كيف تحول أهداف 2024 إلى أموال؟- العدد #5

بواسطة سالي الزيد #العدد 5 عرض في المتصفح


الصورة لأستي جانسيس من انسبلاش

الصورة لأستي جانسيس من انسبلاش

المقدمة

نهاية بداية عام جديد، يغلب على هذا الوقت من العام حديث الناس على الأهداف التي يريدون تحقيقها والتي حققوها، فهناك ما يربو على سبعة أمريكيين من أصل 10 يضعون أهدافًا جديدة. كما وهناك 80 % من الناس لا يملكون أهدافًا! هذه الإحصائيات قد تبدو مخيبة للآمال حين نرى أن كثيرًا ممن يضعون الأهداف لا يحققوها.

ولكن دعنا نتفق عزيزي/تي على أن لدينا خلط بين المصطلحات والمفاهيم، واتساع في صياغة الأهداف، وعدم وضع تاريخ محدد للانتهاء منها، كما وأننا قد نمتلك قصورًا بما سنفعله بعد تحقيق الهدف.

لذا دعنا نبدأ بالتعريف ونسير حتى نصل إلى حلول مناسبة إن شاء الله.

ما هي الأهداف؟

الهدف هو: الفعل الذي يوضح ما يُريد الشخص تحقيقه، أو المطلوب من الآخرين تحقيقه، ويعرف أيضًا بأنه النتيجة التي يود الشخص الوصول إليها بعد التنظيم والتخطيط والعمل.

لماذا نضع الأهداف؟

إن الغاية التي لأجلها نضع الأهداف هي:

  1. تحُمل المرء المسؤولية تجاه ما يفعل
  2. تشجع المرء على الاستمرار في العمل 
  3. تُقلل التشتت وتزيد من تركيزه حيال ما يفعله
  4. تُحسن المرء وتطوره باستمرار 
  5. تُنمي الشعور بالرضا تجاه النفس 

وهذه الأسباب لم تُذكر على سبيل الحصر، بل هي على سبيل المثال، فُكل منّا لديه أسباب مختلفة لكي يضع أهدافًا، ولكن مما يبدوا ظاهرًا أن ما ذكرتهُ آنفًا هو الأكثر شيوعًا بين من يضعون أهدافهم، وبناءًا على تجربتي الشخصية ترتفع قدرة المرء على الانتاجية حين يضع أهدافًا له، ولا أبالغ حين أقول أن الأهداف هي وقود للإنسان، تُعينه على أن يسير في هذه الدُنيا.

لماذا نُخفق في تحقيق الأهداف؟

يعود عدم تحقيق الأهداف لعدة أسباب، لا لسببٍ واحد، ولا يمكنني أن أحصر بما كتبته هُنا، فإن ما أذكره هو ما رأيته من أسباب وما بحثت عنه وهي:

  1. أن الهدف لم يوضع ضمن استراتيجية SMART (سأتحدث عنها في الفقرة التالية)
  2. أن الهدف ليس ملكًا لصاحبه، بل هو أقرب لأن يكون هدف شخصٍ آخر.
  3. أن الهدف لا يتماشى مع واقع صاحبه الحالي.

فكيف يمكن لشخص أن يضع هدف أنه سيترجم كتابًا للعربية خلال ثلاثة أشهر وهو غير متمكن من اللغة الانجليزية

  1. أن يختر صاحب الهدف هدفًا عشوائيًا ولا يلتزم به
  2. أن يكون صاحب الهدف غير مؤمن بهدفه
  3. أن يفتقر  صاحب الهدف للتخطيط لما بعد الهدف
  4. أن يشتكي صاحب الهدف من قلة موارده، لا من سوء صياغته للهدف
  5. أن يستكثر صاحب الهدف من الذنوب التي تحول بينه وبين تحقيقه للهدف
  6. أن يستغرق صاحب الهدف بالحديث عما يريد تحقيقه، دون أن يبذل مجهودًا لتحقيقه ويمكن العودة لتدوينة معلمي يونس بن عمارة هذه 

ما هي إستراتيجيات وضع الأهداف؟

يعزو الكثير من المتخصصين بالاستراتيجيات نجاح الأهداف إلى التخطيط الجيد لها ويوجد في هذا الحقل عدة نظريات أذكر منها اثنتين يمكن تنفيذها تباعًا.

