نشرة ياسمين العنزي البريدية - العدد #3

11 يناير 2025 بواسطة ياسمين العنزي #العدد 3 عرض في المتصفح


لقيام الليل أسرارٌ وعجائب وتجلّيات يتّضح أثرها على القائم بين يدي ربّه، فمن هذه التجلّيات المُشاهدة؛ خفّة وقوفه بين يدي ربّه، والمراد بهذه الخفّة؛ زوال كلّ الأسقام التي يشعر بها في يومه، لا سيما الأسقام الروحية، والأسقام القلبيّة، وما فيهما من مثبّطات تثبّط العبد عن ذوق لذّة هذه العبادة، وهذه الخفّة المُشاهدة والتي تنساب بين أرجاء الروح؛ حقيقة ذكرها نبيّنا محمّد ﷺ، ففي الحديث النّبوي أنّه قال: (عليكم بقيام الليل فإنّه دأب الصّالحين قبلكم ومقربة إلى ربّكم ومطردة للدّاء عن الجسَد)، فكم ممن عوفي في دينه ودنياه بسبب قيامه الليل، وهي عبادة من العبادات التي تندرج تحت الخلوات النّافعة، ومعلومٌ أنّ الخلوة النافعة تؤثر على صاحبها من عافيته وشفائه ورفعته وتمكينه، وما من شيء يجلب على العبد أسباب العافية الدينية والدنيوية كمثل قيام الليل والوقوف بين يدي الله تعالى، ومعلومٌ كذلك أنّ المُذنب يُحرم من هذا الوقوف والتلذذ به، وشأن الذنوب في حرمان العبد من الوقوف بين يدي الله شأنٌ يطول شرحه ويطول وصفه، ومن العبر أنّ هناك رجل جاء للحسن البصري، فقال له: يا أبا سعيد إني أبيت معافى، وأحب طهوري، فما بالي لا أقوم؟ فقال الحسن: ذنوبك قيّدتك، وقال رحمهالله: إنّ العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل، وصيام النهار"، وقال الفضيل بن عياض: "إذا لم تقدر على قيام الليل، وصيام النهار؛ فاعلمأنّك محروم مكبّل، كبّلتك خطيئتك".. نعوذ بالله من الحرمان ونسأله تعالى أن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين..

مشاركة
نشرة ياسمين العنزي البريدية

نشرة ياسمين العنزي البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة ياسمين العنزي البريدية

9 يناير

نشرة ياسمين العنزي البريدية - العدد #1

خمول الذّكر وعدم تهافت الألسنة بنجاح الشخص أو عمله؛ يثمر كثيرًا بعلوّ مرتبة هذا الشخص من حيث لا يدرك سبيل هذا النّجاح أو هذه الرفعة، وذلك أنّ النّفوس متقطّعة لأحوال غيرها، فإذا اجتهد العبد بإخفاء ذكره وإسكات عمله؛ تخلّص من عبء مُطالعة الآخرين، فإنّ العبد إذا أظهر عمله، وتحدّث عن خططه لكلّ أحد؛ أصابه بعد ذلك فتورًا يقعده عن المواصلة، وتثبيطًا يعجز به عن الإكمال، وهذا السِّر في قولنبيّنا محمّدﷺ : (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)، فإنّ للكتمان فضيلة تعود على صاحبها بالنّفع العاجل، والعكسُ صحيح، فإنّ التحدّث عمّا باليدّ ومُشاركة الآخرين الخطط المُستقبليّة؛ يعود عليه بالتقصير غالبًا، وبالتثبيط أحيانًا كثيرة، فليس كلّ الهمُوم تُشارك، بعض الهموم العلويّة حين تُذاع؛ ترتدّ على صاحبها بوابل من الخسران والضّياع، والنّفوس ليست سواسية في مدى تلقّيها لتلك الأحوال ومُشاركتها، وهناك من إذا أشركته همّك وخططك؛ أعانك عليها في البداية، ثمّ لا يلبث إلا يعود كما كان، ولا أحد يشعر بهذا الهمّ القابع فيصدرك إلا أنت، ومن مشروعيّة كتمان الأعمال؛ أنّ صاحبها يُخلص في سرّه وينغمس في عمله أكثر من إذاعته وجهره، والمُخلص لا يشقى بإخلاصه، والصّدق يصنع أهله وإن كانوا أخفياء، ومشروعيّة كتمان الأعمال فيها ملمحٌ من ملامح الغيرة الشّريفة؛ فالسّابق للمعالي يغارعلى عمله أن يُكشف لغير أهله، وتعتريه أنفَه وعزّة أن يُشاركها مع من لا يستحقّ، وهذه الغيرة الشّريفة يعرفها أهلها، ويقصدونها فيأحوالهم كافّة، فهم في وادٍ لا يعلم عنه أحد، في عمل دؤوب مُستمر، في جهد وصبر ومُصابرة، يتذوّقون بإخلاصهم حلاوة المشقّة، المشقّة لها حلاوة يعرفها أهلها، يذوقونها بأرواحهم، يتلذذون بكلّ معنى يسيل من جهد أعمالهم، فهم في وادٍ ليس به أعين تُلاحظهم، الله وحده منيعلمهم، (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستُردّون إلى عالم الغيب والشّهادة فيُنبئكم بما كنتم تعملون)..