نشرة "فن الكتابة" - يعدها د. ساجد العبدلي - العدد #6

عندما نكتب دون تفكير في البناء، قد نملأ الصفحات بالكلمات، لكن القارئ يخرج منها بلا أثر.

الحبكة هي ما يجعل النص أكثر من مجرد عبارات متناثرة؛ هي الخيط الذي يجمع اللآلئ في عقد واحد.

ما المقصود بالحبكة والبناء؟

هي الطريقة التي ترتّب بها الأفكار أو الأحداث لتكوّن مسارًا واضحًا. ليس شرطًا أن تكون قصة بوليسية معقدة، بل يكفي أن يكون لكل جزء وظيفة: بداية تمهّد، وسط يبني، ونهاية تغلق الدائرة.

لماذا نحتاج البناء؟

لأن القارئ يحتاج دليلًا يرشد رحلته. النص غير المبني يرهق، أما النص المحبوك فيجعل القراءة سلسة ومقنعة.

ثلاثة مفاتيح لبناء متماسك:

1. الهدف المركزي: قبل أن تبدأ، اسأل نفسك: ما الفكرة أو السؤال الذي يقود النص كله؟ هذا الهدف هو البوصلة التي تمنعك من التشتت.
2. التدرّج الطبيعي: رتّب أفكارك كما لو كنت تصعد سلّمًا. لا تقفز من الدرجة الأولى إلى الأخيرة. دع كل فقرة تقود بسلاسة إلى الأخرى.
3. العقدة والحل: حتى المقال غير القصصي يحتاج “لحظة توتر” – مشكلة أو سؤال أو عائق – ثم حل يقدمه النص. هذا يجعل القارئ يشعر أنه خرج بشيء.

تجربة شخصية:

أتذكر مرة كتبت مقالة طويلة مليئة بالأفكار، لكن أحد أصدقائي قال لي: “أشعر أنني في متاهة.” عندها أدركت أن النص لا يكفي أن يكون غنيًا، بل يجب أن يكون مرتبًا. أعدت كتابته على شكل ثلاث مراحل: مشكلة، تحليل، ثم اقتراح. فجأة أصبح النص أكثر قوة وتأثيرًا.

الخطأ الشائع:

أن نكتب بلا خيط جامع. حينها يبدو النص كأطباق عديدة على طاولة مزدحمة، دون وجبة رئيسية تُنسقها.

البناء ليس قيدًا على الإبداع، بل جناحان يمنحانه القدرة على الطيران.

🧠 تمرين هذا الأسبوع:

اختر موضوعًا تعرفه جيدًا (مثل تجربة شخصية أو فكرة تؤمن بها)، ثم صِغ له مخططًا من ثلاث مراحل:

1. بداية (تمهيد أو سؤال).
2. وسط (العقدة أو التحليل).
3. نهاية (خلاصة أو حل).

بعدها، اكتب نصًا قصيرًا (٢٠٠ كلمة) مستندًا إلى هذا المخطط، ولاحظ الفرق بين الفوضى والبناء