نشرة خواطر مفكرة البريدية - العدد #5 الخطوات الخمس لإنشاء السرد القصصي، أمثلة من أعمال خالدة

بواسطة عبدالعزيز ال رفده #العدد 6 عرض في المتصفح
للأعمال التاريخية وصفة سحرية، تجبرك رغما أن تعجب بها وتحكي عنها لاحقا، لتحقق بذلك أهم صفة لها في (الأصالة

كم رغبت سابقا في أن أجمع بين الاراء، وزوايا الافكار المختلفة، والعواطف المتناثرة، والقصص القابعة خلف ستائر الاحداث العظمى، أن أسمع من طرف واحد، وألقي بكل أفكاري عن ما سمعته نحو الفئة الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة، وهكذا!

لا أعرف لماذا هذا التشابه الوثيق بين تجارب الألم وصناعة الفنون، بودي أن أعرف أكثر عن توافق هذين الجانبين وإندماجهما مع بعضهما الآخر، ليُكوّنان لاحقا باكورة أعمال خالدة في التاريخ البشري!

هل بالضرورة أن يكون الألم محفزا للابداع؟ أم أن الابداع يسمح للألم أن يكون عميقا لينتج عملا خالدا؟

أولا: كتاب امرأة في برلين (لمجهول): 

هكذا دون أن أخطط لذلك وفي فترات زمنية مختلفة، كنت قد قرأت عن أحد أعظم تجارب الألم التي مرت في التاريخ البشري (الحرب العالمية الثانية) ومن خلال كتاب "امرأة في برلين" تلك المذكرات التي كتبت ووصفت ما قام به الشيوعيون في عقر دار الألمان في العاصمة الألمانية (برلين)، عن الاقتحام، والتكسير، ورمي الرصاص، ومظاهر الجوع، والتهديد بالقتل، والاغتصاب، عن روح الانتقام تلك، كيف لك بأن تعيد من هيبتك كروسي، لتأخذ بثأر من قاموا بقتل أهلك، وأصدقائك، وكل من تحب،  هذه المذكرات السرية التي نشرت لاحقا تحت إسم (مجهول) تبين هذه المشاهد بصورة أدق ومن تجربة لأحد الناجيات من هذا الحدث التاريخي الذي بدأه مجنون يسمى هتلر، الخليط الناتج من هذه المذكرات وتجربة ألم الحرب أنشأت هذه التحفة التاريخية، وهنا بدأت أول تساؤلاتي عن ماهية خليط الألم بالفن، لانتاج باكورة أعمال لا تنس في التاريخ!

ثانيا: كتاب الانسان والبحث عن المعنى (لفيكتور فرانكل): 

كثيرا ما سمعت عن عنوان الكتاب (الانسان والبحث عن المعنى) ولكن لم تكن لديّ فكرة عن المؤلف ولا عن القصة الكامنة خلفه، حين بدأت في تقليب صفحاته وجدته أيضا يقبع في تلك الحقبة الزمنية مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، مما جعل السؤال أكثر ظهورا لدي بين أسطر الكتاب، عن ذلك الألم والفن وخليطهما الساحر، قصة أخرى يطرح فيها الطبيب النفسي تجربته المريرة في الحرب، وهو اليهودي الناجي من محرقة الهولوكوست، كيف يصف ما درسه نظريا في تخصصه، وكيف شاهد تلك الدروس النظرية واقعا محسوسا جعلته أكثر رغبة في النجاة من الحرب، عن معنى أن تعيش لسبب واضح يجعلك تتمسك في الحياة من أجله، أن ترغب بشدة في نقل تجربتك المليئة بالاضطهاد، والأعمال الشاقة، والجوع، وأسباب النكوص والخيبة، من ثم الاستسلام، والنتيجة ضعف يودي بك للقتل أو الحرق، كتاب بديع آخر نسج بخليط الألم وفي حدث مشترك غير وجه العالم.

ثالثا: كتاب ليش للحرب وجه أنثوي (لسيفيتلانا ألكيسفييفيتش): 

أخيرا، يقع بين يدي كتاب لم يكن لديّ فكرة عنه الآخر سوى تلك المراجعات التي في Goodreads والتي تصفه بأنه كتاب ممتاز، والمعنون (ليس للحرب وجه أنثوي) هذه المرة من وجهة نظر روسية، ليست ألمانية أو يهودية الاصل، بل روسية تصف مشاركة النساء في الحرب العالمية الثانية، عن روح الشباب المندفع، والذي كان يظن بأن الحرب لم تستمر سوى أشهر معدودة، غير أنها استمرت ٤ سنوات كاملة، عن التجنيد وعن النساء، كيف يتغير الوجه الانثوي لينقع بالدماء، والدموع، والرصاص، لتكون في صف الرجال جنبا الى جنب، تجربة أخرى مؤلمة، تنضم لتكون عملا بديعا هو الاخر ومن خلال القصص المروية من نساء الحرب أنفسهم.

