صحوة الحب - العدد #13

بواسطة عهد #العدد 13 عرض في المتصفح
هناك صحوة معرفية، دينية، وحُبيه!!

الحب، أحد أنقى المشاعر، قد يبدأ عندما يولد الإنسان أول مرة، أو قد يشتعل بشرارة فجأة، قد يكبر مع الشخص، قد يلقاه متأخرًا، قد يجده خلف الرف، بين الكتب، تحت السجادة! المهم أنه موجود دائمًا كنبعٍ عذب يسقينا ويقينا مأسي الحياة. ولعلمك إن أكثر الأمور سطحية هي تسطيح الحب وتوجيه دومًا نحو الحب الرومانسي. والحال أن كل ما يأنسه ويألفه القلب فهو حب.. أو على الأقل هذا تعريفي أنا. 

*قلبين سواء في الهوى ذايبين"

*قلبين سواء في الهوى ذايبين"

أين رأيت الحب؟

إجابتي أنا.. لا أعلم. ربما الحب أول مباراة "اتذكرها" شجعتها مع والدي، أو المرات التي خبزت فيها والدتي "تشيز كيك توت"، ربما المرات التي تسللت فيها وأنا صغيرة للمطبخ لأفتح الثلاجة وأكل، أو المرات التي كنت أذهب مع أختِ البقالة المجاورة لنشتري "ايس كريم ابو خمسة". ربما عندما جربت طعم الصداقة في ساحة اللعب في الروضة وتعرفت على أول صديقة في حياتي والتي لا أذكر منها اليوم سوى أن اسمها غيداء. ربما لقيته عندما قرأت قصة النبي صلّ الله عليه وسلم أذ فرش ردائه لتجلس عليه صديقة خديجة ويستذكر معها حبيبته وزوجته. ربما رأيته عندما قرأت لخالد الفيصل وهو يقول:

"ليت العمر يهدى، أبهديك عمري.. تستاهل الأيام يا زهر الأيام"

وعلى كل حال، كلما كبرت ظننت -بجهالة- أن "الحب فقط عطاء" يتمثل في الهدايا، في العطايا والهِبات، إلا أنني يومًا ما قرأت تغريدة عابرة اصابتني في قلبي وسببت لي صــحــوة الــحــب!! إذ أن الحال هو أن الحب لغات! وترجمتها تساعدك لتتعرف على من حولك، فمثلما تعج الألسنة بلغاتٍ مختلفة فالحب كذلك مختلف! تجيبك هذه المعرفة أن فلانًا من الناس لا يكرهك! إنما حبه هكذا، وفلانة لا تتجاهلك! إنما تعبر عن مشاعرها لك بهذا.. سأسرد لكم أنواع الحب الخمسة، جِدوا لغتكم فيها، وأوجِدوا أحبابكم من خلالها! 

١- تقديم الهدايا

"تهادوا تحابوا"

وهذا أول أنواع الحب التي لمستها، وأكثر مفهومٍ منتشر عند الغالبية. يقوم معتنق هذا النهج على تقديم الهدايا، ثمينةً أم عادية! يحب أن يهديك بمناسبة أو بدون! أتذكر فيها والدي عندما كنت صغيرة وأتلهف عن الباب ليحضر لي معه عصير.. في كل مرة يهديني. حتى القهوة التي تعزمك عليها صديقتك هدية! فالبذل من أجل أحدهم هو طريقة للتعبير عن الحب، عن الاهتمام. كم الأشخاص في حياتك الذين يعطونك بكرم، باستمرار، بحب؟

٢- الكلمات والإطراءات

معسولي الكلام، رقيقي القلب واللسان، عذبين المنطوق. هؤلاء الذين لن يواجهوا من حولهم ريبة "هل يحبني؟" فهم يعبرون دومًا عن ذواتهم وأنفسهم، يدعمونك دومًا لأنهم يعلمون تأثير الكلمة حقًا. في الشدة تلقاهم يقولون "أزهل، على يمينك، آمر وتدلل" وفي الرخاء "ابشر، من عيوني، تآمر آمر". وقد يكون له وجهٌ آخر، شحصٍ -بسابق المحبة- يتحداك دائمًا، يضحك معك وعليك، يمازحك بالقول باستمرار. وعلى تعدد أنواع الحب إلا أنني أظن هذا اقواها، تتجوع الآذان لسماع طيّب الحديث وحسن الكلام فمثلما قال شاعر المليون محمد بن فطيس:

"ويبخل لسانك وأنت للسمع طماع!                  والبخل في سلم المحبين ممقوت.. الحكي قوت السمع.. ومسامعي جياع..  ومسامعي ماتت من الجوع للقوت". 

وأقسى ما قد يحمله كاهلنا كمخلوقاتٍ رقيقة خلقت من طين هو أن تصيبنا كلمة سوءٍ تجرح القلب وتدمي الفؤاد.

