ابتذالات النموذجية - العدد #21

بواسطة عهد #العدد 20 عرض في المتصفح
نشرة لخاطر الإيميلات المتكدسة

إن دافعي الأوحد عندما انشأت نشرتي المعهودة أن تكون مساحة أغرّد فيها بحرية، وفي حضرة كل مشتركٍ جديد تعتريني نشوة الحماس في تقديم الأفضل وكتابة الأحسن وطرح الأفضل حتى وقعت في شباك "ابتذالات النموذجية".

قبل فترة ليست ببسيطة أصبت بكرهٍ شديد للزخرفة الكتابية واستعراض كل الموهبة "القلمية" في نصٍ واحد، ولو كان للنص هذا روح لتقيأت كل الحروف! وحتى أنني صرت اشعر أن الكتابة تتقيأ عفويتها وأن خلف كاتب النصوص المزخرفة روبوت ذكي رصّ المفردات رصًّا. وهذا حقيقةً ما دفعني للتخاذل عن الكتابة والغياب -احيانًا- عن النشرة إذ يلعب فيني هاجس النموذجية والكمال وعمّا إذا كانت نشراتي تستحق الطرح حقًا؟ أم أن مسوداتي أستر! 

*محاولات بائسة للتحكم*

*محاولات بائسة للتحكم*

شباك الزيف

إن هاجس النموذجية لا يقتصر على الكتابة، فالنموذجية والمثالية مدسوسة في كل أطراف الحياة وجوانب المواضيع. وأظن هذه النموذجية ذاتها هي التي تقودنا لتقيأ العفوية؛ إذ أن كل شيء لابد أن يكون على أكمل وجه، حتى احلامنا يجب أن تكون نموذجية، وخططنا مثالية، وتصرفاتنا كمالية. كل خطوة يجب أن تكون معنونة ومفصلة. إن شكليات النموذجية الطاغية تدفعنا للروتينات القاتلة في زعم "التطور". لا أعرف كيف أتطور واتحور لنسخةٍ أفضل وأنا اغرق في متطلبات الحياة اليومية وطموحات النفس الخيالية. إن البحث عن كنز الكمال وهم وركض خلف السراب. واسوء من ذلك إن كان هذا الكمال طريقة عيش وإستراتيجية تعاملات!.

منذ أكثر من سنتين ارأس ناديٍ طلابي، لا اناقش فيها القضايا السياسة ولا أحل خلافات الأمة، ولست مخولة للانخراط في اجتماعات الكوارث العالمية إلا أن بعض "البروتوكولات" مفروضة فرض يسأم المرء من ذاته! إن عدد الإيميلات التي ارسلها تكاد تفوق عمري، وعدد الإجتماعات تكاد تسرق وقتًا من عمري، كلها في سبيل إقامة فعالية لمدة ساعتين أو ثلاثة. ثم أضحك ما اذا رأيت نفسي اسأم من هذه الدوامات والموضوع يفترض يكون "سهالات"، واتسائل عن كيف سيكون الغد الذي الإيميلات والاجتماعات فيه مقرونة براتبي نهاية الشهر. 

وهم النموذجية يسوق بنا للملل، ويسرق منا عفوية الأشياء وبساطة الأمور، ولو نظرنا لحياتنا لوجدنا أن كثييييييييييييييرًا من الأمور سهلة ولكن نحن من نعقدها! إنني مع التنظيم والترتيب وفرض القوانين وسنّ الحدود، ولكنني مع أن يعطى الإنسان مساحته الخاصة ليضفي من حيويته شيئًا للعمل والمكان، واؤمن أن تضييق الخناق وتأطير (من إطار) الإنسان ضمن حدود نموذجية تدفعه للكمالية والمثالية ما تجعل منه إلا شخصًا يلعن حياته ووظيفته. 

كثرة الشكليات ستقود في نهاية المطاف للزيف الجامد البارد، وستجعلنا روبوتات بلا مشاعر واحاسيس، وستؤدي لانفجاراتٍ لا يحمد عقباها. إن زبدة هذه النشرة:

 لطالما تقدر تسهلها..سهلها! ترى الدنيا فسحة فسيحة ما تسوى كل ذا الشدّه(: 

إلى اللقاء في نشرة أخرى لا يكتسحني فيها وهم النموذجية والخوف من طرح ما لا يليق بمقامكم ومقامي السامي(:

كاتبتكم المعهودة: عهد🌷

مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نَجوى عهد، نشرة بريدية اسبوعية اشارككم فيها افكاري وتأملاتي وحتى هواجيسي التي ملّت حبس مذكراتي. جسرًا بيننا تغرّد فيه افكاري بحرية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد