هدية غير معتاده

بواسطة خولة المنديل #العدد 6 عرض في المتصفح
أعتذر لغيابي عن النشرة كل هذه الفترة 🙏🏼

‏اتذكر هذاك اليوم بكل تفاصيله

‏كان يوم أحد ١٢:٣٠ الظهر كنت طالعة من المدرسة متجهه إلى الباص، ركبت و كلها دقايق و تجمعو البنات و لما مشى الباص سألنا السواق "تذكرون البنت اللى كانت معانا فترة واسمها رباب" قلنا له ايوه، قال "اليوم الصباح توفت" أنا سألته مرة ثانية "رباب بنت فلان؟" قال لي ايوه اليوم يقولون أنها توفت، وقتها كنت في حالة إنكار شديدة لأني كنت أعرف رباب بشكل شخصي و أعرف انها لا مريضة ولا شيء فقلت له "لا أنت أكيد غلطان" وما رد عليا

بعد 10 دقايق تقريبا

مرينا على الشارع الي فيه بيت رباب وشفت بعيوني الباب مفتوح و الحريم يدخلون ويطلعون فعرفت انه الكلام اللي قاله السواق صحيح،كنا جيران و بين بيتنا و بيتهم بس دقيقتين لكنها مرت عليا و كأنها ساعتين و انا اتذكر وجهها و صوتها و طريقة كلامها و كيف تربط شعرها و حتى مشيتها ، رغم انه علاقتي فيها ما كانت قوية بحكم انها أصغر مني بسنة و في المدرسة عادت سنة فهي في أول ثانوي و أنا في ثالث لكن دماغي فجأة استرجع كل المواقف و الأحاديث الي جمعتنا مع بعض

دخلت البيت و من كثر ماكنت متروعه ما كنت احس برجولى تمشي، فتحت الباب و شفت أمي في الصالة و كانت تصرفاتها عادية فعرفت انه هي لسى ما تدري وما كنت عارفة ايش أقول لها،  قلت لها "يمه ما احد اتصل عليكي" قالت لأ ،على طول مشيت غرفتي و جلست على السرير و بديت أبكي بشكل هستيري، أمي ظلت تحاول تسألني ايش فيكي! ايش صاير! قلت لها "يمه رباب ماتت" قالت مين رباب! صديقتك؟! قلت لها "رباب بنت الجيران السواق قال و انا شفت باب بيتهم مفتوح و فيه كثير حريم!"، امي مباشرةً لبست عبايتها و راحت بيتهم و مارجعت الا العصر

كان خبر وفاة رباب ثقيل جدًا لأنها أول مرة اختبر فيها وفاة شخص من سني وأنا عشت معاه و أكلت و شربت..

رباب كانت مملكة يعني عروس وبعد أسبوع بس بتكون حفلة شبكتها، كانت إنسانة خجولة و نظرها ضعيف و عانت من هذا الشيء في المدرسة لأن مو كل المعلمات كانو يتفهمون انها حتى مع النظارة تحتاج وقت عشان تشوف السبورة و للأسف بعضهم يجلسونها ورا لأن مستواها كان متوسط، و اذكر كانت علاقاتها في المدرسة جدًا محدودة و ماكانت تماشي الا وحدة او ثنتين

رباب ليلة الأحد استشورت شعرها ولفت راسها بغطوتها عشان مايخرب و نامت ولا جلست يوم ثاني

ماكنت ابغى اداوم يوم الاثنين بس رحت عشان عندي اختبارات فدخلت المدرسة وأنا مستوحشة المكان وكاني أشوفه أول مرة ما قدرت آكل شي ولا اتكلم مع صديقاتي وأتذكر في الطابور المرشده الطلابية أعلنت خبر وفاتها، كنت أشوفها في الأماكن اللي كانت تجلس فيها مع صديقاتها رغم إني كنت اسلم عليها بس و قليل كان يجمعنا كلام بس فقدان شخص كنت تشوفه بشكل شبه يومي وكان يعيش حولك صعب جدا …شعور غريب 

