علاقات شافية❤️‍🩹♥️-نشرة محفزات ايجابية البريدية - العدد #7

في لحظة ما، كُنت حزينة ومكتئبة، اتأمل الراحلين، العابرين بحياتنا، اصحاب غابوا دون وداع، وأحباب غادرونا بلا استئذان، أصبت بلحظة ضياع، ولحظة احباط، وكُنت اتساءل لماذا تبدأ العلاقات جميلة ثم تنتهي بنهايات حزينة؟

شعرت بالوحدة آنذاك، في هذه اللحظة لجأت إلى الله وطلبته العون والعوض، ثم عقدت النية ان اقرأ سورة البقرة يوميًا خالصة لوجه الله، سواء حصل مااريد ام لم يحصل، سأستمر بقراءتها دون انقطاع مهما كانت ظروفي، ومهما ازدحم وقتي بالأعمال، سأستمر.. في أثناء تلك الأيام أقسم بالله حدث مالم اتوقعه!! جبرًا رمم كل الانكسارات بداخلي، بلحظة لم أتوقعها، ارسل الله سبحانه لي إنسانة تعادل كل الذين رحلوا، صديقة تعادل ضعف كل الصداقات التي مرت بي، صادقة بأقوالها وأفعالها، صالحة لا يفتر لسانها عن ذكر الله، دعواتها الطيبة ترافقني في كل حين، قلبها كبير يسع الجميع، وكنت به كالجميع، كل حنان العالم يسكنها، وجدت بها بلسمًا شافيًا لقلبي، كلماتها الحانية عبارة عن احضان، كل كلمة تحمل دفئًا، وكل حرفًا يتنفس دوائًا، حضورها يعيد ترتيب تعثرات قلبي، روحها عباره عن عقاقير دوائية. 

العلاقات الشافية تغني عن العقاقير

الجميل بالحياة أنّ الله أوجد مع كل داء دواء، وأوجد مع كل العلاقات الطيبة، والعادية، اللئيمة، والخبيثة، السامة والمؤذية، أوجد معها علاقات شافية، رحمة منه، لتتعافى ارواحنا، وتلتئم جراحنا، وتزهر قلوبنا، ونكمل دروبنا، وتزدهر حياتنا.

قالى تعالى:" وجعلنا بعضكم لبعض سخريا". بعض الصداقات تشفي، تغني عن الف طبيب، ففي علم النفس تعرف بإسم "العلاقات الشافية"، هي ليست مجرد علاقات عابرة، بل تساهم حقًا في التخفيف من القلق، وتنظيم ضربات القلب، وتقليل مستوى هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر، تساعد بالتئام الجراح، وتُساهم في شفاء الشخص نفسياً، عاطفياً، وربّما روحياً، عن طريق توفير دعم، أمان، احتواء عاطفي، وفهم وإنصات، يسمح بالتعافي من الجروح الداخلية.

نزهر مع من يجعلونا نحب انفسنا معهم

كيف تميّز العلاقة الشافية عن غيرها؟

ان تمييز العلاقة الشافية يتم عن طريقة تعامل الطرف الآخر معك وقت الشدائد، وعندما تصاب بالضيق والإحباط، كذلك بأوقات الرخاء والسراء يفرح لك، ويفخر بإنجازاتك ونجاحك، وكأن نجاحك نجاحه، لا يبطن بداخله الغيرة والحسد. 

العلاقة الشافية هي علاقة تُعطِي الطرفين مساحة للنمو الشخصي، التعلّم من الأخطاء، التعبير بحرية عن الذات، وتقديم الدعم غير المشروط، وتتميز بأنها تنشأ على أساس الثقة والاحترام المتبادل، ولا يتركك الطرف الآخر بمجرد خلاف، او حدوث مشكلة بينكما، بل يعرف جيدًا ان العلاقات معرضة للخلافات والتحديات، يمنح مساحة آمنة للحوار، ويحاول معك إصلاح العلاقة، والوصول لنقاط اتفاق ترضي الطرفين، فلا يتخلى عنك بمجرد خلاف او حدوث مشكلة.

