جلجلة عشرينية - العدد #17

بواسطة عهد #العدد 17 عرض في المتصفح
اهداء:لكل من يشاطرني جرعات الروتين المملة

شاهدت فيلمًا عن شاب وشابة ألتقيا في قطارٍ ما، ثم بدافع الفضول والإعجاب تغيرت خطتهم في آخر دقيقة ونزلا في محطة ما في فيينا. إنها افلام غاويه للغاويين، مبتذلة، أي قصةٍ حقيقة عن غرباء ألتقوا ولم تنتهي بمقتل أحدهما؟ واصلًا محرمةٌ هذه الأفعال، مجرّمة، غير مقبولة، عيب، خزي... وآخ لو استطعت أن اعيش ربع تلك العفوية!!!

انا في مطلّع العشرين، آه يا زهرة العمر، مقتبل الشباب، إنني في المرحلة التي يكون ارتكاب الأخطاء تحت ذريعة"طيش شباب"، لدي الحماس والطاقة -على ما أظن- لكنني وبكل البأس، والكأبة، والشفقة لم احظى يومًا بعفويةٍ في تصرفاتي! هل تبديل قرار العشاء في آخر لحظة عفوية؟! أظنني أدركت الحدود المجتمعية قبل قوانين الضرب، وحفظت حدودي الأنثوية قبل جدول ضرب ستة، وتهذبّت على المجاملات الإجتماعية، كيف أتصرف مع عجوزٍ ترمقني بسهام نظراتها، وكيف أقابل سيدةً تنظر إلي "كماسحٍ ضوئي". وكيف اتعشى وكيف اتغدى ومتى انصرف للجامعة، وكيف اشرب قهوتي، ومتى أعود للمنزل، وكيف أضع مكياجي، وكيف أسرّح شعري، وكيف أفعل كل شيء وفق كل شيء إلا العفوية!

أغبط الذين يمسكون حياتهم كحبلٍ في طرف أصابعهم، وليست الحياة من تمسكهم. اغبطهم على تلك النشوة التي تعتريهم عندما يفعلون ما يحلو لهم! لا اتحدث عن تخطي الحدود وكسر القيم وهدم العادات ووووو. بل أن يعيش الإنسان حياته بعفويةٍ وانبساط ولو مرةً واحدة! متى آخر مرة تصرفت عفويًا؟ وكيف تصرفت؟ وماذا فعلت؟ ومع من فعلت؟ 

اتلهف لحياةٍ لا اخطط فيها لليوم التالي، اجري فيها كم تجري الفلك في البحر، كما تعومُ النجوم في السماء. اتشفق ليومٍ اسيرهُ خفيفة بضياعٍ لا اسميه ضياع، بوجهةٍ لا تهمني أين تنتهي! تبدو هذه الأيام والخطط والعلاقات والمتطلبات والمجاملات مملة! تخيّل أن تمر حياتك كلها في هذه الدوامّات! تدور وتدور وتدور. لا مكان لأن تتصرف مثلما يحلو لك. واعتقد لو قرأت والدتي هذه الجملة لـ قالت هذه خطوات أبليس، وهمسات الشيطان، ومداخل الشر، وبدايات الخطيئة. 

ليست خطوات ابليس، ولا همسات الشيطان، ولا مداخل الشر، ولا بدايات الخطيئة؛ إنما أفكار عشرينية تتسرب من رأسها وينبوع قلبها، إلى نظرتي الحياتية نحو حياتي الروتينية. ولست ساخطة وجازعه ومعاذ الله أن أكون عاصية، إنما وتيرة الأيام قد تبدو .. احيانًا.. قاتلة. 

لو كان للجلجلة صورة:

لو كان للجلجلة صورة:

احلامٌ سيريالية

السيريالية أي خيالية، وليست تلك الأحلام بتلك الخيالية المستحيلة، لكن.. لأنها في الوقت الخاطئ فقط تبدو مجنونةً غير لائقة. إن ما يكبح هذه الأحلام وهذا الجموح هو خوفنا أن يقع ما في الحسبان حقيقة، وربما لأنني صبية/شابة/فتاة/آنسة عشرينية  فالحدود على بعض احلامي مرسومةً بالبنط العريض. ولا، لست اتطرق لمنحدراتٍ نسوية، أو أدق باب التيارات الذكورية. إنما ابحث عن ضالتي، في مدونتي التي ارسلها لرقمٍ محدود من الأشخاص. كيف يعيشُ الإنسان بعفوية؟ وما الخط الفاصل بين العفوية و"الفلته"؟ 

العفوية في رأسي أن اركب السيارة بلا وجهة، ثم بلا سابق تخطيط وإنذار امسك خط السفر لمكانٍ لا اعرفه، ثم أجد بالصدفة هناك مطعم لذيذ في زاوية حي هادئ. ولا تربكني حينها اتصالات القلقين علي، ولا تهمني مهامي المتراكمة وقائمتي الطويلة. ثم على سفح جبلٍ عالي، أو في مكانٍ سري اكشفه اشاهد الغروب خلابًا، و اعاود أدراجي، وانضم لدوامّاتي وعواصفي وقد هدأ جزءٌ من افكاري. ربما أعرّف العفوية على أنها التخطيط بلا قلق الفشل، وداء الهلع، وهمّ التبرير، وجلجلة الأفكار، ومأساة البرهنة. كذلك أظن وعلّ ألا يكون ظني آثم! 

وأنت، كيف هي حياتك "العفوية"؟ وكيف تبدو هذه الكلمة الشيقة في قاموسك؟ وهل فكرت قط مثلي أن روتينك اليومي يجعل من حياتك مملة؟ شاركني ما تظن في حسابي الغير عفوي في تويتر @aaqq_22 .

إلى اللقاء في نشرة أخرى.

كاتبتكم -التي تعاني من جلجلة أفكارها وروتين أيامها- المعهودة: عهد.

مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نَجوى عهد، نشرة بريدية اسبوعية اشارككم فيها افكاري وتأملاتي وحتى هواجيسي التي ملّت حبس مذكراتي. جسرًا بيننا تغرّد فيه افكاري بحرية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد