نثر المعشرات (2) |
15 يوليو 2025 • بواسطة بدر آل مرعي • #العدد 4 • عرض في المتصفح |
العالم الحكيم
|
|
عن عبد الله بن بريدة، قال: شتم رجل ابن عباس رحمة الله عليه فقال: »أما إنك تشتمني وفِيَّ ثلاثُ خِلال: إني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل فأفرح، وأنا لا أتقاضى إليه أبدًا، وإني لأسمع بالغيث يصيب من بلدان المسلمين فأفرح به ومالي به من سائمة، وإني لآتي على الآية من كتاب الله فأود أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم«. |
أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص102). |
في هذا الأثر معاني: |
١- أن شرف العالم وفضله لا يمنعه من تسلّط بعض من لا يعرف قدره. |
٢- جواز الحديث عن النفس في موطن التبيان والدفاع. |
٣- أن العلم نعمة تُصلح البلاد والعباد؛ شأنه شأن العدل والمطر. |
٤- في الجملة الثالثة حذف تقديره "دون أن أنتفع منه ولا يُنسب لي" جريًا على نفي الانتفاع في الجملة الأولى والثانية. |
٥- أن لفهم المستعصي إشراقًا في النفس وبهجة في الروح تدفع لنثر هذا الشعور على الآخرين، وهذا هو الفرح بالعلم. |
٦- للمتخصص يد أطول من غيره في الفن الذي يزاوله؛ لذا كان علم ابن عبّاس أعمق وأغزر، فيفهم من الآية ما لا يفهمه غيره من وجوه المعاني. |
٧- تنكير الرجل الشاتم دلالة ترفع عن الخصومات الشخصية، والعالم الموفق لا يحول طلابه إلى جمهور هادر يدافع عنه بعمى. |
٨- اشتغال العالم بالهم العام زينة العلم وزكاته، فالعدل في الحقوق، والرخاء الاقتصادي بالغيث قضايا حاضرة عند ابن عباس رضي الله عنهما. |
٩- إيراد أبي عبيد -وغيره- لهذا الأثر في مناقب ابن عباس دال على تمام عقله وحسن تصنيفه. |
١٠- مخالطة الناس تقتضي التخفف من الرسوم والحديث بمعهودهم دون إيغار للصدور؛ فابن عباس -رضي الله عنهما- أظهر فضله دفاعًا عن نفسه بأمور ظاهرة كالفرح بالعدل والمطر، ولم يختر الدفاع بما تقتضيه الصحبة والقربى من الشرف الذي لا يُنكر. |
التعليقات