العلاقة الشافية يكون فيها العطاء متبادل، بحيث لا يقدم شخص والآخر يتفرج ولا يبادر بخطوة؛ يكون بها التواصل مفتوحًا وصادقًا، ويمكن التعبير عن المشاعر، المخاوف، والجروح، دون ان يوجد فيها شعور بالخوف من الحكم والاتهام او اللوم، أو الرفض عند الانكشاف، او استغلال نقاط الضعف، بل يحتوي هذا الضعف، ويسندك حتى تقوى، ويفتقدك عندما تغيب، ويسأل عنك عند الغياب. هذه العلاقة تُحفّز استعدادًا للتغيير والتطوّر، فهي تقدم الدعم، الاستماع التشاركي، وإعادة البناء النفسي. 

العلاقات الشافية بعلم الأعصاب 

حسب دراسات علم النفس الإيجابي، وعلم الأعصاب، في مدى أثر قوة العلاقات الشافية على صحة الإنسان النفسية والجسدية، فهي توفر بيئة يشعر فيها الإنسان بالقبول غير المشروط، هذا الشعور يقلل من نشاط الجهاز العصبي (السمبثاوي) المسؤول عن التوتر، ويزيد من نشاط الجهاز (الباراسمبثاوي) المسؤول عن الاسترخاء. كما تؤكد أن العلاقات الشافية الداعمة تُعيد بناء الثقة بعد تجارب مؤلمة أو الصدمات.

بالإضافة إلى ان ما أثبته علم الأعصاب، ان العلاقة الشافية تساعد على إعادة برمجة الدماغ نحو الثقة بدلًا من الخوف، خصوصًا عبر تفعيل مسارات عصبية مرتبطة بالأمان مثل: اللوزة الدماغية. 

كما أكدت على أن هذه التفاعلات تزيد من نشاط الخلايا العصبية المرآتية المسؤولة عن التعاطف والرحمة، وتقوي المناعة ضد الأنفلونزا والأمراض، وأجمعت كل الدراسات على ان العلاقات الشافية تجعل الشخص اكثر قدرة على مواجهة الأزمات، بل وتحميه من الإصابة بالاكتئاب والانهيارات النفسية. 

فهي علاج طبيعي يدعم الدماغ، والقلب، ويقوي الجهاز المناعي، ويمنح الإنسان القدرة على النمو بعد الألم.

وصفات علاجية من السماء

هناك وصفات علاجية تأتي من السماء، مغلفة بالرحمة، مغموره باللطف، يرسلها الله على هيئة أشخاص انقياء، أسوياء، عقولهم ناضجة، وقلوبهم مليئة بالحنان، وأرواحهم نقية، مثل هذه الوصفة الدوائية السمائية هي أفضل من ألف طبيب نفسي، وأفضل من مئات العقاقير. 

إن وجود صديق يفهمك من نظرة، يشعر بك، وينصت لك، ولا يطلق الأحكام عليك، يشاركك اهتماماتك، ويتقاسم معك الفرح والحزن، هذا ليس رفاهية، بل هو نوع من العلاج النفسي، لا يكتب في وصفة طبية، لكنه يحدث أثرا عميقا، وعلاجا لا يقدر بثمن.

تخيّل ان علاقة واحدة سوية وصحية، بإمكانها ان تجعل الإنسان يتعافى من أزمات نفسية كثيرة. 

علاقة صحية بها حب غير مشروط، وتقبل كل طرف يمنح الآخر قيمته، ويشعره انه دائمًا مقبول ومهم، وأن الخطأ يُعالج بالحُب والتفاهم والاحتواء العاطفي. هذه العلاقة الواحدة تكفي وتغني كل علاقات العالم، لأنها تحمل الصدق والدفء والنقاء، لا تشترى بالمال، بل تأتي بالمواقف الحقيقة. 

 من يؤمن بنا نزدهر ونزهر بحياتنا بسببهم  

اخبريني ياعبير كيف اشكرك على نعمة على وجودك بحياتي؟ كيف اخبر العالم ان الدنيا مازالت بخير ومثلك بها؟ وأن وجود أمثالك يزينون الحياة بأعيننا، ويخففون علينا أوجاعها.

