نشرة عبدالوهاب الصادق القايدي البريدية - العدد #5 |
9 يونيو 2025 • بواسطة عبدالوهاب الصادق القايدي • #العدد 5 • عرض في المتصفح |
لماذا لم تغضب ؟
|
|
لماذا لم أغضب؟ |
سألني أحدهم: |
“لماذا لم تغضب؟ لقد قيل فيك ما يُغضب أي إنسان، ومع ذلك كنتَ مبتسمًا، لم تُبدِ أي ردّة فعل طبيعية… أهو الجبن؟” |
فأجبته: |
معاذ الله أن أكون كذلك. |
بل هو فضلٌ من الله أنزله عليّ حديثًا، بعد أمرٍ جللٍ ألمّ بي، فغيّرني من داخلي. |
فلستُ بطبعي حليمًا على الدوام، بل كنتُ كثير العصبية، سريع الانفعال. |
وإنّ ذبذبات صوت المتحدث لا تصل إلى مداركي مكتملة إلا بعد برهة من الزمن، يكون فيها الغاضب قد فرغ من غضبه، |
وعندها فقط، أدرك ما قاله جيدًا، فأبتسم، وقد انقضى الموقف وهدأت فورة الغضب. |
وهذه الهُنيئة التي قد تبدو ضعفًا في ظاهرها، |
أراها اليوم نعمة عظيمة، وفضلًا من الله خصّني به، |
فأحمده وأشكره، إذ جعل لي في هذا التأخير سلامًا، |
ومنحني فرصةً للتأمل، فأبصرتُ كم من النعم تحيط بي دون أن أنتبه لها. |
تذكّرت حينها قول القائل: |
“الخير في أعطاف الشر”، |
فصدقت العبارة، إذ من رحم الشدة وُلد هذا السكون، ومن عمق التجربة انبثقت البصيرة. |
وفي هذا المقام، أستحضر قول الله عز وجل: |
{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43] |
وما هذه الكلمات التي أبعثها إليكم إلا نفثة وجدانية صادقة، |
ليست دفاعًا عن موقف، ولا رجاءً لشيء دنيوي، |
بل هي من باب النصيحة، ومشاركة التأمل، والدعوة إلى الصبر والتسليم، |
أبعثها لأحبتي وأبناء عمي، لعلّها تذكّرنا معًا بأن بعض النِعَم تُولد من رحم الانكسار. |
أحتسبها أجرًا لي ولكم، وتذكرةً صادقة في أيام فاضلة، |
أشارككم بها مشاعر حب، وامتنان لله جلّ في علاه، |
وتأكيدًا على ضرورة التوكل عليه وحده، |
والتحرر من أوهام التردد، وسجن النفس في دوامة المشاعر السلبية. |
غفر الله لي ولكم، ولجميع المسلمين والمسلمات |
التعليقات