رومانسية الحياة |
بواسطة عهد • #العدد 26 • عرض في المتصفح |
لحياة رقيقة
|
|
بدأت خلال الفترة الماضية رحلةً عميقة بإسم (برمجة العقل) إذا أحاول فيها التعرف على نفسي، وأن يكون عقلي وقلبي وأهوائي رهن إشارتي لا العكس. كانت إحدى أهم التمارين أن أعوّد عقلي على تعديل منظوره وأحكامه على الأمور من نظرةٍ سلبية تشاؤمية تسعد الشياطين، إلى نظرةٍ تفاؤلية تُسر بأقل الخسائر وتعدها غنيمة! |
هذا التغيير الذي يدفعني اليوم للكتابة عن موضوعٍ رقيق الطرح، غني المضمون. |
الإتصال بالواقع |
مهما كابرنا -أنت وأنا- في نكران سرقة العمل والهواتف الذكية لحياتنا إلا أنه شعور يشبه الجبل الذي يحجب الشمس لا يمكن نكرانه!بجانب حضرة القلق الذي يسلب العقل منطقه والقلب راحته، نجدنا في دوامةٍ تفصلنا عن الواقع. شعورنا بالقلق المستمر على الغد، تفكيرنا الدائم بما هو بعد الآن، فقداننا للشعور بحواسنا، وموت اللحظة التي جدر بها العيش! وتأطير حياتنا بما نظنه يجب أن يسري علينا مثلما سار على غيرنا. |
هذه الأفكار المستمرة التي أخذت في عقولنا حيزها، وأصبح المنظور متشابه وممل ومتعب. على الأقل، أنا بها تأثرت. لكن للنفس طاقة وللعيش فرصة واحدة، ولخوفي المستمر أن لا أعيش الحياة كما تستحق بدأت بـما يسمونه جموع المرتاحين اللي من الهم خالين: Romanticizing life🪔 |
It's not an aesthetic, but rather a shift in perspective, a way of looking at life that makes it more enjoyable. |
تعديل المنظور |
إن الحديث عن تغيير طابع الحياة نحو طابعٍ رومانسي يحسّن من جودة عيشنا ليست فكرة وليدة اللحظة، إلا أن الفارق هو العزم على التغيير. والتغيير بدوره ليس حبرٌ على ورق، بل نفسًا ترغب وتحث، وعزمًا يدفع نحو الاستمرار وإحداث الفرق. يتبنى مفهوم رومانسية الحياة تقدير كل جوانبها على رأسها أبسط الأحداث. فعندما يراودك القلق على حين غرة، وتهاجمك هموم المستقبل، وتباغتك مهام الغد، يسطع بينهم اتصالك باللحظة نفسها، أو كما نسميها في ديننا «التوكل» إذ تباغت كل هذه السهام بيقين أن أمرك كله لله، عليه نتوكل وإليه المصير. وما أن تبدء في بناء أساس المنظور الجديد، تستكمل بتحلية يومك وروتينك قدر الاستطاعة. إن ما يجعل هذا المفهوم مختلف هو اعتماده عليك وعلى معاييرك في البسطه والسرور، وإعادة إحياء فكرة ألا تربط سعادتك بأحداث كبيرة وجمادات ثمينة، وحثه على تبديل رتابة أيامك ومهامك إلى أوقات سعيدة تغير فيها مزاجك ونفسيتك. ككوب القهوة الذي تشربه كل يوم، أشعل بجانبه شمعة عطرية تضيف «لمسةً سحرية»، والطبق الذي أعتدت على طهيه غير طريقة تقديمه في المرة القادمة، وأما عملك الذي أعتدت على قيامه ساعاتٍ طويلة اكسر ساعاته باستراحاتٍ تتناول فيها وجبة خفيفة تحبها، أو مشية سريعة تشتت أفكارك، وحتى فطورك الذي تأكله كل يوم على عجل، جرب أن تستيقظ يومًا مبكرًا وتعده على مهل. قف مرةً وتأمل الغروب الذي تسرقك العجلة جماله، أو وثق مرةً الشروق الذي يسلبك نومك الطويل سحره. رومانسية الحياة أن تعاود التأصل في لحظاتها البسيطة لا الكبيرة، أن تقف مرة في وجه العجلة والتسرع والأشغال وتقدّر ما بين يديك، بل حتى وتجعلها أولوية لا تقبل التفاوض. |
It's about not waiting around for big, grand moments in your life and those milestones to be able to genuinely enjoy things; because the reality is, our life isn't filled with exponentially incredible things every single day. |
الامتنان |
وفي سياق تقدير اللحظات البسيطة يبزغ نور الامتنان؛ لأنه شريان الحياة السعيدة وسرّ سرورها. والرضا بدوره مرداف للامتنان، يقول النبِيُّ ﷺ: إِنَّ عِظَمَ الْجزاءِ مَعَ عِظَمِ الْبلاءِ، وإِنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوماً ابتلاهُمْ، فَمنْ رضِيَ فلَهُ الرضَا، ومَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. رواه الترمذي |
فالرضا والامتنان لكل أحوالنا بكل أشكالها ليس فحسب سنة نبوية بل قاعدة كونية، ويختار الإنسان منظوره وفق ما يرجو من حياته. هذا الامتنان عن لحظاتنا البسيطة والنعم التي غفلناها يجعل من الحياة مكانًا صالحًا للعيش. |
ارتدي الامتنان كالعباءة وسوف تغذي كل ركن من أركان حياتك. |
ختامًا، رومانسية الحياة لا تقوم على بهرجاتها وأثمن ما فيها، بل هو منهج حياتي يبحث عن الرضا ويحث على الامتنان، ويسعى لخلق لحظاتٍ ممتعة في أبسط التفاصيل وأيسر السبل. |
إلى اللقاء في نشرةٍ آخرى نبرمج فيها عقولنا على حب حياتنا بما حملت. |
كاتبتكم المعهودة التي تسعى للرضا: عهد🌷 |
التعليقات