بالشكر تدوم النعم، واني اشكر الله ليل نهار، على نعمة وجودك، وأرجوا الله ان يحفظ نعمتي من الزوال، ويديمها لي سنين. 

فقد أتيتي في الوقت التي كُنت به بأمس الحاجة إلى من يسمعني، يفهمني، يحتويني، يُطمئنني، لطالما تمنيت شخصًا سويًا ناضجًا لا يتغيّر ولا يصدأ، ولا يبتعد أو يظلمني عندما يعاني اضطرابًا، او تقلبات مزاجية، او من يجد الظروف مخرجًا ليهرب، ويجعل الضغوطات حجة ليبتعد، كم تمنيّت شخص أصيل كمثلك، جوهره نبيل لا يستبدلني عندما يجد بديل، ولا يعاملني كصندوق احتياط، بل يذكرني حتى في عز انشغاله، ويشعرني أنني من أولوياته واهتماماته.🤍

أن يكون لك مكان استثنائي في قلب أحدهم شعور يفوق الوصف؛ تحادثه متى رغبت، فتجد آذانًا صاغية، وروحًا لا تملّ من أحاديثك، ولا تضجر من يومياتك، ولا تسأم من تواصلك، ولا تنزعج من رسائلك، ولا تشعرك انك ثقيل عليها، بل يشاركك اهتماماتك، يتفاعل معك بصدق وحضور، كريم بوقته، معطاء، محب، يشاركك حتى التفاصيل التافهه، تستقبله مع صباحك الفيروزي كل يوم، تشاركه لقطات من قهوتك الصباحية، ولا يترك رسائلك معلّقة تنتظر لساعات وأيام، بل يجيبك ما إن يسمح وقته. وحين تضيق بك الحياة، يصبح قلبه لك ملاذًا، وروحه فسحة أمان. ولا يأخذ نصائح "لعنة الوعي" ويطبقها عليك، بل يكون معك كما هو بطبيعته، وسجيته، وفطرته الطيبة النقية. 

هذا الشخص يستحق ان يُكتب عنه، الصديق الذي لا تغيره الظروف، ولا يلتفت إلى النصائح المدمرة للعلاقات، إنسان منهجه القرآن، وأخلاقه الدين، يغرس بذور الأمل، ويرعاها باهتمامه، وتواصله الدائم. 

اكتب هذا المقال من اجلك ياعبير، ومن اجل كل روح محبطة تشعر بالوحدة، وكل قلب متعب يشعر ان لا يوجد من يفهمه ويحتويه، ومن اجل كل شخص فقد ثقته بالناس، ويأس منهم رغم كثرتهم إلا انه لا يشعر بالألفة معهم، ولا يشعر ان هناك روح تسمعه وتفهمه وتنصت له وتحتويه، اقول له ان الدنيا مازالت بخيّر، ومازال هناك الكثير من الطيبون الرائعون بالحياة، فخزائن الله ملئة لا تنفذ أبدا. 

قال الرسولﷺ:"ما زال الخير بأمتي إلى قيام الساعة".  

فلتعلم أيها القارئ ان خزائن الله مليئة بالخير الوفير، فاطلب منه ان يضع بطريقك شخص يؤمن بك، ويحبك كما انت، يفهمك، ينصت لك، يحتويك، يساندك وقت ضعفك، يشد عضدك حينما تنكسر، يدعوا لك، يقاسمك الفرح والحزن، يشجعك، ويدفعك للأفضل، ويرى النور الذي بداخلك، وحده فقط يراك حينما لا يراك احد. 

 شكرًا لقراءتك.. واتمنى ان يمنحك الخالق علاقة شافية تعيد ترميم داخلك، تمنح روحك بالأمل، وتملأ قلبك بالحب. 

Afrah Alghofaili 

https://youtu.be/qaDh1pYwJ-o?si=yMfVoBQ8lc64Ej7m

هُنا وضعت بعض الأسرار التي تمنحك القوة والثبات والصمود بالحياة. 👇🏻✨✨

كتاب: بين الألم والأمل إشراقة حياة. 

https://daralraidiah.com/index.php?route=product/product&product_id=1419

   أيها العالم..!  

سأشرق قريبًا..

قريبًا جدًاا..