من طعم الفراولة🍓 إلى مرارة النضج-نشرة محفزات ايجابية البريدية-

وصفة دوائية من الحياة

عندما كُنت في الثالثة عشرة من عمري، 

صابتني حمى، وكالعادة ذهبت للمستشفى، 

ولكن هذه المرة لم تكن مثل المرات 

السابقة ابدًا..!

فقد وصف لي الطبيب وصفة دواء 

تختلف تمامًا عمّا اعتدت عليه. 

لم يكن شرابًا بنكهة الفراولة، 

بل حبوبًا صغيرة قاسية..

وقالها بنبرة عادية، "هذه أدوية الكبار".

بينما بدت الجملة ثقيلة على مسمعي..

حينها فقط أدركت أنني كبرت، ولن أعود 

ابدًا إلى شراب نكهة الفراولة.

تقبلت الأمر بهدوء، لكن ما لم أتوقعه 

هو أنني لا أعرف كيف أبتلع تلك 

الحبة الصغيرة. 

نظرت إليها مطولًا..!

تساءلت كيف يفعل الكبار هذا بسهولة؟ 

لم يسبق لأحد أن علّمني..

لأنهم كانوا يظنون أن الأمر بسيط، 

فلا يرونه جديرًا بالشرح، سوى بالطريقة

التقليدية وهي شرب الماء معه،

دون توضيح الطريقة الصحيحة،

لا يدركون أنه بالنسبة لنا، كأطفال، أمر مربك.

جربت أول مرة، فوضعت الحبة في فمي، 

حاولت بلعها، لكنها علقت في منتصف حلقي.

شعرت بالاختناق، بالخوف، بالتوتر. 

لوهلة فكرت أنني لن أستطيع، 

رغبت بالاستسلام 

و أن أعود للدواء السائل، 

للطفولة، وللبساطة.

لكن سرعان ما التقطت كوب الماء أمامي🚰، 

شربت جرعات متتالية💦، 

ودون أن أشعر، انزلقت الحبة 

إلى معدتي اخيرًا.🦦

تنفّست بارتياح، لكن التجربة لم تنتهِ 

إلى هذا الحد، فقد تكررت في اليوم التالي، 

وفي كل مرة، كان هناك نفس التوتر، 

نفس الارتباك. 

لكن مع مرور الأيام، أصبح الأمر أسهل، 

وأقل إرباكًا، حتى جاء اليوم الذي ابتلعت

 فيه الحبة دون أن أفكر، 

دون أن أتردد، كما يفعل الكبار تمامًا.

عواصف الحياة تحتاج جرعات دوائية

تلك الحبة لم تكن مجرد دواء..!

بل كانت درسًا مبكرًا في الحياة.

علمتني أن بعض المواقف 

تفاجئنا دون استعداد، 

دون حتى تدريب مسبق.

نواجهها وحدنا، بخوفنا، وترددنا

 وتجربتنا الأولى.

لكن مع التكرار، ومع الإصرار، 

يصبح الصعب سهلًا، والمربك مألوفًا،

فنصبح أكثر قدرة على مواجهة 

تحديات الحياة، وأكثر خبرة 

للتعامل مع ضغوطاتها.

دائمًا يضعنا القدر دون سابق إنذار 

أمام مواقف ضاغطة، مواقف 

تنتزع مِنا الشغف، وتسلب مِنا 

البهجة، مواقف تكشف لنا حقيقة

الكثير من حولنا، ويسقط من قلوبنا 

اشخاص كما تسقط أوراق الخريف.

ونفقد الرغبة في الحصول 

على الأشياء..

ونصبح لا نريد سوى "اللا شيء".

هذا "اللا شيء"هو مرحلة التقبل، 

والسلام مع الذات،

"لا شيء" من الحياة ..

"لا شيء" من التوقعات..

"لا شيء" من الناس..

ثم نمضي بروح يملؤها الرضا،

ونفس تقودها القناعة،

وقلب يربطه اليقين ويزينه الإيمان.

تحت هذه الشجرة كتبت هذه المقالة 

هكذا هي الحياة...!

كلما اعترضتنا عقبة، توهمنا أنها النهاية، وكأن الطريق قد انقطع بنا.

لكن الحقيقة..! أن ما نظنه نهاية، ما هو إلا بداية جديدة.

هي فقط "أولى الحبات" في طريق النمو، تحتاج مِنا قليلًا من الشجاعة، وجرعات من الأمل، لنواصل السير، ونواجه قسوة الأيام، بوصفة دوائية لا تُصرف من الصيدلية، بل تُصاغ من التجربة الحياتية، لابتلاعها وحدنا، والوصفة الدوائية هي:

"الصبر، الثبات، القوة، اليقين، الإيمان"

هذه هي أدويتك النفسية، ابتلعها بقناعة، ورافقها بكوب ماء من "الحلول"التي غالبًا ما تكون هذه الحلول قريبة، أمامك تمامًا، تنتظر فقط أن تمد يدك لتلتقطها.

فلا تنتظر من يقدّمها لك، فطول الانتظار قد ينهكك، وربما يُمرضك، أو يُطفئك تمامًا.

النُضج مرٌ المذاق دائمًا، ليس كطعم الفراولة.. تضطر به ان تبتلع مرارة الخذلان والفقدان.. وجفاء الأحباب، وغدر الصحاب..وحزن الفؤاد، وعذاب الضمير.. وحديث السوء عنك، والبيئة السيئة حولك.. وثمن كل ذلك هو "النضج". 

شكرًا لوصولك إلى هنا 

اقدر لك وقتك واسأل الله لي ولك المنفعة 

وان يوفقنا الله بجرعات ايجابية من الحياة الطيبة.

تحياتي 

Afrah Alghofaili 

سأشرق قريبًا

هُنا وضعت بعض الأسرار التي تمنحك القوة والثبات والصمود بالحياة..👇🏻✨