حالك؟ وما هو مدى انضباطك على طاعاتك الجميلة، ونفسيتك الجديدة؟

إن كنت لا تزال مثابرًا فأهنئك على هذا الفوز، أسأل الله أن يُتمّه. وإن كنت قد فترت أو لهوت، لا تيأس.. فما زال في الوقت بقية، لدينا أسبوعان جميلان فيهما خير ليالي الدنيا، فبادر من هذه اللحظة باستعادة نشاطك، فرمضان مدرسة، يعلمنا الاتزان النفسي، والصبر، وتقدير الذات، كما أنه فرصة عظيمة للتنويع بين العبادات.

هل تابعت نشاطاتك بشكل عام خلال الأسبوعين الماضيين؟ ألا ترى تحسنك في هذه المدرسة، وموادها المذكورة أعلاه؟

صورة من بنترست لرواق مسجد ومحرابه معلق في سقفه فانوس

صورة من بنترست لرواق مسجد ومحرابه معلق في سقفه فانوس

رمضان والاتزان النفسي:

يروّضُ رمضان النفوس على الفضيلة وحسن الخلق، ويكبح جماحها، ويُهيئ لها أسباب الهدى لتسلك سبيل الرشاد، فاللهم وفقنا للفوز والفلاح في رمضان.

حينما يخالط ذكر الله وآياته شغاف القلوب ليلًا ونهارًا، لا بد أن يبدو ذلك على سلوك المرء الذي يكبح غضبه، ويمسك بزمام نفسه عن المعاصي والرذائل، ويعالجها بالطاعات والنوافل إما برضى أو بإكراه حتى تعتادها وتألفها نفسه.

الذي يمسك بزمام نفسه، ألا يكون متزنًا؟ إذًا لا تُغفل أهمية ذلك في رمضان والاستمرار عليه بعده.

رمضان مدرسة الصبر، واتخاذ القرارات:

يصبر الواحد منا عن طعامه وشرابه، ويُعرض عمن سابّه وآذاه ابتغاء مرضات الله، ويصبر على الصلاة والعبادات، كل ذلك طمعًا فيما عند الله.

حينما نصبر عن الطعام المباح، وغير المباح كالدخان مثلًا، نصف اليوم أو أكثره، ألا يُساعدنا ذلك على ترك كل ما هو محرم بعد الفطر ليلًا، أو بعد رمضان؟

حينما صبرنا عن الطعام المباح، ألا يعني ذلك أن بإمكاننا اتّباع أنظمة صحية لو أردنا.. لأننا فعلًا نمتلك الإرادة، نحتاج فقط إلى اتخاذ القرار، سواء بترك المحرمات الضارة المهلكة، أو تحسين جودة غذائنا وحياتنا بشكل عام.

والصبر عند الخصومة ابتغاء مرضاة الله، ألا يزيدنا قوة عزيمة.. بلى لو أردنا.

رمضان مدرسة لتقدير الذات:

لا يوجد مسلم غير منجز في رمضان، لأنك الآن تتبع روتينًا مغايرًا لحياتك السابقة تمامًا، أوّله الصيام عن المباحات، أضف إلى ذلك التزود من نوافل الطاعات، ثم الصبر عند الخصومة والمشاحنات، وتطهير القلوب، والاعتناء بعبادات الخفاء، وعبادات القلوب.

كل ذلك ألا يعتبر إنجازًا؟!

بلى.. حين تراه أنت إنجازًا، فافخر به واسأل الله القبول.

ألا ترى الصغار يفرحون بالصيام وقراءة القرآن وصلاة التراويح؟ إنهم يقدّرون ذواتهم، لأنهم يرون أنهم أنجزوا شيئًا لم ينجزوه من قبل.

ونحن كذلك.. مرَّ عامٌ كامل بروتين مختلف، وطاعة لربنا غيّرناه بكل حب.. إذًا نحن منجزون ونستحق التقدير.

حينما تطوف نفسك حول الطاعات، وتبعدها عن الرذائل والمعاصي، فأنت تُقدّرها قبل أن يُقدّرك أحد، إذ الناسُ تضعك حيث تضع نفسك.

حين تزداد لطفًا، وخدمة للآخرين، وتسامحًا معهم، فأنت تقدّر نفسك حين تُبعد عنها الكبر والغطرسة، وتُقوم اعوجاجها وأهواءها، وكذا كل أخلاقيات رمضان، إنها تساعدك على تحقيق الرضا الداخلي.

رمضان بستان العبادة:

رمضان فرصتك الثمينة للتنوع بين العبادات، فكأنك في بستان تقطف منه أجمل أزهاره، فما بين صوم، وذكر، وقراءة قرآن، وصدقة، وصلة رحم، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، وتواصٍ على الخير، تتجلى هذه العبادات في رمضان بشكل لا يتكرر في غيره، فلا تكن من المتحسرين بتركها، بل تعهّد بستانك بالري، واقطف من كل أزهاره.

ولا تنسَ أن الدال على الخير كفاعله، ساهم في نشر أي خير تعلمه بين أهلك وجلسائك، ليكون لك مثل أجرهم، كالتذكير بالصدقة والإرشاد إلى سُبل دفعها، أو الإصلاح بين المتخاصمين فرمضان فرصة عظيمة، إذ القلوب فيه رقيقة، وتقبل العفو بإقبالها على الله رجاء ثوابه، وغيرها من أبواب الخير.

ومن أجلِّ العبادات في رمضان عبادة الدعاء، ويكفينا في ذلك قول سبحانه وتعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فما بينك وبين تحقيق حلمك إلا الدعاء، ولنتذكر عند الدعاء كل أحلامنا وآلامنا، وكل أهلينا وأحبتنا، والمبتلين من الناس، والمستضعفين من المسلمين، فلربما دعوة انطلقت من قلب خاشع ففتحت لها أبواب السماء.

أشكرك حيث وصلت معي إلى هنا، إن رأيت هذا العدد مفيدًا فشاركه مع الآخرين لنتقاسم الأجر، واضغط زر الاشتراك ليصلك كل جديد من أعداد رمضان وما بعده.

مشاركة
عـمـــــــــق

عـمـــــــــق

على سبيل الفضول والبحث والطموح كل اثنين ستشرق "عمــق" بها شيئًا من قناعاتي وقراءاتي وعاداتي كي نرتقي معًا

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من عـمـــــــــق