دائرة الحياة - الحلقة الثانية

بواسطة وصال صِلة #العدد 3 عرض في المتصفح
 أريد تغيير العالم.... لكن لا أستطيع تغيير عفش منزلي.. تعبت من التنقل!

في النشرة السابقة مررت معك على عتبات مرحلة المراهقة وأسئلتها الجريئة...
من أنا؟ وماذا أريد؟ وما الذي أحبه؟

نقفز قفزة صغيرة في الزمن... هات يدك وتعال نستكشف معاً مرحلة بداية العمل

مبروووك

لقد تخرجت من الجامعة

وأخيراٍ.. لا يوجد استيقاظ مبكر لحضور المحاضرات والسهر لآخر الليل للدراسة للامتحانات.

الكل قادم ليهنئني مع هديةٍ جميلةٍ بيده تعِدُ بالمستقبل المبهر الذي لطالما حلمتُ به.

قفزةٌ أخرى

صباح الخير... لقد اخترتُ البدلة الرسمية التي سأذهب بها لأول يوم في العمل.... متحمس جداً لاكتشاف الشركة ورؤية مكتبي و التعرف على زملائي وبدء الوظيفة الجديدة التي سأبهر بها الجميع!

تحمل معي قليلا قفزةٌ أخرى

يا الله! هذه المرة الثانية والعشرون التي يغيّر فيها مديري رأيه بخصوص الملف وفوق كل هذا يجب أن أسلّم الملف اليوم.

تتنهد بعمق.. وتقول لقد تعبت!! يبدو أني لم أتعب من تعديلات هذا الأستاذ الذي لا تنتهي ولكني تعبتُ من هذا المكان.

أشعر أني عالق في هذا المكتب. أهذا ما آنفقت سنوات عمري للدراسة لأجله؟ أهكذا ستكون حياتي؟ بين أربعة جدران على هذا اللابتوب أعدل ملفات؟!

كنت أريد تغيير العالم لكني حالياً لا أستطيع حتى تغيير عفش منزلي لأن الراتب محدود.

أريد أن أستقيل لكن من أين سأنفق على نفسي، وأنا أصلاً ملتزم بعقد إيجار لمدة سنتين للمنزل.

لو أني أملك ما يكفيني لمدة سنة لاستقلت الآن وذهبت في رحلة حول العالم، العالم الذي يجب أن أراه أولا حتى أغيره.

أشعر أني عالق ومحبط ولكن... لابد من وجود طريقة...

تررن! ترررن! تررررن! "مبروك زميل غدا إجازة من الشركة وبعده الجمعة عطلة مسبقاً. يلا استمتع بسفرة صغيرة هذه الويكند".

ربما جاء الوقت لأرى العالم...
ولكن يبدو أني سآخذ الملف معي...
سأنهيه بعد أن أشبع من النوم المتراكم علي طوال هذا الأسبوع. هه! الحمدلله على الأقل أني ما زلت في العشرين وهناك وقت للاستقالة... والسفر يبدو أني سأستقيل في يومٍ آخر!

..............

والآن الحمدلله على سلامتك مع نهاية هذه الرحلات الزمنية السريعة.

ما هو شعورك وأنت تمر معي بهذه الرحلات؟

آمل أنك وجدت نفسك في واحد أو اثنين على الأقل من هذه المشاعر وخواطر النفس التي يمر بها كل خريج جديد وموظف جديد في سوق العمل.

إذاً أين ذهبت أسئلة المراهقة مثل من أنا؟ وماذا أريد؟ وكيف أغير العالم؟

هي لم تذهب.. ما زالت موجودة داخلك مختبئة داخل مشاعرك ورغبتك بالأفضل. لكنك أنت تغيرت أو لنقل تطورت.

لم تعد ذلك المراهق الحالم الذي يعيش في منزل أبويه، لا يقلق من دفع الأجار والفواتير، ولا يفكر إلا بأحلامه.

العالم الذي تريد تغييره صرت أنت جزءاً منه، وهذا خير...
فكيف تخاطب أناساً لم تعش معهم، بل في برج عاجي بعيد عنهم تحت رعاية أهل محبين ومقتدرين...

كان لابد من نزولك للواقع واهتمامك بأهداف واقعية.

ولكن الفخ هنا الذي يقع فيه الكثير..

هو الانغماس بهذا الواقع بكل حواسك والبقاء عالقاً فيه.

الفخ هو أن تنسى ذلك المراهق الحالم الذي كان في داخلك.

والنجاح هو أن تلعب الحياة بأدوات واقعية وتبقى تتذكر الأحلام الكبيرة التي في داخلك

هذه الذكرى سوف توقظ بداخلك أدوات الإبداع والابتكار لكي توظف الواقع في خدمة أحلامك لكي تجد وسائل واقعية لتجسيدها.

فهل ستبدأ عملا آخر ، تعمل عن بعد ، تفتح شركة ، تبيع منتجات أونلاين ، تمارس هواية محببة بإتقان ، أو تبيع خدماتك.. تنضم لشركة داعمة تقدم إبداعا فيها، تكتب كتاباً ، تشارك بمسابقة عالمية وتفوز بها، تأخذ منحة دولية وتبدأ بعدها مشروعا ناشئاً؟!

كل هذه وغيرها هي أدوات من رحم الواقع

لكنها مليئة بالإبداع ، مليئة فيك أنت وبنداء قلبك

إذا هذا هو سر العشرين... أن تلعب الحياة

وأنت متذكر لحقيقتك فتبدع فيها

وتجلب للعالم نور نداء قلبك

أنتظر أن أسمع منك رأيك وتجربتك مع العشرينات وأهدافها وأدواتها

مع كل الإلهام والشغف

وصال صِلة

مشاركة
نشرة وصال صِلة

نشرة وصال صِلة

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة وصال صِلة