أنا لستُ مِثلهم! |
15 أبريل 2025 • بواسطة نَدَى • #العدد 1 • عرض في المتصفح |
أكذوبةٌ مألوفةٌ يصيحُ بِها الكَثيرون ..
|
|
عند لقائك لشخصٍ جديد تضوي سماؤك بالنجوم، وتلمحُ في الآفاقِ الأمل، وتبدأ توقعاتك بالسفر لحدودِ السحاب، فتبني الخيالات عن ردود أفعاله، طباعه، غاياته، معتقداته .. |
بينما في الحقيقة يوهمك عقلك بما تود رؤيته وبما تفضل سماعه و بالأسلوب الذي تحبذ معاملتك به، لكن هل توقفت لوهلة واستكشفت ذلك الإنسان كما هو فعلًا؟! |
التركيزُ في كلماته، ألفاظه وتوجهاته، إيماءاته هل متوتر أم هادئ ومستكين؟ غاضب أم منتشي؟ وغيرها. |
هل فكرتَ بمن هو حقًا؟ |
لنرى ما السُبل المُتبعة لمعرفته بالفعل؛ ستسأله: من أنت؟ |
سيقول لك المراوغ: أنا كما تريد أن أكون .. |
وسيقول المتمرد: أنا هو أنا ولو كره الكارهون! |
وسيقول المهزوز: أنا كما ترى .. |
وسيقول الودود: أنا أنت ومن أنت يا ترى؟ |
سيقول الكاذب: أنا رائع! |
وسيقول الواثق: مثلما شئت أن أكون |
والصادق سينطق: أنا إنسان، وأسعى أن أكون |
نهايةً، ستستشف من كل شخصية ماهيّتها حقًا، وبعد فترة من الزمن سترى إن كان قوله كفعله أم أن لسانه اعتاد التجمل! |
وستبدأ في عتابه حتى يبرر لك "أنا لستُ مثلهم! ثق بي!" |
-وكأن الثقة تعطى بين يومٍ وليلة 😀- |
لنعد لأصل هذه العبارة، نحن محاطونَ بالنسخ المتكررة والتي غالبيتها ينحط للحضيض، ومن تكرار خذلاننا تلاشت ثقتنا في البشر، ودفنت مشاعر الود المكنونة للغرباء، وعندما تشاءُ فتح صفحةٍ جديدة مع غريبٍ آخر يحاول كسبك بهذهِ العبارة الكلاشيهية .. |
لكنَّ المختلف لا يحتاجُ لقولِ ذلك، والصادقُ يعترفُ بمساوِئه سواء خالفت الجميع أم شابهتهم، لا تُبنى العلاقات على كذبةٍ ولا تحاكُ خيوط الودادِ بالنفاق، أن تكونَ أنت فقط، لستَ بحاجةٍ للتبرأ من نفسك لتصحيحِ سوءِ فهم العقول الأخرى والوقوع تحت قيدِ أحكامهم، كن واضحًا فحسب، فإنكارُ الذات لن يعليكَ شأنًا، ولن يرقى بك منزلةً وإنما يدنيك أرضًا ويحطك مكانةً. |
في المرة القادمة حينما تطلب ثقة شخصٍ ما أره من أنت حقًا ولا تبتذل بالقول وتؤلِّف الأشعار عن ذاتك وتحبك القِصص، و تتحلى بسيماء زائفة وتنقحُ ما فشلت في إصلاحه أو تواري ما تخشى نقده، ليس عليك أن تكون مثلهم ولا أن تكون منفردًا، فإن صادفت خصالك فيهم فصادقهم وإن عارضتهم فتقبّلهم. |
النوايا تحدد الصدق لكنها لا تُرى، فالسبيل الوحيد لفهمك هو تصرفاتك، لسنا ممن يقرأ الأفكار يكشف عما في الصدور، لله مطلع الغيب، فاجعل سلوكك يتبع مسلك نيتك وأظهر على حقيقتك بخيرها وشرها ولنا القبول أو الرفض، أما أكذوبة "أنا لست مثلهم" لن تنفث عنك الغبار ولا تعطرك، بل ستثير الشك فيك، فأنت إن لم تكن مثلهم فربما أنت أسوأ! |
وعزيزاتي النساء، صاحباتُ القلوب الطيبة والتعاطف الفطري مع كل الكائنات، أيقظوا عقولكم ولا تخدعكم كلمات الرجال المزيّنة، هو ليس مثلهم لأنه يظن أنه أفضل. |
فقِ نفسكِ من شر هؤلاء الدجالين بالعاطفة وشعراء الغاية ومقدمي البذاخات. |
وتحياتي للجميع بقلم: ندى سمير |
التعليقات