(وَلَو كُنتَ فَظًّا غَليظَ القَلبِ لَانفَضّوا مِن حَولِكَ)

سورة آل عمران، الآية ١٥٩

٣-الإتصال البدني

هذا النوع من الحب الذي يحتاجه الأطفال والكبار لتجرعه يوميًا. يعتمد المحبون في هذا النوع على الإتصال الجسدي الدائم، فيعانقونك، يمسكون بيدك، لا يفكون عيناهم عن عيناك. إنهم يفيضون بالحنية في كل مكان. من اضاء في قلبك عندما قرأت هذه اللغة؟

٤- قضاء الوقت

واعترف.. لم أكن اعرف عن هذا النوع من قبل وهو حقًا ما فاجئني. جاء فورًا على بالي أخي الأكبر، إنه الرجل الذي ستجده-صيفًا وشتاءً- ينظم الطلعات، هو من يشعل النار في ليالي الشتاء، وهو من يشغل منقل الشواء في كل الليال، هو الذي ينظم سفراتنا، أذكرنا صغارًا كان هو من يشتري (الشيبس والعصير) كل مرة لنتابع فيلمًا. تعرفت معه على طارق العلي من المسرحيات التي كان يشغلها مائة مرة، وعرفت منه عادل إمام واللمبي من كثر إعادتهِ لها ألف مرة. ليس الذي سيعانق، وليس الذي لسانه عسل إلا أنه من سيكرس وقته لغيره!! وهذا ما أصابني في المقتل حقًا، أن يكون انسانٌ ما يعبر عن حبه باستمرار إلا أنك تجهل ذلك لأنها لغةٌ لم يسبق لك معرفتها! فكر كم مرة خبزت لك أختكم كيكة الليمون؟ كم مرة خطط صديقك لسمراتٍ على البحر؟ أو في طرف وادي؟ كم مرة استأجر خالك (شالية) لتقضون وقتًا؟ كم مرة حملت بنت عمتك السماعات لتشغلون كل أغاني عبدالمجيد؟ هذا هو كله تكريس وقت..هذه طريقة يعبر المحبوب من خلاله أنه "يهتم لك". خذ نظرةً على ذاكرتك وتذكر كم شخص في حياتك يحرص على قضاءك وقتًا ممتعًا ومريحًا لكنك لم تعلم أن هذا هو حبه!؟

٥- الأفعال

إن كان الكلام مثلما ذكرت سابقًا (أقوى الأنواع) فالأفعال في نظري أجلّها! نؤمن أن الحب "قول وفعل". فكيف تحب احدًا ولا تقف معه في اسوء أيامه، أو لا (تفزع) له وأنت قادر؟ ولا يقتصر على الأحداث العصيبة والأيام السيئة، إنما مد يد المساعدة بشتى الطرق قدر الاستطاعة. ابلاغ صديقتك بمحاضرة اليوم وواجبات الأمس، وقوفك مع والدتك في المطبخ، مساعدة عابر سبيل انقطع به البنزين، صدقتك على محتاج، دخولك لمنصة إحسان الوطنية والتبرع، إعادة نشر تغريدات الاستنجاد. كل ما يدفعك قلبك نحوه عارفًا أن بيدك الفارق حتى لو كان الاحتمال ضعيفًا فهو ايضًا مساعدة. 

*أبيات فارس خوري لزوجته التي حلمت يومًا أنه يخونها*

*أبيات فارس خوري لزوجته التي حلمت يومًا أنه يخونها*

وعمومًا، كان ولازال هذا الكائن البشري متحفظ عند مسائلة "القلبية"، وقد يصعب علينا كثيرًا أن نترجم أفعاله وأفعالنا نحن أيضًا، إلا أن الحب يجد طريقه نحو القلب، والقلب يعرف بحق الحب عندما يلّوح له. أنا أقول دعونا لا نؤاخذ الغير بأخطاء الغير ونعطي أفئدتنا فرصة لتتجرع الحب وأنواعه الخمسة. وأعتقد أن لمن دواعي الحزن أن نموت يومًا كالجبناء خائفين أن نقترب ممن نحب بدواعي الخوف والحذر، إن الذي خلق هذه الروح وهذا القلب كفيلٌ بهما طالما كان الإنسان على ربه متوكلًا. 

ختامًا، لعل الحياة سهلة ونحن من نصعبها..من يعلم؟ 

إلى اللقاء في نشرةٍ آخرى! 

كاتبتكم المعهودة: عهد🌷

HaifaMahmoud Emad2 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نَجوى عهد، نشرة بريدية اسبوعية اشارككم فيها افكاري وتأملاتي وحتى هواجيسي التي ملّت حبس مذكراتي. جسرًا بيننا تغرّد فيه افكاري بحرية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد