مكرٍ مفرٍ - العدد الأول |
بواسطة أبوكنان • #العدد 1 • عرض في المتصفح |
أشارككم رحلتي في تعلم وتذوق الشعر العربي الأصيل، ونوادر الشعراء ونكاتهم.
|
|
كلمتان! ويا لها من كلمتين. مكرٍ. مفرٍ. كلمتان طرقت مسامعي منذ أكثر من ٣ عقود، وأنا فتىً يافع في أحد المدارس الخاصة في مدينة جدة. مكرٍ مفرٍ. ٦ أحرف، تحوي في طياتها ٦ كتب: في الشعر، والبلاغة، والفخر، والحرب، والخيل، وحتى والفيزياء! 🐎 |
لم تصعب الكلمتان علىّ، فهمت معناها وعمقها بديهياً بدون الحاجة إلى شرح أستاذ. عنف الحركات، وفجائة الإنتقالات، وشجاعة الفارس، وسرعة الكميت، كلها معاني كانت جلية للفتى ذي الأربعة عشر عاماً. |
وصف الملك الضليل لليل والخيل وقع في قلبي ولم يفارقه, علقت الأبيات في ذهني أتمتمها في الليالي المؤرقة حيناً، وحيناً مع حماسة الأطفال عند اللعب في فناء المدرسة أو كنفات المنزل. إحساس ترادف التنوينات على اللسان أعطت اللعب والجري طعماً آخر. مكرٍ مفرٍ مقبلٍ مدبرٍ معاً. لم يفارقني كلام أمرؤ القيس مذاك اليوم. وليلٍ كموج البحر. جلمود صخر حطه السيل من علِ. |
مرت السنون أناظر الشعر العربي عن بعد وعلى خجل. لم أتجرأ إقتحام حصنه المؤشب، أنظر اليه بشوق وإستحياء ورهبة، أحسو منه بين الحين والآخر حسو طائر وارد الثمد. عندما أكبر. عندما أكبر سأقتحمه بإذن الله، حديث نفس حادثت نفسي به لعقود. وها أنا كبرت ومرت أربع عقود أمشي على أرض الله الواسعة. ولم أقتحم! |
في الثامن عشر خلون من جمادى و ١٤٤٤ عاما من الهجرة النبوية المباركة، من الله عليّ بشجاعة الإقتحام وربط على قلبي في الولوج. بدأت بحفظ الثلاث الأبيات الأولى من قفا نبك. وأول الغيث قطرة! أتممت حفظها في أقل من شهرين، وتوالت القصائد بعدها ولله الفضل والمنة. |
هذه قصتي، وهذه نشرتي. تجدون فيها ما أمر عليه في رحلتي الشعرية من أبيات وقصص ونوادر. سأتخذها وسيلة تعينني على البقاء على جادة الطريق وتشجيعي على الإستمرار. |
*** |
لسان حالي في تجربة قوائم بريد هدهد: |
وما طلــــــــب المعــــيشة بالــــتمني ... ولكن ألــــــق دلوك في الـــــدلاء |
والحمأة هي الطين الأسود المنتن, فاللهم لا تجعلها حمأة! |
*** |
كتاب الأغاني |
أقرأ حاليا كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني، وهو كتاب ضخم في ٢٢ مجلد. سأستخدم هذه النشرة لحث نفسي على القراءة واستخراج ما استطرفه من مُلح، وما أستجيده من شعر، وما يلهمني من حكم وأمثال لأشارككم إياها. |
أمر هارون الرشيد كل من حضر من الشعراء أن يجيز هذه الأبيات, فلم يستطع أحد: |
أهدى الحبيبُ مع الجنوب سلامَهُ ... فـاردُد عليهِ مِنَ الشِّمالِ سَلاما |
*** |
الحفظ |
أتممت حفظ معلقة الأعشى الكبير بحمد الله. وهذه لمحة سريعة لأبيات أعجبتني. يقول في وصف مشية حبيبته هريرة: |
كأن مشيتها مــــن بــــــــــيت جارتها ... مر السحابة لا ريث ولا عـــــجل |
في تقلب أحوال الزمن بين الفقر والغنى: |
إما تريـــــنا حفــــــــاة لا نعـــــــــــال لنا ... إنا كذلك ما نحــــــفى وننــــتعل |
في العناد: |
كناطــــــح صــــــــخرةً يوماً ليفلـــــقها ... فلم يَضِرها وأوهى قرنه الوعل |
في شدة بأس قومه في الحرب واستعدادهم لكل صنوف الحرب: |
قالوا: الركوب فقلنا تلك عادــــــــتنا ... أو تـــــــــنزلون فإنا مـــــعشر نُزُل |
*** |
مع كنان |
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "رَوُّوا أولادَكم الشِّعر، تعذُبْ ألسنتُهم" فشرعت منذ عام في تعليم ابني كنان الشعر وتحفيظه. عله ينهل من أدبنا العربي الخالد بدلاً من سقم المناهج الدراسية الحديثة. بدأنا هذا الاسبوع في كتاب قلادة الأديب الذي يحوي في طياته ٨٠ مقطوعة من روائع الشعر العربي وحفظنا أبيات حوط بن رئاب الأسدي في علو الهمة والمجد. |
دَبَبْتُ للمجدِ والساعون قد بلـــغوا … جَهْدَ النفوس وألقَوا دونـــــــــه الأُزُرا |
التعليقات