الصورة من أكاديمية حسوب

الصورة من أكاديمية حسوب

 نظرية SMART

 طورت في سبعينيات القرن الماضي من قبل جورجي دودجر وروبرت ميرتون، ،"James Cunningham, Arthur Miller, and George Doran"، "There's a S.M.A.R.T Way to Write Management's Goals and Objectives"، هيكلًا قابلًا لتحقيق الأهداف عبر خمسة خطوات فكلمة SMART مركبة من الحروف الأولى للكلمات:

(Specific, Measurable, Attainable, Relevant, Timely)وأنقل هُنا ما كتبه أستاذ جاسم الهارون:

  • الكلمة الأولى: SPECIFIC أو محدد

أي أنك تمتلك التصور الواضح للهدف من جميع جوانبه. وقد يساعدك في ذلك  الأسئلة التالية:

1. ما هو الشيء الذي ترغب بتحقيقه؟

2. لماذا ترغب بتحقيقه؟

3. كيف ستتمكن من تحقيقه؟

4. من سيساعدك على تحقيقه؟

5. أين ستعمل على تحقيق الهدف؟

  • الكلمة الثانية: MEASURABLE أو يمكن قياسه

وهنا يقصد قياس الهدف ذاته، أو قياس درجة الإنجاز، أي أن هدفك يمكن قياسه بكمية. فعلى سبيل المثال؛ لو كان هدفك إنهاء قراءة كتاب من 100 صفحة، حين تصل للصفحة رقم 50 أنت تعرف بأنك قطعت نصف المشوار.

  • الكلمة الثالثة: ATTAINABLE أو يمكن تحقيقه

هناك أهداف مستحيلة التحقق، فمنها ما هو مستحيل إطلاقاً لتعارضه مع القواعد الفيزيائية الطبيعية، ومنها ما هو مستحيل بسبب المعطيات الموجودة لديك.  

فعلى سبيل المثال، لو قال شخص بأنه سيقفز من أعلى برج في المدنية، وسيرفرف بيديه ليطير، فإنك تستطيع القول بأن هذا الأمر مستحيل إطلاقاً. 

وكذلك لو قال شخص بأن هدفه هو الوصول إلى مدينة الرياض من مدينة الدمام (المسافة بينهما تقارب 400 كيلو متر) في خلال ساعة بالسيارة، فأيضاً هذا مستحيل.

لذلك عندما تضع هدفاً يجب أن يكون من الأهداف المنطقية الممكن تحقيقها عموماً، وأيضاً، يجب أن تكون معطياتك أو قدراتك الخاصة متوافقة مع ذلك الهدف.

  • الكلمة الرابعة: RELEVANT أو أن الهدف مهم لك

 هناك أهداف قد تضعها للتسلية أو لإثبات شيء للآخرين. هذه الأهداف إن لم تكن على علاقة بهدفك الرئيسي أو أحد الأهداف المؤدية له فإنها ليست أهدافاً ذكية، ووضعك لها واشغال نفسك بها مضيعة للوقت والجهد.

  • الكلمة الخامسة: TIMELY أو ضمن إطار زمني

الإطار الزمني يعني أن تضع لنفسك وقتاً تبدأ فيه العمل على الهدف، ووقتاً تنهي فيه عملك عليه. هذه النقطة مهمة، فهي تجبرك على معرفة الوقت اللازم لإنهاء العمل على الهدف.

وأُنهي بمثال الأستاذ جاسم الهارون على الهدف الذكي والهدف غير الذكي  

عندما تقول لنفسك: “سأخفف وزني” هذا هدف غير ذكي، ولكن عندما تقول: “هدفي أن أحافظ على الرياضة لأنقص وزني بمقدار 15 كيلو قبل نهاية الشهرين القادمين” هذا هدف ذكي يحتوي على جميع العناصر الخمسة السابقة.

