عن الوطن

الوطن أسم يفيد الملجأ والانتماء والحضن والحب والحياة والممات. كلمة واحدة صغيرة تحتضن مسراتٍ كبيرة، وملايين التفاصيل، وبلايين اللحظات والحكايات والذكريات والأغنيات! 

الوطن، كلمة واحدة، خبرٌ مبتدأه رجالٌ يرتحلون تحت القمر، وسيدات يغزلن أحلامه إناء الفجر، في الصحاري الشاسعة يسبحون في فلكها بأفكارهم السامية وطباعهم الخيّره مهتدين بقلوبٍ مؤمنة، ونجوم في السماء لامعة.

كلمة تحمل في طياتها أبياتًا ترتحل مع الأجيال، تنشد صبيةً تحت المزون «المطر جانا واسقى معزانا» فرِحه بقطراتٍ تروي ظمأ المنتظرين. ويردد رجل تحت سجاته «يا طير السعد واهنيك ليا ضاقت عليك الأرض خليتها» ليرد آخر «حنا هلك يا دارنا برد وهجير» حنا هلك لو ضاقت يومًا بنا الصحاري وتعنتت أبلنا وأضنانا الفقر.

هي كلمة واحدة، تبسق منها ثقافة نابضة بالألوان والروح تلون الأيام وكتب التاريخ، مثلما تخضب سيدة أطراف أصابعها، وتخبز أمًا عريكتها. شذاها عذب مثل فوحان البخور صباح الجمعة، وفورانِ الشقراء حزة الغروب. ساحرة كسهر الأخوات في السطوح، ولعبِ الإخوان للفجر البلوت. معطاءة كجدٍ يبقي بابه للضيوف مفتوح، وجيران يبقون البرادات سبيلًا أمام البيوت. دافئة كقبلة تزين رأس الجدة، وعناقًا من بعد غربة. 

ثلاثة أحرف، مرادف حيّ لهُوية تتجذر في أرضها راسية لا تزعزع. هُوية مضمومة بعاداتٍ متوارثة لم يمحها الزمن، كـمداهيل كرمٍ تنوخ فيها الركاب، ولسان عربي يحتار فيه الترجمان.

ما هي إلا كلمةً واحدة تحمل في ذاكرتها أطنان من الحكايات، حكايا أحلام بدوٍ في الحل والترحال نسجت، عن قروم بذلوا الغالي والنفيس لتتوحد الصفوف والقلوب وأطهر الأراضي؛ لتكون أرضًا واحدة، وشعبًا واحد، وربًا واحدًا. 

هي كلمة واحدة، وثلاثة أحرف وملايين القصائد عن بلادٍ واحدة تستحق أن تشد لها العزوم والقوى، تستحق أن يستشهد في سبيلها البواسل، وأن تجرح في بناءها السواعد، وأن تفدى لها الأعمار. أرضٌ طاهرة وشريعةٌ خالصة وقلوبٌ كالجسد الواحد تصطف، لها وإليها تقوم وتبذل.

عمن تضم أطهر البقاع، وترفرف رايتها بالشهادتين، عن مملكتي الحبيبة، وأرضي الغالية، عن المملكة العربية السعودية. 

هو وطني، أربعة أحرف، كلمة واحدة، تفيد الحب، والملجأ، والسعودية.

إلى اللقاء في نشرةٍ أخرى يعتريها الفرح.

كاتبتكم المعهودة التي تتحدى كلماتها لتخط حبها لوطنها الغـــــالي🇸🇦: عهد🌷