كيف لحرب واحدة أن تنشئ مثل هذه الاعمال العظيمة، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمعاناة، العام ١٩٤٥ م، غير وجه العالم، عن بعض الاثار التي تظهر في السطح ولكن يقبع تحتها ملايين القصص والاعمال، والشواهد، التي لم تحكى ولم تنقل للجيل التالي.

هنا أجعل نفسي في سؤال جديد، هل للوباء العالمي للجائحة كورونا COVID-19 فصل جديد للاحداث؟ ليست تجارب للالم، العالم الان في كتلة واحدة، أن يختل اقتصاد دولة واحد يعني أن تتأثر مجموعة دول أخرى معها، ما هي التقنيات التي تسارعت بشدة لنكون في وضع مختلف، ما قبل الفايروس يختلف عن ما بعده، الكثير من دول تتجنب الحرب لانها مؤذية لكل الاطراف، تستنزف من ميزانيتك، وقوتك، ووقتك، في سبيل أن تنمو وتتطور، الحرب القادمة ربما ستكون مختلفة، حروب البيانات، أو حروب الاختراقات، حروب الحاسب، كيف ستنتج الفنون الممزوجة بالالم؟ هل ستتوقف؟ أو تولد في شكل جديد؟ من سيوثقها؟ كيف سنحكي القصص مع الجيل التالي؟ كيف سننقل تجربتنا بتجرد؟ دون الخوف من اختراق خصوصياتنا؟ وحواسيبنا؟ وبياناتنا؟ عن أي ألم سنتفرد في المرة القادمة بفنه، وكيف سنصفه؟

في محاضرة لرايان قاتس على منصة TedX بعنوان (أكتب ما تعرفه بصدق) السر الحقيقي في هذه الأعمال العظيمة التي سبق وذكرتها في (السرد القصصي) وذكر بأن هناك عدة عوامل يجب أن تكون مؤثر كفاية لتجذب الجمهور وتجعله ينشدُّ لحكايتك يذكر عناصرها:

١- الخُطاف:

ويعني به جذب انتباه المتلقي منذ اللحظة الاولى للقصة

٢- اللامتوقع:

بحيث تكون المفاجأة بتساؤلات الجمهور حول القصة

٣-الأسباب والتأثيرات:

سلسلة الاحداث التابعة للقصة

٤-كيف تشعرك؟ :

شرح كل الامور (العاطفية، والعقلية، والجسدية) عن إرتباط الجمهور مع القصة وتأثره بها

٥- بناء تفاصيل محددة:

وهي العنصر الأساس المقنعة والأبدية في السرد القصصي

ينبّه رايان في محاضرته بأن أهم عنصر اخر هي "الأصالة" وعدم حياكة قصة غير حقيقة أو لا تصدق، هي أهم عامل يحدد عظمة عملك من عدمه.

بالتأكيد أن الألم العاطفي والجسدي لهذه الاعمال، لا يمكن الشعور بها على نحو فعلي إلا بطرق مختلفة مثل (الرسم، الشعر، الرواية، الافلام .. الخ) ولكن مختلف المشاعر تتفاعل مع هذه الاحداث لتحدث تفاعلا كيميائي ما يجعلك تتعاطف مع القصة وتذوب معها بشكل كامل، يقولون (صورة بألف كلمة) ولعلّي أقول (قصة بألف ألف شعور)



إليك أيضا: 

كيف ستجد السعادة عبر تغيير نظرتك تجاه "الأحزان أو الالام" !

notesaziz.blogspot.com

"الأسرار" في هذه المقالة يشجعك العلماء "وبالأدلة" أن تحكي أسرارك بدلا من كتمانها !

notesaziz.blogspot.com
مشاركة
نشرة خواطر مفكرة البريدية

نشرة خواطر مفكرة البريدية

هنا أستعرض لك آخر ما أقوم به من تدوينات، لاشاركك آخر قراءاتي 📚 أفكاري 💭 استماعاتي 📻 مشاهداتي 📺 آرائي الخاصة 💡 أنقلها لكم بأسلوبي وبشكل مبسط، واضح، ومفهوم، اشترك الآن لتصلك هذه النشرات فور إصدارها 🙏🏼

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة خواطر مفكرة البريدية