نظرية Hard

طرح مارك مورفي"Mark Murphy " نظريته التي تُعد مُكملة للنظرية السابقة، والتي قدمها في كتابه (مئة بالمئة) "Hundred Percenters: Challenge Your Employees to Give It Their All and They'll Give You Even More"، واحتوت نظريته على عناصر تمثل الأحرف الأولى من الكلمات:

(Heartfelt، Animated، Required، Difficult)

وفصل معاني هذه الكلمات:

  • أن يكون الهدف حماسيًا Heartfelt

حسب مورفي على الهدف أن يعلق صاحبه به، ويشعره بالحماس لكي يستمر في تحقيقه.

  • أن يكون الهدف مشوقًا Animated

تشجع هذه الاستراتيجية صاحب الهدف على تحقيقه حين يكون متشوقًا للوصل إلى نتاج ما خطط له، فمثلًا إن كان يسعى تعلم البرمجة، عليه أن يُشوق نفسه لما سيحدث حين يكون مبرمجًا.

  • أن يكون الهدف ضروريًا Required

على الهدف أن يخدم صاحبه، سواء في عمله أو في حياته لأن الهدف حينما يكون ضروريًا يسعى صاحب الهدف لتحقيقه، وحسب مورفي إن لم يكن الهدف ضروريًا فعلى الفرد أن يحدد هدفًا آخر، وذلك لمحدودية قيمة الهدف عندما يكون لغرض التسلية. 

  • أن يكون الهدف صعبًا Difficult

يدعو مورفي الأفراد إلى أن يضعوا أهدافًا صعبة تُشكل تحدي لهم، لكي تساعدهم على إظهار قدراتهم وتضمن عدم خمولهم خلال السير لتحقيقه.

كيف تحول أهداف سنة 2024 إلى أموال؟ 

يمكن تحويل غالب الأهداف التي يضعها الإنسان إلى أموال، حتى وإن كانت طريقة تحويلها هي بطريقة غير مباشرة، ومثل ذلك الكتابة، قد يرنو المرء إلى تحسين قدرته على الكتابة، ويمكنه من خلال ذلك أن يجني أموالًا إن كتب في هدفه بأنه يريد يكون مدخولًا من الكتابة في 2024. 

وهذا ما ذكرته في الفقرة السابقة عند النظرية الأولى، ولكن هُناك طريقة أكثر جدوى من الأهداف بل وأشمل أيضًا، واقتبس هنا ما استهل به مشعل الفلاحي كتابه "مشروع العمر" حين قال:

"إن الميلاد الحقيقي للإنسان ليس تلك اللحظة التي يخرج فيها صارخًا إلى الدنيا من رحم أمه، وإنما يولد الإنسان في اللحظة التي يعثر فيها على مشروعه".

كتاب مشروع العُمر

إن الأهداف هي الطريقة التي يوجه بها المرء نفسه للوصول إلى وجهةٍ ما، ولكن المشروع هو الطريقة التي يصبُ بها المرء جهده كُله تجاه أمرٍ ما، ويحتوى هذا المشروع ما هو أشمل من الأهداف؛ حيث أنه يُمثل متبغى الله من الإنسان بكونه خليفة له على الأرض. 

فالهدف إن كان التخرج من المرحلة الجامعية، فقد يكون المشروع مشروعًا علميًا، وهو التخصص في ترجمة الأعمال الأجنبية مثلًا لإثراء المكتبة العربية، وإثراء المكتبة العربية هو مشروع يحمل رسالة في طياتها نشر العلم ونفع الناس، وعندما نذكر المشاريع ذات الغايات النبيلة لا يمكننا أن نمضي دون أن نرى مشروع رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أتى رحمة للعالمين وغيرهُ من الرسل والأنبياء عليهم السلام.

ما هو المشروع؟

المشروع حسب الفلاحي هو "عمل تتبناه لنفسك، فتخدم به دينك ومجتمعك، وتكتب به رحلة أمتك في الأرض، وهو في النهاية رسالتك ورؤيتك التي كتبتها لنفسك وتود أن تكون هي بذاتها شيئًا ماثلًا، وحقيقة واقعية". 

