سحر البدايات- العدد #٢٩

بواسطة عهد #العدد 29 عرض في المتصفح
النهايات أخلاق.. ولا؟

يلوح مطلع العام الجديد في الأفق وأتذكر أبو نورة وهو يغني «ذكرتني طلعة البدر نور عيونك».

الموادع لحظة حتمية

تطل السنة الجديدة وتحين لحظة وداع العام الحالي، وفي عبارةٍ أخرى يحل وقت تصفية الحسابات، والعودة بخجل للقائمة التي أكلها الغبار وهي معنونة «أهداف عامي الجديد» لننظر بنصف نظرة وعلى استيحاء كل الأهداف التي رصيناه بدافع الحماس والتغيير وتحت تأثير البدايات.

وعلى قدر ما نبغض هذه اللحظة على قدر ما تدفعنا أمام أنفسنا، وقفةٌ جادة نتسائل فيها عن المانع.. وعسى المانع خير!

وعلى العموم ليس الجميع يعيش ذات المشاعر تجاه قوائمهم، بل يوجد من يعود لها بحماس «أبي اشطب بنودها» جراء عامهم الحافل بالإنجازات. لكن السؤال الجوهري: ما الفرق بين الجماعة الأولى والثانية؟ وأين أقبع أنا؟ 

سحر البدايات

تعرف البدايات بسحرها الخاص الذي يأسرنا، فالصفحة الجديدة أنظف لنمليها بدلًا من إكمال صفحة كُتب فيها من قبل، بجانب شعور أن البداية لها رونقها الخاص إذ تتيح لنا الفرصة مجددًا على حد سواء. وبالرغم من ذلك، فليس الكل ينقاد في شباكها وهناك من يفلتر الوقائع ليحدد القادم. 

وعملية الفلترة هذه تتم بدراسة المعطيات الموجودة كـ اللاستطاعة، والمادة، والوقت، والجهد. وكل هدف في القائمة لا يدرس هذه الاعتبارات فهو ضرب من الجنون. فكيف تكتب أنك تود السفر لعشر دول هذا العام وراتبك بالكاد يكفيك لنهاية الشهر؟ وعلى قدر ما يبدو كلامي سلبيًا فإن مرارة الحقيقة هنا تقيك شعور خيبة النهايات. 

*تأرجح افتراضي*

*تأرجح افتراضي*

التأرجح

بين هذا وذاك أترجح، فكنت ممن أكره أن يعود في نهاية العام، ليس حتى نهاية العام بل بعد الإجازة الصيفية. كنت استاء عندما تسأل المعلمة «ماذا فعلتم خلال الإجازة؟» وأكون ممن قضاها بالفراغ. لكن التأرجح أفادني لأصل لبر الإنجاز، أو على الأقل بر السلام.. فكيف ذلك؟

١. أعدت صياغة مفهوم الإنجاز

مفهوم الإنجاز مطاطي وأتمنى لو عرفت ذلك قبل دخول دوامة لوم نفسي. الراحة والرفاهية إنجاز مستحق بعد أوقات العمل الطويلة، الانتهاء من مهمة بسيطة في نظر الآخرين لكنك عانيت فيها إنجاز، أن ينتهي عامك وأنت صامد أمام ظروفك إنجاز، أن تمرك أيامك هادئة كذلك إنجاز. لا يشترط أن تترقى، وتشتري أغلى سيارة، وتفوز بالأوسكار، وتسافر العالم لتكون منجز! فحدّث مفهمومك. 

٢. كنت صادقة مع نفسي

لتفادي الخيبات أصدق مع نفسي فالصدق منجاة المسلم. هل حقًا في استطاعتك الاستمرار في الاستيقاظ كل يوم قبيل الفجر لممارسة الرياضة؟ أم أنك تكتبها من باب ملئ الفراغ في السطر؟ على قدر معرفتك لنفسك ومدى (صملاتك) على قدر ما كنت موضوعيًا في طرح قائمتك. أكمل اليوم مثلًا عامين منذ أن قلت «سأتعلم الأسبانية» وأكملت هذه السنتين وأنا لا أعرف سوى Hola وبضع كلمات بسيطة، عامين لأنني لم أكن عازمة بما فيه الكفاية، لكن هل سأدخل عامي الثالث والهاجس الأسباني لازال يلاحقني؟ 

٣. كتبت عادات بدلًا من العناوين

لو أنني كتبت مثلًا ١٥ دقيقة يوميًا للأسبانية عبر تطبيق Dulingo ومشاهدة المسلسل الأسباني الفلاني ومتابعة معلمي الأسبانية عبر منصات الميديا ربما لما رافقتني هذه اللغة على مدى أعوامي! 

لكن الشاهد أنني طبقت فكرة (كتابة العادات) على عددٍ من الأهداف الأخرى ولاحظت الفرق. فصرت أدق فيما يخص تفصيل الأهداف، إذ اقسمها في فئات، فئة الصعيد العملي والعلمي والديني، ثم أسفل كل فئة العادة التي ستوصلني للهدف، ففي قائمتك تريد الوصول للهدف، والوصول يكون بجملة عادات لا بالحظ أو الصدفة. 

٤- ضمنتها في يومي

كانت هذه الطريقة أحد أهم الطرق التي ساعدتني في تحقيق أهدافي، فبدل توجيه سهامي بعيدًا؛ أفضل الأهداف القريبة، وأضمّن عادات الهدف الجديد في يومي. فبدل قرار «قراءة ١٠٠ كتاب خلال هذا العام!» أضمّن قراءة «١٠ صفحات في اليوم قبيل النوم أو مع قهوة المغرب». فهي عادة تُبنى للهدف، والهدف لابد أن يكون حقيقي ويطبق ولا يستلزم ملايين للبدء أو قوات خارقة! 

٥. لي توقيتي الخاص

أهم عامودٍ بنيت عليه قائمتي أن لي وقتي واقداري ونصيبي.. وللآخرين مثلي كذلك. ومن تخرج العام الجاري ومن تزوج ومن خّلف ومن سافر ومن ...إلخ لم ينل إلا رزقه، ورزقك آتي لا يمنعه أو يأخره أحد. وتأخرك عمومًا في تحقيق هدف لا يعني انعدام فرصته، فعلينا السعي وعلى الله التوفيق والنتيجة. 

٦. كفى الله المومنين شر الجهاد

تهدف القائمة لمساعدتك في تحديد الوجهة والخطوات، ونهاية العام ليست نهاية العالم. ما تبقى منها -حتى لو كان نصفها- رحّله معك للعام الذي يليه فلا يوجد تاريخ انتهاء ولا مكان للوم الذات. فعندما نكتب قائمتنا لا نعلم القادم وصعوباته وانشغالاته، فالنية موجودة والقلب لازال ينبض حيًا ولازال في العمر متسع للسعي. 

ختامًا، لا تدع قائمة أهدافك تحول بينك وبين الدخول بقدمك اليمين للعام الجديد، على الله نتوكل والقادم دومًا -بحول الله- أجمل. 

كاتبتكم المعهودة العازمة على تعلم الأسبانية: عهد 🌷

مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نَجوى عهد، نشرة بريدية اسبوعية اشارككم فيها افكاري وتأملاتي وحتى هواجيسي التي ملّت حبس مذكراتي. جسرًا بيننا تغرّد فيه افكاري بحرية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد