حينما أفشت لي سرّها! |
بواسطة مريم الهاجري • #العدد 62 • عرض في المتصفح |
الإصرار يحتّم الوصول
|
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
مرحبًا بالمشتركين الجدد.. وحيَّ الله رفقاء الدرب، عددنا اليوم مختلف في شكله، مشابه في مضمونه لهدف النشرة.. عددنا مميز بشكل يدعو للعجب! |
![]() دعاء يمثل الطمأنينة من بنترست |
أقْبَلتْ بكل هدوء.. يغشى ملامحها الرضا، تسبق إشراقةُ وجهها طلتَهُ حينما تُقبل عليك.. |
جاءت لتجيبني عن سؤالي، الذي استجديتُها أن يكون محور هذا العدد. |
جلستْ بتواضعٍ ووقار.. ابتسمتْ وقالت: هيّا اسألي.. سأجيبُ عن سؤالٍ واحد فقط. |
🤔 اعتبرهُ شرطٌ تعجيزي..قلت لها.. ثم أردفتُ: تعلمين أن لديَّ الكثير والكثير من الأسئلة 😡 |
فقالت بهدوء كعادتها: لكِ سؤالٌ واحد فقط. |
ولأنني أعرفها، وأعرف أنها لا تنثني عن قرارها.. انصعتُ لها لأظفر بأكبر قدر من إجابتها.. صمتُّ هُنيهة أفكّرُ في سؤالٍ جامعٍ لكل أسئلتي يُمكّنني من الحصول على أكبر قدر من المعلومات.. ثم بادرتُها بذكاء: |
لستِ أغنى الناس، ولا تشغلين أنت ولا أسرتك مناصب عليا، ولا تقتنين أثمن المقتنيات، ولا تسافرون كثيرًا.. ومع ذلك تعيشين بسعادة، في أسرة سعيدة، ومن يُجالسك يشعر بالسعادة، وتنجحين في مسارك المهني، وكذلك أسرتك.. كيف استطعتِ تحقيق هذا النجاح المهني، الأسري والاجتماعي؟ |
ابتسمت ثم قالت: لو لم يأذن الله بذلك لم يكنْ.. أنا أسأله ذلك باستمرار، وكلما تذكرت.. لا يجب أن أكون مفوهةً وخطيبةً كي أطلب من الله أن يصلح حالي وحال عيالي.. فلقد سمع قول المجادلة من فوق سبع سموات {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} وهو الحديث الذي خفي عن السيدة عائشة رضي الله عنها، ربنا أقرب من حبل الوريد لو استشعرنا ذلك.. أبرأُ من حولي وقوتي وألجأُ إلى حوله وقوّته.. وكفىّ |
هل انتهى حديثها.. لا.. لن يكون ذلك، فقلت لها: |
اظهري ما تُخفين.. أعلني ما صمتِّ عنه.. ما هي عاداتك اليومية التي تساعدك لتكوني ناجحة بالإضافة للدعاء؟ |
نظرت إليَّ في صمت ثم قالت: حسنًا سأذكرها باختصار: |
أولًا: الْتزمتُ القرآن قدر ما أستطيع.. فإنه يعطيك من بركته بقدر ما تعطينه من وقتك وجهدك.. لا أنسى يوم عاتبتني قريبتي قائلة: "أيمرُّ الشهر دون أن تقرئيه؟ لا ينبغي ذلك منك!" في الحقيقة خجلتُ منها كثيرًا، لقد أيقظني عتابها المُحبُّ.. فجاهدت كثيرًا أن لا أنقطع عن تلاوته.. وكما تعلمين فالإصرار يُحتّم الوصول. وكلما تقاربت الأوقات التي أتلو فيها القرآن، كلما لمست أثر ذلك في علاقتي بزوجي وأبنائي، والشرور التي تُصرف عني بدون تدبير مني، فله الحمد على التيسر وله الحمد على التدبير. |
ثم قررتُ بعد ذلك أن أحفظ القرآن، وكلما حاولت اقتناص فرصة لذلك والتّمسك بها، حالت الظروف دون الإكمال 😔 فأنقطع عن الحفظ، ولا أنقطع عن التلاوة، حتى يسّر الله بإحسانه وتوفيقه أن تتهيّأ لي الظروف لأستمر في الدار.. ثم مَنَّ عليّ أخرى بأن حبّبَ إليَّ مراجعته لوحدي في الإجازات، ويسر لي ذلك وأعانني عليه. |
فوجدتني أزداد بركة في كل شيء، وتيسير في كل شيء، ورضا عن كل شيء، وتحقيق الأمنيات، وذلك كلما تمسكتُ بوردي اليومي من الحفظ.. ووجدت أن البركة تزداد بالحفظ أكثر من التلاوة.. وإن كانت بركة التلاوة عظيمة، ولكن ابن آدم يحب الزيادة في الخير 🙂 |
ثانيًا: بلا حساب، وأنا أعمل.. أسعى ألا يفتر لساني عن ثلاث أنواع من الذكر يوميًا، أجاهد أن تكون بالمئات، وألا يفوت يومي دون شيء منها.. وللأسف أنه قد يفوت ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه الأذكار بالترتيب هي: الاستغفار، ثم الصلاة الإبراهيمية، ثم الحوقلة.. فإذا ما شعرت أنني قد تجاوزت 300 مرة للذكر الواحد، بدأت بالتنزّه في بستان بقية الأذكار، خصوصًا التسبيح والتهليل لو صادف ذلك قبل شروق الشمس وقبل غروبها اتّباعًا للسنة. |
وفي الفترة الأخيرة أضفتُ إليها قوله تعالى: {رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}، أُكرّره قدر ما أستطيع، ولأول مرة أشعر بمعنى اتخاذه سبحانه وكيلًا! ارتبطتُ بهذا الذكر من القرآن بعدما سمعتُ قصةً تُروى عن الشيخ السعدي رحمه الله. |
ثالثًا: أحاول قدر ما أستطيع تتبع السنن ولو قليلًا، مع استشعار أنها سنة، محتسبةً للأجر في ذلك، مثل الانصات للأذان والترديد معه، والدعاء بعده.. وكثيرًا ما أتذكر قوله تعالى: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}. |
ثم صمتت! |
فقلت لها: هذه كلها أمور دينية روحيّة بينك وبين ربك.. حدثيني عن التنظيم والتخطيط وعلم النجاح وكتابة الرؤى.. تلك الأمور التي تميّزتِ بها؟ |
فابتسمت قائلة: كل هذه الأمور الماديّة التي تذكرين حصّلتها بتوفيق الله.. لو لم يأذن الله بها لما تيسّرت.. القضية الكبرى كيف توفقين لذلك.. وفي ذلك؟ وما حصلت على التوفيق والرضا إلا بهذه الأمور الثلاث.. يا مريم! أصلحي ما بينك وبين الله يُصلح الله ما بينك وبين الناس. |
عمَّ الصمت.. شعرتُ وكأنها ختمت حديثها بختمٍ من ذهب، فلا حرف ينطقُ بعده ولا كتب. |
أصلح الله حالي وحالكم.. وكل أحبّتنا |
بعد هذا الحديث.. أشعر أني أضعتُ الحروف.. وتبعثرت المشاعر.. والْتزمت الأفكار الزوايا.. |
ماذا عنكم.. شاركوني.. بماذا تشعرون؟! |
تجدني هنا |
لطلب الخدمات |
التعليقات