ويفرق مشعل الفلاحي بين العمل الذي يفعله المرء وبين المشروع بالنقاط التالية:

  • إن العمل لا يكتسب صفة المشروع، لأن المرء قد لا يختاره بل قد يضطر له، وهذا عكس المشروع.
  • إن المشروع لا يكون مشروعًا إلا حين يستنفر كل طاقات الإنسان وإمكاناته، وهذا بعكس العمل الذي قد لا يُطيقه الإنسان.

كيف تنجح المشاريع؟ 

الأصل في المشاريع أنها تكون من ميول الإنسان وتتوافق مع قدراته وإمكاناته ويكون من ذات الإنسان لا من غيره، وهذا هو الأساس الأول لنجاح المشروع، وأوصي بالعودة إلى كتاب مشعل الفلاحي "مشروع العمر"، كما وأن المشاريع تنجح بوجود المُربي والمرشد فيوجه صاحب المشروع ويختصر عليه عناء الطريق. 

والحقيقة أننا نحتاج إلى مُرشدين ومعلمين، نستقى منهم الخبرة والعلم، وحتى نتعلم منهم كيف نحقق الأهداف ونضع المشاريع، ولا أجد أن في تعلم المرء ذاتيًا نفعًا حينما يُريد أن يسعى لتحقيق غاية تنقُلهُ إلى مكانٍ أحسن، أو أن يتخذ صنعةً تُعينه على إيجاد قوتِ يومه. 

ولا أظن أنه يمكن للمرء أن يجد استثمارًا أفضل في هذه السنة الجديدة من أن يتخذ المرء مُعلمًا ومرشدًا له يأخذ من العلم والمعرفة التي لا تتواجد في الكُتب والدورات.

أخبارًا سارة!

منذ 2016م إلى هذه السنة وأنا أكتب أهدافًا عديدة، دفاتر كثيرة اشتريت لأسجل بها أهدافي، والتي كانت تفتقر للتخطيط الاستراتيجي للأهداف، ولم أمتلك مشروعًا في حياتي، نعم لقد كُنت مثل كثيرًا من الذين رسموا الأهداف وتفاخروا بها دون أن يجتهدوا لتحقيقها، وقد كُنت ممن يتعلم ذاتيًا دون معلم، لأن الوفرة في المعرفة جعلتني مثل الكثير من الناس الذين يظنون أنهم يستطيعوا التعلم دون معلم!

ولكن دعني أقل خبرًا سارًا الآن إنني بدأت بتنظيم ما أُريده أحدد أهدافي وفق الاستراتيجيات التي ذكرتها سابقًا، وهأنذا استثمرت ودخلت رديف لأجد مرشدًا يُعلمني الكتابة وحقيقة أنا سعيدة بذلك؛ هذه السنة كانت رائعة لأنني أخيرًا أصبحت أكتب! 

أوصيك أخيرًا عزيزي/تي بقراءة كتاب مشعل الفلاحي"مشروع العمر"، والذي يمكن في 160 صفحة تقرأ في جلسة واحدة ولكن تأكد بأنك لن تخرج منه بنفس القلب الذي دخلت به.

وأنت عزيزي/تي هل لديكم استراتيجيات أُخرى لكتابة الأهداف؟

ولكن دعني أذكرك بأنه إلى هذا اليوم 27 ديسمبر 2023م فإن القصف والحصار لا زال مستمرًا على غزة، ولا زال العالم واقفًا لم يفعل شيئًا حيال ما يحدث، 81 يومًا والحرب مستمرة، اسأل الله أن يرفع عنهم البلاء وأن يرد كيد الأعداء والمتخاذلين في نحورهم، وحسبي الله ونعم الوكيل.

Nada Abbasشهد2 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة أرشيف ٢٧ البريدية

نشرة أرشيف ٢٧ البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة أرشيف ٢٧ البريدية