بعد ثلاثة أيام وبعد انتهاء العزاء اخذتنا امي بيتهم أنا وأختي، استقبلتنا امها فتحت الباب و سلمت بابتسامة و كانت في يدها مسبحة بعدين دخلتنا المجلس كان فيه جدتها وأخواتها، امها ما بكيت وقتها رغم انه اللي مرت فيه صعب، وفاة بنت عمرها ١٧ ما كان شيء اعتيادي فالشرطة حققت في الموضوع وسألت كل اطراف العائلة و الخادمة و آخروا دفنها ٣ أيام، لكن وفاة رباب كانت طبيعية تمامًا، أختيار من رب العالمين و أمها أعطتني نموذج حيّ للتسليم و الإيمان بقضاء الله 

‏بعد ثلاثة أشهر من الحادثة..

صرت لما أتذكرها ما أحس أنها كانت معانا في هذه الدنيا أصلًا.. شعور غريب لما شخص عزيز تفقده ما راح تستوعب في البداية انه أنت فقدته لكن مع الوقت و الإدراك الحزن يتسرب وتشعر فيه وتعيشه بكل تفاصيله لكن رحمة رب العالمين تخلي الإنسان ينسى ويحس إنه هذا الشخص ما كان موجود في هذي الدنيا ولا عاش كل هذا الوقت ما يبقى منه إلا ذكرى فقط، ان كانت خير فخير و أن كانت شر فشر

تبدأ تستوعب أن هذي الحياة ما كانت تستاهل كل هذي المعارك الي نخوضها يوميًا معاها، ماكانت تستاهل الغضب و الضيقة و الحزن و الزعل و كذلك ما كانت تستاهل الفرح و الإنتظار و التعلق و حتى الحب، تبدأ تصير ماتحس بشيء تجاه كل شيء…

لهذا كان يشغل بالي تساؤل في رمضان هذي السنة

ياربي اذا كانت هذه الدنيا مجرد حلم .. حلم نشعر انه جدًا حقيقي و في يوم ما بنجلس منه و بنشكرك انه كان مجرد حلم .. من أين نجد الدافع لنكمله؟ لننام يوميًا ٢٤ ساعة ولا نستيقظ؟ مؤخرًا أدركت انه من المريح و المُحرر اننا نختصر حياتنا كلها في يوم واحد نعتبر اعمارنا بالأيام و ليس بالسنوات.. لا نعيش في الأمس و لا نفكر في الغد انما نتعامل مع يومنا الحالي فقط بكل مافيه.. اذا كان هناك مانقدر على فعله اليوم فنفعله و اذا كان في غير مقدورنا فنتركه، ان نعيش مع أمهاتنا و آبائنا و أزواجنا و أطفالنا ضيوفًا قد نغادرهم في أي لحظه فلا نأسف عليهم ولا يأسفون علينا.. ان نختار خلال ال٢٤ ساعة مايمليه علينا قلبنا و إيماننا بالله و ثقتنا به ولا نهتم لغير ذلك 

الدنيا حلم.. حلم نشعر ان احنا فيه بكل وعينا و انه حقيقه لكنه خيال و الموت هدية من الله للإنسان بأن يترك كل هذا التعب و يخرج من جسد محدود الى هيئة لا يحدها زمان و لا مكان، الى وعي مطلق "فبصرك اليوم حديد"… تستيقظ من نوم دام ٦٠ / ٧٠ /٨٠ سنة و هو في مقادير الله لحظه!

أراكم على خــير 👋🏻

أسماءSafiahسَكينة4 أعجبهم العدد
مشاركة
بريدنا السري ✨

بريدنا السري ✨

أكتب لنا، هنا مساحة للإلهام و إثراء الأفكار

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من بريدنا السري ✨